أي وردة ما زالت في أكمامها تنتظر روائح أريجها قد طالتها يد المنون ولم تتفتح بعد، وأي قنديل ينير حياتنا قد خبا نوره في خمسة أيام وانطفأ تاركاً الحياة ظلاماً دامساً يغص فيه الأحبة.لماذا يا منى رحلت باكراً؟؟ ألم تكن الأماني كبيرة والآمال طويلة.. ولم تمر شهور معدودة على مشوار جميل تملأه الأماني المشرقة.. للوصول إلى العلا.. كلية الطب والشهادة العليا.. وأحلام الشباب كلها جمعتها في ثوب أبيض لففت به ودفنتها معك في التراب.لم يا صغيرتي؟؟ ألف سؤال وسؤال تركتها خلفك وخلفتنا جميعاً في دائرة الحيرة والحزن والأسى.وأي أسى يا منى غير آبهة به قد حل بمن رأى قلبها وجهك قبل عينيها.. وعصف بروح أبيك (دون رحمة) ذي القلب المكلوم على فراقك وكنت له حجة المتعزي وضالة الصابي المتصبب بك حباً.. وظل ليالي أربعاً وأياماً خمسة على باب صالة الإنعاش متأرجحاً بين آمال الرجاء وهواجس اليأس.. فقطع الموت آماله وأطفأ أنوارها ونكس أعلامها وأخرس أجراس الفرح المجلجلة بين جوانحه.. حين أبلغوه بأن شمعة فرحه انطفأت في صالة الموت بمستشفى النقيب.وراح الخبر المفاجئ والمفجع ينتشر بين أرجاء العائلة والمحبين.. جمعنا جميعاً حزن رحيلك يا صغيرتي.. على اختلافنا وسما بنا فوق خلافاتنا.. وبقيت أنت يا منى عنوان الألم والحزن والوجيعة التي اعتصرت قلب القاصي والداني.لقد نكثت بالعهد أيتها الحبيبة ولا لوم عليك.. كنا ننتظر التخرج الجامعي من كلية الطب التي تصدر اسمك قائمة طلابها هذا العام وننتظر ثوب التخرج والصورة الجماعية للخريجين ذلك العام المنتظر.ما كنا نتوقع أن ينتقل اسمك من قائمة طلاب وطالبات الجامعة إلى قائمة الوفيات.. وبدلت ثوب فرح الزفاف بأكفان اللحود.. وأطبقت جفنيك الناعسين إلى الأبد.. ومازالت أهدابهما الجميلة مثقلة بأحلام لم تكتمل بعد. ربيع الصبا الزاهر ولى والآمال الطوال قطعتها اعتراضاً بطشة المنون.فأي إصباحات بعد ليلة رحيلك هذه سأرى اشراقاتها البهيجة وبعد أن غيبك الثرى وغابت تلك الابتسامة الحنونة.. واختفت ملامح وجهك الجميل عن عالمنا.تسعة عشر عاماً والعشرون قادم لم تتريثي ولم تودعي.. تركت الجميع دون إذن أو تلويح حتى باليد وبلا وداع.. أليس الوقت باكراً يا منى ؟!!!.
أخبار متعلقة