بيان للشعب.. لماذا؟
حكايات جرَّت صانعيها ومحبكيها من اصحاب الخيال الضيق المريض والرؤى السطحية الى متاهات حاولوا من خلالها جر الشعوب فاذا بهم يجدون أنفسهم ينجرون اليها فكانوا بجدارة أبطالاً حقيقيين لمتاهات السياسة والحوار وعناوين عريضة لكل عاصٍ يحاول العبث بنفسه وبأسرته وبمجتمعه ووطنه وأمته.حكايات تعكس فظاعة الارتهان لفكر ضيق حاولوا خلاله تفسير معطيات الداخل اليمني من خلال قراءات قاصرة وجاهلة ومتخلفة لمعطيات الخارج وتصوروا بغباء شديد بانهم قادرون على تحقيق احلامهم وبأن كافة القوى الاقليمية والدولية معهم حتى يتمكنوا من قلب نظام الحكم وان يجدوا أنفسهم على مقاعد النظام ولو كان ذلك على دبابات اوروبية او امريكية او اقليمية المهم ان يتحقق لهم ذلك كما تحقق وهماً وخيالاً وكذباً ودجلاً لامثالهم في عراق اليوم الذي لم ينعم بشيء سوى بالمزيد من انهار وانهار من دماء أبنائه.. حكايات لاتخلو جميعها من دروس قد يفيد منها كل متطلع الى المعرفة في العلوم السياسية بل وفي الثقافة والسلوك الوطني وجميعها لاتقدم إلا الأنموذج الفاشل بجدارة في الممارسة الديمقراطية بل وفي الارتهان لأفكار واحلام لاتستند للواقع بأي صلة.انها حكايات تمثل مادة خصبة لكتاب الحكايات والروايات والروائع المسرحية، تجذب اليها بشدة كل مبدعي كتاب الدراما حتى ينهلوا من هذه الحكايات عبراً في الدروس الوطنية وفي الالتزام بالمثل والقيم الوطنية التي تجد الفكر الانساني.. والتاريخ ما يعطيها متسعاً اكبر لتجسيد عظمة دروس الالتزام للافادة منها وفظاعة دروس الارتهاب للاعتبار منها.نخلص هنا إلى ان احزاب التحالف الوطني الديمقراطي عندما وجدت نفسها محاطة بحالة من السخرية الشعبية العارمة لاستمرارها في حوار ممجوج وفي حركة الدوائر المغلقة العاجزة عن السير قدماً باتجاه الاستغلال الامثل لممارسة الديمقراطية قررت وبروح ديمقراطية اللجوء الى الشعب صاحب المصلحة الاولى من أي فعل وطني كما اسلفنا.إذاً خطوة عبر عنها بيان هذه الاحزاب الذي تلاه صادق أمين ابوراس الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام أمام مختلف مندوبي وسائل الاعلام في رسالة لم يكن الهدف منها الخارج بل الشعب الذي حددته هذه الاحزاب كطرف اكبر وأعظم تخاطبه وتشكو له ما وصلت اليه البلاد والعباد جراء ممارسات غير مسئولة تحت شعار الوطنية والحوار الوطني وتحت عناوين لاتخلو من الترويج لكل ما هو وطني..ولاريب في ان بيان احزاب التحالف قد حمل في طياته تعبيرات ومفردات تدلل على ان الوطن وتجربته امام مفترق طرق اما السير باتجاه المستقبل الافضل وإما العودة المنكسرة لكل تداعيات الماضي وآثاره التدميرية التي مازالت- للاسف الشديد- تجد اليوم من ينفخ فيها النار بهدف إلحاق اكبر خسائر بالمجتمع وجره الى الصراع الدامي الذي تحمل الشعب اليمني بسببه وعبر مراحل عدة من تاريخه الكثير من الضحايا والاهدار الكبير للامكانات التي كان بالامكان توظيفها فما يعزز من مكانة اليمن الحضارية.وبالعودة هنا الى مضامين هذا البيان الموجه الى الشعب وإلى مختلف قواه الحية نجد انه كان من الموضوعية والمنطقية ما جعله بياناً محترماً في روحه واسلوبه وعظمة حيويته الحضارية وفي تعامله ومخاطبته مع الشعب ويتجلى ذلك في إشارته الكاشفة والواضحة لكافة العراقيل والصعوبات التي لاتزال تعترض مسيرة الحوار الوطني وتمثل تحدياً حقيقياً لابد للوطن من تجاوزه.وكم كان ذلك البيان في شكواه إلى الشعب قادراً على هز وجدان ومشاعر اليمنيين وهو يسرد كل محطات التنازلات التي كان للقيادة السياسية بزعامة فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام أن قدمها لاحزاب المشترك بهدف تشجيعها وشدها الى المزيد من الممارسة الديمقراطية في اطار من الحوار المسئول، وكم كان عظيماً ذلك البيان والموقف العظيم المدون في ثناياه والذي حرصت القيادة السياسية ومنها احزاب التحالف الوطني الديمقراطي ان تسجله بأحرف من نور وهو يسرد وبشموخ كبير هذه التنازلات ابتداءً من الموافقة على التمديد لمجلس النواب ووضع كل القضايا على طاولة حوار يشارك فيها أطراف الحوار بصورة متكافئة وان يقدم فيها تنازلاً اكبر يتمثل في تشكيل حكومة وطنية وتشكيل لجنة الانتخابات من الاحزاب.. الخ من التنازلات التي مازالت المعارضة في العديد من الدول العربية تحلم بها بل وتعدها من المستحيلات.ولاريب هنا ان اللجوء الى الشعب ومخاطبته لم تكن للعب بعواطفه ومشاعره وانما كانت بمثابة لحظة تاريخية كان ينتظرها الشعب بعد ان سخط بقوة وعنفوان على القيادة السياسية لعدم قيامها بهذه الخطوة بل وحملها مسئولية الارجاء لها واعتبر ان وقوفها الى جانب احزاب المشترك دون حسم لحالة العبث الحواري بمثابة تشجيع لهذه الاحزاب للمزيد من ممارسة الفوضى، الأمر الذي دفعها الى ارتكاب حماقات اضرت كثيراً بالحاضر والمستقبل اليمني والى حدود اختلط معها الحابل بالنابل في وطن الايمان والحكمة.. فأحزاب المشترك اصبحت في ظل اللا وعي واللا مسئولية لاتميز الغث من السمين وباتت تدافع عن قتلة ومجرمين وقطاع طرق بل وذهبت اكثر من ذلك الى التشكيك في كل ما تقوم به الحكومة من دور وطني مسئول في مكافحة الارهاب والقضاء على التمرد وكذا الدفاع عن الذين ذهبوا بعيداً الى عهد ما قبل 22 مايو 1990م، يستعيدون فصول الماضي المأساوي وكل ذلك لاشك قد شجع احزاب المشترك على ارتكاب المزيد من المناكفة السياسية كنتيجة لقراءة غير منطقية للمعطيات وعلى رأسها بالطبع المعطيات والتحولات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة اليمنية.وخلاصة، إن لجوء احزاب التحالف الوطني الى الشعب والشكوى له بمرارة عما بات يعانيه الوطن وما يتحمله كل يوم من خسائر فادحة على حساب اقتصاده وفرص الاستثمار فيه ومكاسبه السياحية ممارسات غير مقبولة.