سلط الضوء على انعدام قدرة الاتحاد علىاكتساب جاذبية بين مواطنيه
بروكسل/14 أكتوبر/ بول تيلور: أوقع رفض ايرلندا معاهدة الإصلاح الخاصة بالاتحاد الأوروبي هذا الكيان في أزمة ثقة جديدة يوم الجمعة لكن دولا أعضاء أخرى تبدو مصممة على المضي قدما في إقرار المعاهدة. وتصويت ايرلندا بالرفض وهي الدولة الوحيدة من الدول الأعضاء ومجموعها 27 دولة التي طرحت معاهدة لشبونة للاستفتاء العام يسلط الضوء مجددا على انعدام قدرة الاتحاد الأوروبي على إكتساب جاذبية بين مواطنيه بعد ثلاث سنوات من رفض الفرنسيين والهولنديين دستور الاتحاد الأوروبي. وانخفض سعر اليورو الذي تستخدمه 15 دولة من دول الاتحاد الأوروبي من بينها ايرلندا مسجلا أدنى مستوياته خلال شهر أمام الدولار لدى ورود أنباء تصويت ايرلندا بالرفض لكنه عوض الخسائر في وقت لاحق أمس. وقال هولجر شمايدينج الخبير الاقتصادي في بانك اوف أمريكا بلندن إن الأسواق المالية تشعر بالقلق من أن يكون الاتحاد الأوروبي يواجه فترة جديدة من الشك في نفسه لكنها لا تتوقع استمرار التأثير السلبي على الاقتصاد أو أسعار الصرف. وتابع «هذا مصدر إزعاج سياسي كبير لكنه ليس قضية اقتصادية مهمة في الوقت الحالي.» وقال انطونيو ميسيرولي من مركز السياسة الأوروبية وهو مؤسسة بحثية إن الاستفتاء أثار أزمة سياسية أوروبية تستلزم قيادة قوية في ايرلندا وفي بروكسل وفي الدول الأعضاء الرئيسية. وفي ردود فعل منسقة دعا قادة فرنسا وألمانيا والمفوضية الأوروبية الدول الأعضاء الأخرى إلى المضي قدما في التصديق على المعاهدة وأن تبلغ ايرلندا قمة تعقد الأسبوع الحالي كيف يمكن أن يرد الاتحاد على مخاوف الناخبين الذين صوتوا بالرفض. وقالت بريطانيا التي كانت أوقفت عملية التصديق الخاصة بها بعد رفض الفرنسيين والهولنديين دستور الاتحاد الأوروبي عام 2005 إنها ستكمل التصديق البرلماني هذه المرة كما هو مخطط بالرغم من المطالب المتشككة التي تطالب أما بإجراء استفتاء أو إلغاء المعاهدة. ويرمي هذا الكرة في ملعب دبلن كي تتوصل إلى مخرج يسمح بأن تطبق هذه الإصلاحات. وتعهدت السويد بالمضي قدما وصرح جان بيير جوييه وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية بأن جمهورية التشيك طمأنت باريس سرا إلى أنها ستقر المعاهدة. واتسم موقف براج المعلن بمزيد من الحذر، غير أن الاحتمال هو أن تقر جميع الدول الأعضاء الأخرى النص بحلول ديسمبر مما يضع ايرلندا تحت ضغط لقبول مخرج أو ضمانات أخرى. وكانت بعض حكومات الاتحاد الأوروبي تخشى أن يضطر رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون الذي يتسم موقفه بالضعف إلى وقف التصديق مما سيبدأ سلسلة من ردود الفعل في دول أخرى متشككة. ويبدو من المؤكد أن نتيجة الاستفتاء الأيرلندي ستثير أسئلة جديدة بشأن فقدان الاتحاد الأوروبي لشرعيته الجماهيرية بعد مجموعة من الاستفتاءات كانت نتائجها سلبية خلال عشرة أعوام في الدنمرك والسويد وايرلندا وفرنسا وهولندا أما بشأن اليورو أو بشأن إصلاح مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وينظر بعض المقترعين إلى الاتحاد على أنه منظمة نائية تهتم بالنخبة على الرغم من المحاولات للترويج لسياسات صديقة للمواطن مثل خفض أسعار مكالمات الهاتف المحمول أو الدعوة لتوفير مواد للطاقة صديقة للبيئة. وقال مفوض أوروبي كبير طلب عدم نشر اسمه قبل الاستفتاء الايرلندي ببضعة أيام «هذا جزء من فقد الاهتمام بالاتحاد الأوروبي. كنا لنحصل على نتائج مماثلة لو أجريت استفتاءات في دول أخرى بالاتحاد الأوروبي.»، ومضى يقول إن بروكسل اعتبرت مسئولة عن كل السلبيات وأصبحت المحور الرئيسي للمخاوف من العولمة. وأضاف المفوض «لن تكون هناك إعادة للاستفتاء في ايرلندا. هذا يعني أن المعاهدة ماتت.» وكان آخرون أقل يقينا بهذا الصدد. واستبعد رئيس الوزراء الايرلندي برايان كوين فيما يبدو خلال الحملة التي سبقت الاستفتاء إجراء استفتاء ثان. وحجم الهزيمة ومسألة أن ايرلندا اضطرت مرة من قبل إلى إجراء استفتاء ثان بعد رفضها معاهدة نيس عام 2001 يجعل الفكرة مستبعدة لكنها ليست مستحيلة. وعلى المدى القصير يعني الاستفتاء الايرلندي أنه سيجرى إرجاء تعيين رئيس دائم للمجلس الأوروبي لزعماء الاتحاد الأوروبي وتأجيل تعزيز منصب المسئول عن السياسة الخارجية. وقال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيضعف على المستوى الدولي خاصة في التعامل مع القوى الصعبة مثل روسيا وإيران لاضطراره للتحرك ببطء على صعيد السياسة الخارجية والمؤسسات الدفاعية المعيبة. والولايات المتحدة التي تأمل بشدة أن تتغلب أوروبا على عشرة أعوام من التمحيص كي تصبح شريكا أكثر فاعلية في مواجهة تحديات الأمن العالمي سيتحتم عليها الانتظار لمدة أطول، غير أن مسئولي الاتحاد الأوروبي يشيرون إلى أن الاتحاد استطاع اتخاذ قرارات فعالة بموجب معاهدة نيس منذ توسيع عضويته من 15 إلى 27 عضوا. وأضافوا أن التشريع المعلق الخاص بمكافحة التغير المناخي الذي يشجع فعالية الطاقة ويفتح السوق الداخلية للاتحاد على مزيد من المنافسة يجب ألا يؤجل بسبب الاستفتاء الايرلندي.