غضون
* يشيع متعصبون في حزب الإصلاح من التيار السلفي أن اتفاق الدوحة بشأن إنهاء الحرب في صعدة تضمن إقرار الحكومة بحق الحوثيين وأتباعهم في الدعوة للمذهب الزيدي وتدريسه وإعادة المنابر التي سلبها منهم السلفيون, ويقول أولئك إنهم يرفضون الاتفاق لهذا السبب «الخطير»!* أستبعد أن يكون الاتفاق قد تضمن بنداً كهذا, لأن تلك الحقوق مسلم بها ولم يكن الخلاف بين الحكومة والحوثيين عائداً إلى عوامل دينية أو مذهبية أصلاً, ومع ذلك لو افترضنا أن مثل هذا البند قد سطر في الاتفاق, فما الذي يغيض أولئك؟ وأين الخطورة في ذلك؟ فمن حق أتباع أي مذهب ديني أن يربوا أولادهم عليه وأن يدعوا له في حدود الدستور والقوانين التي تكفل للمواطن حقه في حرية الرأي والتفكير والعقيدة .. وهذا الحق يجب أن يكفل للمواطنين الذين يعتنقون المذهب الإسماعيلي, فما بالك بالمذهب الزيدي الذي هو ثاني أكبر المذاهب في البلاد.* وإذا كانت المشكلة التي حدثت في صعدة وترتب عليها كل هذه الخسائر المادية والبشرية, ترجع بعض أسبابها إلى عوامل دينية أو مذهبية, فإن مصدر تلك العوامل هي السلفية التي تعد دخيلة على اليمن, فقد بدأت اكتساحها من صعدة التي تعد رأس المذهب الزيدي ومعقله التاريخي, وكان الهدف الأساسي والجوهري للسلفية – وما يزال كذلك – هو استئصال المذاهب الأخرى باعتبارها باطلة لتحل السلفية محلها باعتبارها مذهب السنة والجماعة والسلف الصالح, وبسبب النزعة الاستئصالية للسلفيين يمكن فهم سبب وجود توترات اجتماعية في بعض المناطق وهي المناطق التي أصبحت للسلفية فيها نفوذ تريد من خلاله قمع الآخر باعتباره رافضياً أو صوفياً أو من أهل البدع.* وبالمناسبة هذا الرأي ليس جديداً, ففي عام 2004م عندما اشتعلت النيران في صعدة قلت إن الحوثيين عندما يشهرون السلاح في وجه الدولة يجب أن يعاملوا معاملة الخارج عن القانون, وأنه يجب الأخذ في الاعتبار أن جزءاً من حل المشكلة يكمن في كبح السلفية التي تمارس الاستئصال ضد الآخر .. وهي تعمل أصلاً لحسابها وليست أداة بيد الدولة لمحاربة الهاشميين والمذهب الزيدي كما زعم كثير من علماء المذهب الزيدي الذين خاضوا في القضية خوضاً غير رشيد, وأضفوا عليها صبغة دينية .. ومن مصلحتنا جميعاً أن نبقي على دولتنا دولة مدنية وأن نواجه اللاعبين بأوراق الدين في الملعب السياسي, أكان ذلك اللاعب حكومة أو حزباً أو شيخ مذهب.