لوحة باهرة للموت يرسمها لطفي امان !!
ان الذين يخافون من الموت شرائح من البشر اثقلتهم الذنوب .. او تسحبهم اطماعهم وجشعهم سحباً الى بؤرة الحياة !!دخلت علية منزله.. كان في غرفة النوم مضطجعاً مفتوح العينين وينظر الى السقف في شرود ذهني طويل ويداه مستقرتان على موضع القلب من صدره .. القلب المريض الذي غنى للحب بكل الوانه وشقني لطفي بنظره خاطفة واستمر في شرودة مومئاً لي بالجلوس وكأنه احس بسؤالي عن صحته .. قال :-قلبي .. لم يعد ذلك الطفل الحبيب النزق الذي يسابق الريح ويتأرجح بحبال المطر ويهز ضحكاته بالرعود !!قبل ان تأتي تدري ماذا كنت ارى؟! .. ماذا كنت أشاهد في شرودي ؟ كنت في جنازة غريبة جداً..نعش صغير مسربل بالحرائر الملونة. مثقل بالزهور تتساقط عليه أعمدة رهيفة من الضياء.. نجوماً هنا وهناك .. وتحملة أشكال غريبة ضبابية ناصعة البياض!!لا ارى منها سوى اجنحة تتهاوى .. تبرق فيها حبيبات كاللؤلؤ ويتارجح النعش في طريق سابحة بالنبت الاخضر فياضة بالعطر اصطفت على جانبيها قياثر ومزاهر تعزف عليها بخفوت بلابل واطيار .. وتحف بالنعش وجوه اغرقها ولكنني رسمتها يوماً في عالمي الذي بنيته على قمة المثل .. ويتهادى النعش الى مثواه الاخير .. وفيه قلبي !!وفجأة .. ينسكب شلال من الظلام .. ثم يتحجر وينطفىء صوت الحياة صوت قلبي الى الابد !!وكأنما انهى الشاعر المبدع رسم لوحة باهرة للموت .. التفت الي وقال : هل تعرف .. في رايي ان امتداد الحياة بعد سن الاربعين يعني تسخير العقل لكد ذهني محضى وعزل القلب مسافات بعيدة عن الاستماع المطلق بنصيبه الفياض من رقصات الحياة !!ثم ان العبقرية النادرة هي التي تذبل وهي تجتاز عتبات الاربعين ولا اعرف معنى لاي شيء بعد لموت . حتى الذكر !!.. الذكر سحابة عابرة تفلتها بعض الفصول في بعض الاحايين!!.. لاشيء يبقى للانسان بعد الموت .. حتى امجاده ومآثره، لو بقى منها شيء او أشياء ، لاتحمل نبضات قلبة .. وإنما اظيافاً وملامح تبهت مع الزمان!!بعد ايام قليلة سأسافر الى القاهرة لاجراء اخر عملية جراحية لإزالة غشاء القلب.. عملية صعبة، ولكن معنويتي عالية جداً .. ان الذين ياخفون من الموت شرائح من البشر اثقلتهم الذنوب او تسحبهم اطماعهم وجشعهم سحباً الى بؤرة الحياة!!وضغط الشاعر المريض على موضع قلبة وقال :-آه .. قلبي يؤلمني .. وتنتابني نوبات حادة مباعته..احياناً يكون الالم ابتسامة رقيقة هادئة مسترخية في ارجوحة من الامل لاتؤثر فيها الاعاصير!!وابتسم لطفي ( ابتسامة الالم) وقال لابن اخية الصحفي الكبير علي عبدالله أمان:صدقني .. كلما انظر الى ورائي .. تغمر الراحة كل جوانب نفسي .. فما عملت في حياتي للاخرين الا الخير..اما وطني .. فقد حملت الامه وآمالة وكنت اصعد به دائماً الى مدارج الشموس !!.قال له علي أمان :صدقني .. ان كثيرين جداً يدعون لك بالشفاء ويحبونك.. قال لطفي:لإنني وزعت عيهم قطعاً من نفسي !!