بات واضحا أن دور القبيلة في مكافحة الإرهاب أصبح جوهريا ورئيسيا، ولا يمكن تجاوز مثل هذا الدور خاصة بعد أن أكدت الأيام أن العديد من عناصر الإرهاب تلجأ للقبيلة للاحتماء بها بل ومحاولة القيام بإيجاد سياج للتنسيق والتعاون معها، ولو كان ذلك عن طريق المال وإنفاقه بسخاء بالصورة التي تجعل من القبيلة حاميا مهما لهم في مواجهة الدولة التي تحاول استئصالهم .ولكون القبيلة ودورها في مكافحة الإرهاب أصبح على هذه الدرجة العالية من الأهمية، فإن على الدولة المعنية بمكافحة الإرهاب أن تتجه نحو تعزيز شراكتها مع القبيلة في معركتها هذه وبالصورة التي تجعل من القبيلة إحدى الوسائل المهمة التي من شأنها أن تحقق لها أهدافها في مكافحة الإرهاب وفي زمن قياسي .ذلك أن القبيلة إذا ما قامت بهذا الدور فإنه يستحيل على أي عنصر إرهابي كان أن يسجل حضورا في إطار جغرافي لأية قبيلة لأن شراكتها مع النظام ستكون السهم الأول الذي يستهدف كل عنصر إرهابي إن لم يكن الأساس في مكافحة الإرهاب والتطرف.وتبعا لذلك فإن الدولة التي تطالب الجميع بضرورة الاصطفاف في مواجهة الإرهاب أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى أن تقوم بدور فاعل وإيجابي إلى جانب القبيلة في مكافحته في إطار رؤية ثاقبة تضمن للجميع التخلص منه ومن تداعياته الخطيرة على حاضر ومستقبل الوطن.وأن تكون هذه الشراكة بين الدولة والقبيلة واضحة المعالم معلنة عن كل أهدافها ومبادئها وأن لا تدع مجالا لأي عنصر إرهابي يحاول الاصطياد في المياه العكرة أو استغلال التباينات والخلافات التي قد تطرأ من وقت لآخر بين الدولة والقبيلة.نقول ذلك من منطلق أن الاحداث الاخيرة المؤسفة في مارب جراء مكافحة الدولة للإرهاب، وجدنا القبيلة حاضرة فيها بقوة نتيجة لخطأ ما حدث في رصد تحركات إحد العناصر الارهابية ولكي يمكن للدولة والقبيلة تجاوز كل تلك التداعيات فليس أمامهما سوى خيار واحد هو الشراكة الحقيقية بينهما لمواجهة الإرهاب والضرب بيد من حديد ضد كل عنصر إرهابي يحاول اختراقهما . وإذا ما وجدت هذه الشراكة فإنها ستكون العامل الأساسي والأكثر فاعلية تجاه استئصال الإرهاب، باعتبار دورها محوريا ذلك أن المعلومات التي ستقدمها للدولة ستكون كفيلة بضرب كل بؤر وتحصينات الإرهابيين الذين سيجدون أنفسهم بين كماشتين لا مفر منهما.لكن تعامل الدولة مع القبيلة في مكافحة الإرهاب لم يصل بعد الى الدرجة التي تعبر عن فظاعة وخطورة الإرهاب . أي أن المسألة هنا تعبر عن مصالح معينة بين الطرفين قد تبدو في معظمها مادية، إلا أنها تهيئ لحماية المزيد من العناصر الإرهابية بين أوساط القبيلة وبالصورة التي تعبر عن حاجة القبيلة لاستنزاف الدولة ماديا تحت شعار مكافحة الإرهاب!!وحقيقة، إذا ما تم للدولة التوصل مع القبيلة إلى صيغة واضحة وجلية تحدد موقف الطرفين من مكافحة الإرهاب، فإننا وفي ظل مثل هذا التناغم يجب علينا أن لا نتصور أن العناصر الإرهابية ستكون قادرة على البقاء في الأطر الجغرافية للقبيلة، وأن المسألة وبما تشمله من فظائع ومآسٍ إرهابية لا تحتاج من الدولة أكثر من فترة وجيزة للقضاء على مختلف العناصر الإرهابية . نقول ذلك من منطلق فهمنا لطبيعة وجود العناصر الإرهابية في أكثر من قبيلة حاليا، في الوقت الذي لا تستطيع الدولة الوصول إليهم وتقديمهم للعدالة.. وهي مسألة تبدو اليوم عويصة على الدولة وتلك نتيجة طبيعية لضعف حالة الشراكة بين الدولة والقبيلة على صعيد مكافحة الإرهاب، كما أننا ندرك أيضا أن الدولة إذا ما قامت بمثل هذا الدور الايجابي والفاعل مع القبيلة فإنها ستعزز جهودها في مكافحة الإرهاب والتصدي الفاعل لكل عناصره، وهي اليوم مطالبة بالقيام بتنفيذ رؤية ثاقبة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف المناطق التي لا يؤتمن من خلالها تسرب العناصر الإرهابية، فالمعركة ضد الإرهاب لا تقتصر على البندقية بقدر ما تعني معركة شاملة تحمل رؤية شاملة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الهادفة المستندة إلى التفاعل الشعبي معها في القضاء على كافة البؤر والممارسات المسيئة للوطن والتي تمثل عقبات كأداء أمام مسيرته التطويريةوالتحديثية. خلاصة.. إذا ما ظلت الدولة تكافح وتحارب الإرهاب بمفردها، فإنها لن تتمكن من تحقيق أهدافها دون المشاركة الشعبية الواسعة، وستجد نفسها من فترة لأخرى أمام مشكلات أكثر تفاقما تزيد من زخم العناصر الإرهابية وتضعف من دورها كحامية للمجتمع ومسؤولة عن مكافحة ومحاربة كافة الظواهر المسيئة له.. وبالتالي فإن العلاقة بين الدولة والقبيلة إذا ما استمرت على هذا المنوال دون وجود ميثاق شرف بين الطرفين يحدد بدقة متناهية دورهما في مكافحة الإرهاب، فإن الأمور ستظل كما هي ناهيك عن تزايد آثار وتداعيات الإرهاب ونفقات مكافحته وتكبيد الدولة خسائر في الأرواح والممتلكات، دون أي نتائج فاعلة يشعر بها المواطن قبل غيره من المتابعين والمهتمين بالشؤون اليمنية .وعلى كل حال فإن درامية مكافحة الإرهاب بين الدولة والقبيلة لن يكتب لها النجاح دون هذه المشاركة الشعبية ودون أن تستفيد الدولة اليمنية من تجارب دول عربية استطاعت من خلال إحداثها التحولات الاقتصادية والاجتماعية خلق رأي عام متعاطف مع توجهاتها ومعادٍ بصورة كبيرة لكل ما ينتج عن الإرهاب كالتجربتين المصرية و التونسية .
|
فكر
دور الدولة و المشاركة الشعبية في مكافحة الإرهاب
أخبار متعلقة