أفراح صالح محمديشجيني صوته إلى حد البكاء ، وتكشفني كلمات أغانيه ، بل وتسبر أغوار مشاعري المدفونة ، وتكفيني منها عندما يصدح بهذه : « اشتقت لك .. أشتي أشوفك يا حبيبي زي ما كنا زمان أشتي أحس إن الهوى مازال يجمع بيننا وأكثر كمان »نعم ما مات مغنيها وملحنها، وأدام الله عمر كاتبها الشاعر فريد بركات ، وأين نجد مثله بين شعراء اليوم الذي نعيش فيه ؟ وهل يكتبون كما كتب لطفي جعفر أمان ومحمد سعيد جرادة وعبد الله عبد الكريم واحمد الجابري وغيرهم ؟ أين الشباب مما خلف لهم هؤلاء - محبي الحب وقد كان هو الحياة لهم - والدليل إرثهم الجميل من الأغاني والألحان الشجية التي تدغدغ الوجدان، وتسحب الآهات سحباً من أعماق القلب .. ألا ليت الشاعر البرد وني « رحمه الله » كان حياً اليوم لأسأله، كما سأله احدهم ذات يوم في لقاء أدبي خارج اليمن ، سأسأله : هل مازال في اليمن شعراء ؟ !! وإني يقين انه سيرد بالنفي والنفي القاطع . وإن كان هناك من شعراء الزمن الجميل - الذي ولى - من لايزال حياً ليكتب أفضل الأشعار، لكنه وكما قال صاحب كلمات «اشتقت لك» قال: إن وجدت الكلمات الجميلة فمن أين لنا باللحن الجميل والصوت الشجي؟ نعم هو محق، فما يطلبه لم يعد له وجود بغياب الحب من القلوب،لأنه يمنح المرء ملكات غير عادية ، وإن وجدت حالات نادرة من الأصوات الشابة لكنها ذات نفس إما قصير أو طويل يصلح للموال!. نعم ما مات احمد قاسم ولكن جسده الذي مات، وإن كانت روحه قد صعدت منذ سنين إلى باريها، إلا أن خفقان قلبه ما زلنا نسمعه كلما سمعنا أغنية من أغانيه الكثيرة «راح الهوى» «أنت ولا احد سواك»، «حبيبي خائف من الأيام»، «يا حلو يا اخضر اللون» وغيرها ، وكلها من الأغاني التي أختلف بها عن غناء أي فنان آخر .. لا اعلم سبب إختلافه : هل لصوته الرخيم والقوي النبرة وفصاحة نطقه للكلمة أم لروحه الهائمة التي تظللها اللحظة والمكان الذي يصدح فيه صوته شجناً جميلاً ، مؤلماً مفرحاً ، ولا يسع المرء إلا أن يستمع إليه بل ويدندن مع لحنه ، ويردد كلمات أغنيته ، أم هو الحب الكبير الذي يملأ قلب مستمعه فينكأ جراحه المدفونة ، ويرفع للسطح صوت العاشق ليفضحه أمام المحيطين به. كما أن لحن احمد قاسم يدخل الفرحة لتمحو الحزن الراكن في الزوايا العميقة من القلب المكلوم ، كما في « صدفه التقينا» أما في كلمات «ابتدينا» إيحاء ليصبر العشاق على ما أصابهم لان بعد الصبر الفرج ، وفي «ياعيباه» الم وعتاب لمن خان الرابط المقدس ، وفي «أنت ولا احد سواك» عهد وفاء ووعد لحب ابدي .. فأين شعراء اليوم من كل ذلك ؟ وأين من يكتب للحب بلا خوف كما كتب بركات ورفاق دربه ؟ أين من يغزل بأوتار العود لحن حب جميل كما كان احمد قاسم يغزل بأوتار عوده ؟ وهل نحظى بمثله مرة أخرى ، أم نظل نجر «الآه جنب الآه» ؟ لكنني يا ملك العود ، كما قال مثيلك الحزين محمد سعد عبد الله «عنك أنت ما با بديل».
أخبار متعلقة