أطباء متخصصون لصحيفة 14 اكتوبر :
لقاءات / محمد الدبعي على مدى أربعة أيام في الفترة من( 25 - 28 ديسمبر2010م) يجري تنفيذ حملة للتخلص من مرض البلهارسيا في(38) مديرية بمحافظات (صنعاء- ذمار- الضالع- المحويت- ريمة- حجة)، وتهدف إلى معالجة ما يزيد على(2,7)ميلون مواطن ومواطنة من المصابين وغير المصابين بالمرض، صغاراً وكباراً على السواء من عمر(6أعوام فما فوق).عدد من الأطباء والمعنيين بوزارة الصحة العامة والسكان أفادونا حول مشكلة البلهارسيا، الحقائق والمعلومات عن هذا المرض وخصائصه وما يشكله من خطورة على الإنسان وأهمية حملات المعالجة بمعية تفعيل إجراءات وتدابير الوقاية.[c1]الإصابة[/c]وفي إشارة إلى آلية العدوى التي يستطيع من خلالها الطور المعدي للبلهارسيا اختراق جلد الإنسان في المياه، يقول الدكتور عبدالحكيم الكحلاني مدير الترصد والاوبئة بوزارة الصحة العامة والسكان : « تخرج بيوض البلهارسيا بنوعيها البولي والمعوي من قبل شخص مصاب أو أكثر عن طريق البول أو البراز وعند طرحها في المياه العذبة الراكدة أو البطيئة الجريان أو على مشارفها بالشكل الذي يمكنها من الانجراف مباشرة إلى هذه المياه، تخرج من هذه البيوض (مهيدبات) تنطلق باحثةً عن العائل الوسيط (القواقع المائية) لتدخلها وتتكاثر فيها لتخرج منها بعد ذلك على هيئة مذنبات (مشقوقات الذنب)، وبأعداد هائلة جداً تقوم بالانتشار في المياه باحثة عن ضحية جديدةً». وأوضح « تستطيع هذه المذنبات التي تشكل الطور المعدي للمرض أن تخترق الجلد عبر الأنسجة الرقيقة، وهي تعيش من يومين إلى ثلاثة أيام وتعتبر الطور المعدي للإنسان».وأكد د. الكحلاني أنها إذا ما دخلت إلى الجسم تبدأ بالسريان عبر الدم للأعضاء والأنسجة المختلفة ولا تلبث أن تستقر في الكبد حتى تصل إلى مرحلة النضج . وبالتالي تهاجر عبر(الوريد البابي) إلى منطقة الحوض ، وغالبا ما تحل في القولون والمستقيم في نوع البلهارسيا المعوية أو في المثانة البولية بالنسبة للنوع البولي، أي بحسب نوع طفيلي البلهارسيا المهاجم، الذي يغزو جسم الإنسان.وأشار إلى أن ذلك كله يستغرق ما بين ( 4 - 6 أسابيع) من بداية الإصابة ؛ ومن الأمعاء أو المثانة يبدأ الطفيلي بوضع بيوضه بأعدادٍ متزايدة والتي تخرج من الجسم عن طريق البول أو البراز، وإذا ما صادفت مياها راكدة أو بطيئة الجريان عذبة أو شبه عذبة- أي ليست مالحة- فعندها تبدأ دورة حياة جديدة بنفس الطريقة التي ذكرتها سابقاً مع ضحايا آخرين، إلى جانب حاملي المرض مسفرةً عن المزيد من الإصابات.واستطرد قائلا « إذن فالإجراء الأهم للحد من سلسلة العدوى تكمن في تجنب التبرز والتبول في المياه سواءً كانت مياه جارية (الغيول أو السوائل) أو راكدة كالبرك والسدود والحواجز المائية طالما أنها مياه عذبة وليست مالحة” . [c1]حالة المصاب [/c]و أوضح د. أحمد علي قائد- استشاري الأمراض الوبائية والحميات (أستاذ الحميات المشارك بكلية الطب - جامعة ذمار) واصفاً الحالة التي يكون عليها المرض : « إن المريض في هذه المرحلة يعاني أعراضاً شبيهة بالزحار(الدوسنتاريا) أحياناً، أي البراز المخلوط بالمخاط والدم ومغص في الأمعاء والبطن وسوء الهضم، وتستمر هذه الحالة مدة طويلة جداً (سنتين إلى خمس سنوات) إذا لم يُعالج المريض ويحس بها، لكنه لا يشك - في بعض الحالات - بأنه يشكو من أعراض تستحق منه الذهاب إلى الطبيب من أجل تشخيص مرضه وتلقي العلاج الملائم، إنما يبدو الأمر في نظرة عادياً، لا أهمية له “ .واضاف :» تشمل أعراض البلهارسيا البولية حرقة عند التبول وخروج دمٍ مع نهاية البول، وآلام في المثانة والمفاصل والعضلات، وضعف عام في الجسم، وأحياناً فقر دم بسبب فقدان المصاب لكمية كبيرة من الدم بصورة متكررة إذا لم يعالج باكراً “ .[c1]مرحلة الخطر[/c]وبعد سنوات من الإصابة بالبلهارسيا تنشأ ما تسمى بالمرحلة المزمنة للمرض التي وصفها د. أحمد علي بقوله: « تشتد الأعراض في المرحلة المزمنة للبلهارسيا على المريض، وخلالها تظهر التقيحات في الأمعاء الغليظة والمثانة والالتهابات الشديدة، وهذا ينسب إلى البلهارسيا المعوية.كما يبدأ طفيلي البلهارسيا عموماً بالانتقال إلى أعضاء أخرى داخل الجسم، مثل الكبد والجهاز المراري وربما يصل به الأمر إلى بلوغ الرئة، حتى أنه - أحياناً- يحدث انسداداً رئوياً » .وأفاد بأنه يمكن جراء هذه الحالة المزمنة أن تتكون تورمات معينة في القولون والمستقيم تشبه البواسير وبدء أعراض مرضية تبدو كأنها بواسير، وكذا تضرر الجهاز البولي على نحوٍ خطير.. هذا كله في المرحلة المزمنة للمرض، وأخطر ما يمكن حدوثه في هذه المرحلة ارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي للكبد عند انتقال المرض إلى الكبد والجهاز المراري، حيث يسبب نزفاً في المريء يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الوفاة.إلى جانب أن البلهارسيا البولية وما تخلفه من أضرارٍ مريعة بالجهاز البولي من شأنها التسبب بسرطان المثانة أو الفشل الكلوي.كما شدد د. أحمد علي على أهمية معالجة البلهارسيا من البداية وعدم تهاون المريض بالعلاج مخافة تعرضه لمضاعفات خطيرة وقاتلة- كالتي ذكرت- ستذيقه الويلات ولو بعد حين ما لم يلتزم بالعلاج ويعاود التشخيص مجدداً بعد انتهاءه منه بمدة للتحقق من زوال الإصابة أو بقائها.واضاف : « باستطاعة ديدان البلهارسيا العيش في جسم الإنسان لسنوات طويلة تصل إلى (26عاماً) وقد يطول بها الأمد أحياناً إلى (40عاماً) إذا قٌدر للمريض العيش “.[c1]المعالجة [/c]لماذا لا يتم معالجة مصادر المياه الموبوءة بالقواقع الحلزونية الحاضنة للطور المعدي للبلهارسيا طالما يعد ذلك بمثابة قطع الطريق على المرض كي لا يهاجم الإنسان ويخترق جلده فيصاب بالمرض؟تساؤل أجاب عنه د. عشيش مدير البرنامج الوطني لمكافحة البلهارسيا، بقوله : « في الماضي استخدمت وزارة الصحة العامة والسكان طريقة المعالجة الكيميائية لمصادر المياه من أجل القضاء على مرض البلهارسيا في أطواره المائية، إلا أن الطريقة أثبتت ضررها، كونها ملوثة للبيئة وتأثيرها يبدو خطير اعلى المناطق والقرى التي تشكل المياه الراكدة فيها المصدر الوحيد لاستعمالات السكان “ .[c1]صعوبات وعراقيل[/c]ويذكر عشيش معلقاً على الأوضاع والعراقيل التي تعترض عمل برنامج المكافحة : « نعاني من شحة الإمكانات، وبالتالي لا نستطيع تنفيذ حملة شاملة حالياً تشمل كل المديريات الموبوءة بالبلهارسيا، وأيضاً تتطلب الكثير من فرق العمل وموزعي الأدوية الذين سيتم تدريبهم على إعطاء الأدوية حيث لابد أن يكون عددهم كبيرا، لذلك كان البدء بهذه الحملات في مناطق محددة على أساس استرشادي لنقيس مدى نجاح التجربة بسلبياتها أو ايجابياتها».وأضاف: « بالتأكيد استفدنا من هذا الأجراء للحملات ونحن نضع النتائج بالاعتبار في الحملات القادمة، بمعنى أن المديريات التي نفذت فيها المعالجة هي عينة استرشدنا من خلالها ما الذي يمكن عمله عند تنفيذ حملة وطنية من قبل برنامج المكافحة لتكون شاملة للمحافظات المستهدفة الموبوء بمديرياتها “ .[c1] الوقاية [/c]من خلال عددٍ من الإرشادات الوقائية التحذيرية ينصح د. أحمد علي قائد : بأن يأخذ المواطنون حذرهم، لاسيما وأن الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن المياه التي يمكن للبلهارسيا العيش فيها- حتى تتأهب لمهاجمة الإنسان- هي المياه القذرة أو العكرة التي تبدو بلون التراب لشدة تعكرها، وهذا غير صحيح، لأن القواقع اللازمة لإكمال طفيلي البلهارسيا دورته المائية تعيش دائماً في الأماكن التي فيها ماء نقي أو شبه نقي.وواصل القول : « لو أن المواطن تمعن وركز بنظره ليرى ما في المياه على (جوانب الغيول أو السوائل) أو السدود أو الحواجز المائية أو البرك، يستطيع أن يرى قواقع (حلزونات)، ومتى تبين له وجودها - أي الطحالب والقواقع - فيجب أن يحاول قدر الإمكان ألا يحتك أو يمشي أو يستحم أو يغتسل أو يسبح أو يستنجي أو يتوضأ، وألا يسقي مزروعاته أو أشجاره بها بالغمر حافي القدمين، وألا يشق قناة منها للري بالغمر فيلامس بقدميه هذه المياه إلا إذا كان منتعلاً حذاءً واقياً للقدمين والساقين لا يسمح بنفاذ المياه إليهما »، مشيراً إلى أن من المتوقع جداً أن تكون هذه المياه ملوثة ينتشر فيها الطور المعدي للبلهارسيا المهاجم للإنسان والذي يسبب له الإصابة لتشكل بعد مرورالزمن- إذا لم يعالج أو أهمل العلاج- تهديداً خطيراً لصحته وحياته .