كتب / أحمد علي عوض من الصعوبة بمكان تناول قضية ما بقصد تقييمها والحكم عليها بموضوعية تامة والتعاطي معها كظاهرة تستوجب الوقوف على أدق التفاصيل التي سبقت ظهورها عبر جميع محطاتها وبمراحلها القريبة والبعيدة لمعرفة العوامل والمسببات التي تقف وراء عمليتي النشوء والظهور معاً في ذات الوقت . حيث أكدت بعض الدراسات الميدانية أن أكثر من ( 50% ) من النساء المحكوم عليهن بعقوبة السجن لاقترافهن أعمال غير شرعية وقانونية كن يعشن في مناخ اسري مضطرب ، وبيئي غير صحي يخلو من كافة مظاهر الحب والمودة والعطف ويغلب عليه التلوث في جوانب التقدير والاحترام ويفتقر إلى التعاون والتضحية يحكي تارة عما يخلفه السلوك المشين للوالدين والأشقاء المصحوب بنظرة الازدراء للفتاة والوقوف أمام رغباتها والحيلولة دون تحقيق احتياجاتها حتى لو كانت مشروعة وضرورية من آثار سلبية بشكل تفتقد معه مظاهر الاستقرار الاجتماعي ويهدد الأمان والإشباع العاطفي عندها . وتارة أخرى يجسد معاناتها من خلال المبالغة في استخدام زوجها للعقاب البدني والمعنوي مما يدفعها إلى ممارسة أفعال جنسية محرمة مع الآخرين بحثاً عن الحب والحنان وانتقاما وتشفياً وكراهية لمن تسبب في إيذائها والإضرار بها حيث وجد بأنها نادراً ما كانت تفعل ذلك لسد الحاجة المادية او رغبة في تحقيق المتعة الجنسية المحرمة .كما أشارت تلك الدراسات إلى أن الحرمان العاطفي عند المرأة المرتبط بثقافة التربية الخاطئة لدى الطرفين ( الأسرة - الزوج ) قد تسبب في رفع معدلات الشعور بالخوف والقلق وانخفاض درجة التواصل الفكري والوجداني مع الوسط الأسري والاجتماعي إلى حد تولد معه حالة من فقدان الثقة والإحساس بالغربة دفعها إلى الانسلاخ من الانتماء الأسري والاجتماعي نتج عنه عجز في إثبات كيانها او تحقيق مركز اجتماعي يعزز من مفهومها كونها محبوبة لذاتها ومرغوبة باعتزاز لدى الآخرين مما اجبرها على اللجوء إلى ارتكاب الأفعال المحرمة . وبعد قضائهن فترة العقوبة خلف القضبان وانتقالهن إلى حياة من نوع آخر يواجهن تحديات أخرى أكثر قساوة تتمثل في عدم اعتراف المجتمع بهن بالاضافة إلى بعض الجهات الأمنية ، فهن وعلى الرغم من تولي وتبني بعض المنظمات الدولية الخيرية عموماً والمنظمة الألمانية على وجه الخصوص لقضايهن وتأسيس مراكز للإغاثة لرعاية المرأة المعترف بها من قبل وزارة حقوق الإنسان في بلادنا والقضاء فإنهن لا يزلن يجهلن مصيرهن وعودتهن إلى الحياة الطبيعية في العمل والزواج نظراً للمضايقات التي يتعرضن لها من قبل بعض العاملين في الأجهزة بدون وجود مبررات مقنعة او وجيهة تمنحهم الحق فيها علاوة على ذلك امتناع أولئك الأفراد والجهات عن صرف بطائق هوية لهن بمقتضى المعلومات المرصودة في محتويات ملفاتهن المقرة والمعتمدة من الأطراف التي سبق وأن ذكرناها .مما فاقم من ازمتهن في عملية الشراكة الفعالة بعملية البناء والتنمية من ناحية وفتح باب الامل امام امكانية الدفع بعجلة الحياة نحو الاستقرار الاجتماعي بما فيه السماح لهن بمحاولة تكوين أسرة مجدداً خاصة إنهن خضعن في المركز وتحت رعاية وإشراف المحامية الأخت / الحريري المستشارة القانونية المدير التنفيذي للمركز للعديد من الدورات التعليمية ( التدريبية والتأهيلية ) وتقويم سلوكهن على نحو يجعل منهن قادرات على مواجهة وتلبية متطلبات الحياة الجديدة . إن حرمانهن من إثبات هويتهن له مخاطر وعواقب تعيق حركة تطورهن وتطهيرهن وينسف مواثيق حقوق الإنسان علماً بأنهن ضحايا ولسن طرفاً في المشكلة القائمة .وعليه فإننا ندعو إلى رفع الخطر عن تلك النسوة اللواتي لايتجاوز أعمار غالبيتهن سن العشرين عاماً والإسهام في استكمال المشروع الوطني والإنساني في تخفيف المعاناة ومنحهن فرصة أخرى تفتح لهن باب العودة الحميدة .
|
تقرير
أوضاع السجينات بعد الإفراج عنهن
أخبار متعلقة