حدث وحديث
منذ تدشين تجربتها الأولى قبل بضع سنوات كانت المجالس المحلية للمحافظات والمديريات بمثابة الانتصار الذي تأتي للمواطنين اليمنيين, والذي أمكن أهم من خلاله الاضطلاع بدور الرقيب والمتابع الحثيث, وأتاحت لهم الفرصة للمشاركة الفعلية في رسم السياسات وتنفيذها على مستوى الوحدات الإدارية المعنية.وفيما يتطلع المواطن إلى تعزيز دور هذه المجالس استناداً إلى دراسة التجربة وقراءة تفاصيلها فإن البعض من تلك المجالس ونفراً من أعضائها مازالوا يجهلون أدوارهم ويظهرون من الأعمال ما يؤكد أنهم في وادٍ والمهمة التي جاؤوا من أجلها في وادٍ آخر!.ومن أجل استجلاء الأمر والتأكد من حقيقته ما علينا سوى إلقاء نظرة على أنشطة تلك المجالس والممارسات اليومية لأعضائها وسوف نجد البرهان على وجود هذا الجهل الذي تتجسد نتائجه في أخطاء وممارسات غير مقبولة.صحيح أن التجربة مازالت في طور التقييم ولما يشتد عودها بعد ولكن اللوائح والقوانين المنظمة لنشاط المحليات ينبغي أن تكون ذات أثر في تشكيل ثقافة قانونية تبصر كل صاحب بصر وبصيرة بدوره.وإن المتابع لحال بعض المجالس وبعض أعضائها سيلاحظ دون عناء أن المسألة قد تحولت إلى (مشارعة) و (خصومات) مع بعض الجهات ومع المواطنين أنفسهم, فقد أصبح البعض وكيلاً لأجهزة الأمن وبديلاً للبلدية ونائباً عن المجاري ومتحدثاً باسم الكهرباء, أو بعبارة أخرى (فشفشي) يعرف كل شيء ويحمل كل الاختصاصات في حقيبته.. وكل ذلك لأنه حاز ثقة المواطن/ الناخب لتمثيله.وحتى لا يساء الفهم والتفسير فإننا لسنا ضد تفعيل أدوار المحليات في كل الأمور التي تخص المواطنين لأن ذلك هو الواجب المناط بهم والذي انتخبوا للقيام به, لكننا ضد أن يصبح عضو المجلس المحلي طرفاً في كل شيء وغريماً في كل قضية وشأن.نحن مع أن يكون عضو المجلس المحلي حاضراً, فاعلاً, ومتفاعلاً, لكن وفق ما تحدده لائحة الاختصاصات وتقره القوانين.ولا بأس أيضاً في أن يجتهد المسؤول المحلي في إنهاء جدل أو حل مشكلة عالقة بين طرفين, لكن باعتباره (محضر خير) وليس بصفته الأمر الناهي الذي لا أمر إلا أمره.نقول ذلك بعد أن رأينا رأي العين مسؤولين محليين يعملون على فرض أنفسهم على صاحب «العربية» في الشارع وعلى «المقوتي» في سوق القات وحتى على بائع الذرة الشامية «الهند» الذي لا حول له ولا قوة.إنها بالتأكيد حالة تستحق الوقوف أمامها حتى يعلم كل (مسؤول) من هؤلاء حدود دوره وتؤتي العملية كلها على النحو الذي أريد لها.