واشنطن/14 أكتوبر/أرشد محمد: قال محللون إن الرئيس الأمريكي جورج بوش قدم تقييما متفائلا نسبيا للحربين في العراق وأفغانستان لم يكشف عن مدى الصعوبة التي سيواجهها الرئيس الجديد الذي سيخلفه لتحقيق الاستقرار فيهما. في آخر خطاب له عن حالة الاتحاد أمس الأول الاثنين قال الرئيس الجمهوري إنه خلال العام المنصرم شهد العراق تراجعا في أعمال العنف ومصالحة سياسية متزايدة بين الشيعة والسنة والأكراد هناك. وفي أفغانستان وصف بوش «أمة كانت ذات يوم ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة» بأنها أصبحت تمثل «ديمقراطية ناشئة يذهب فيها الفتيان والفتيات إلى المدرسة وتشق بها طرق جديدة وتقام مستشفيات والناس يتطلعون للمستقبل بأمل جديد.» وفي الحالتين قال محللون إن بوش رسم صورة وردية بشكل مفرط وحذف عناصر رئيسية تهدد استقرارهما. وقال كيرت كامبل المدير التنفيذي بمركز الأمن الأمريكي الجديد «هناك انخفاض ملموس في العنف (في العراق) وهو أمر لا يمكن نفيه ولكن ليس هناك بحق تقدم أساسي يذكر تجاه المصالحة السياسية التي تحدث عنها الرئيس اليوم (أمس).» ولكن بوش نسب الفضل بشكل كبير في تراجع العنف في العراق إلى القوات الإضافية التي أمر بإرسالها إلى العراق قبل عام وإلى تشكيل مجالس الصحوة التي ترغب في التعاون مع القوات الأمريكية في محاربة متشددي تنظيم القاعدة في العراق. وقال كارلوس باسكوال مدير السياسة الخارجية بمعهد بروكينجز إن مجالس الصحوة المؤلفة من 80 ألف عضو سني وتقاتل مع الأمريكيين لم يجر دمجها مع قوات الأمن العراقية ولا تشعر بالثقة في الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة. وهناك عنصران آخران ساهما في انخفاض أعمال العنف وهما قرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة بوقف عمليات ميليشيا جيش المهدي التابعة له وتراجع فيما يبدو دعم إيران للمسلحين الشيعة. ولكن القرارين يمكن تغييرهما وهو ما سيزيد الأمر سوءا. وقال باسكوال «هذا ليس ميزان استقرار يمكن أن يمنحنا ثقة كبيرة.» وقال بوش إنه سيجرى تدريجيا العام الحالي سحب 20 ألف جندي أمريكي إضافي أرسلوا للعراق العام الماضي ليتبقى في العراق نحو 140 ألف جندي. ولم يقدم أي تعهدات بخصوص المزيد من خفض القوات قائلا إن ذلك يعتمد على الأوضاع على الأرض. وذكر محللون أن هذا يعني على الأرجح أن الرئيس المقبل سيتولى الرئاسة وهناك أكثر من مئة ألف جندي في العراق. وفي الوقت الذي أشاد فيه بعمل قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان إلا أنه لم يشر إلى الصدع في الحلف إذ أن بعض الدول الأعضاء معارضة للسماح لقواتها بخوض اشتباكات كما لم يشر إلى تجارة الأفيون المزدهرة أو لزيادة عدد التفجيرات الانتحارية. وأعلنت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة خططا بإرسال 3200 جندي أمريكي إضافي إلى أفغانستان في اعتراف ضمني بعدم حصولها على المساعدة التي كان تأمل أن تحصل عليها من حلفائها ومن ثم ترسل هي القوات المطلوبة. وقال باسكوال «أفضل سيناريو هو أن يكون هناك وضع ثابت في أفغانستان والعراق دون مزيد من التدهور في أي منهما» بحلول الوقت الذي تنتهي فيه فترة رئاسة بوش. وقال كامبل «إذا نظرنا إلى إرث (الرئيس المقبل) سنجد حربين مندلعتين يشارك فيهما 130 ألف أو 150 ألف جندي... أمامنا تحديات كبيرة مع بزوغ نجم الصين وقلق كبير في باكستان وإيران والغياب الكامل للسلام في الشرق الأوسط.»، وأضاف «لا أعتقد أنه (بوش) أوضح بشكل مناسب... أننا في وسط واحدة من أصعب وأكثر التجارب مأسوية في سياستنا الخارجية... وتنطوي على مخاطر كبيرة.» وفي خطابه لم يشر بوش إلى كوريا الشمالية حيث يمكن للإدارة الأمريكية أن تزعم إحراز بعض التقدم. واتخذت كوريا الشمالية خطوات تجاه التخلي عن أسلحتها النووية والسماح بتفكيك منشآتها النووية في يونجبيون. ولم يتحدث كثيرا أيضا عن الشرق الأوسط مؤكدا رغبته في توصل الإٍسرائيليين والفلسطينين إلى اتفاق سلام قبل أن تنتهي فترة رئاسته ولكنه لم يتحدث عن المشاكل الكثيرة على الأرض. وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «كان يأمل أن يسلم نجاحات للرئيس المقبل ولكن كل الأمور التي يهتم بها على ساحة السياسة الخارجية ستمثل تحديات كبيرة لمن يخلفه.»