د. زينب حزاملم يكن إيقاع اسم الكاتبة اليمنية فاطمة رشاد هو الذي يجمع بين إبداع المرأة اليمنية في مخيلتي دائماً وبين قوة التعبير عند الكاتب اليمني وقدراتها الفنية وإنجازاتها الجمالية وحسب، لكن كانت هناك أشياء أخرى أكثر جوهرية تربط بينهما.لعلها امتلاك الشعر وروح العصر في قضية واحدة، أو لعلها القدرة على التعبير عما يجول في خلجات النفس والقدرة على اختراع اللغة وإخصابها بتزاوج الفنون والآداب والشجاعة الفائقة في تحويل الهامش الفكري إلى الصلب عارم مستقطب لما عداه هو ذلك الشيء الجوهري. ولو ذهبنا نستقصي وجوه الإبداع عند الكاتبة فاطمة رشاد في قصصها القصيرة التي قامت بنشرها على هيئة كتاب يحمل عنوان (امراة تحت المطر) وما قامت بنشره على الصفحة الثقافية (لصحيفة (14 أكتوبر) من قصائد شعرية رائعة المعاني تحمل قوة التعبير عن هموم المرأة اليمنية (همس حائر) التي تقول فيها:[c1](لم تعد تغريني وجوه البشرالذين أراهم في يوميفكل وجه يحمل نفاق الدنيا كلهالهذا سأغلق عيني عند ذات الصورة الأخرىلهم).من تجربة حقيقية [/c]عندما أخذت أتتبع قصائد فاطمة رشاد التي تحمل همساً حائراً، وفي تفحصي الدارس وجدت صوراً جمالية تحمل الحب والأمل كالظل الظليل صوراً لا أذكر أني وقعت عليها مجتمعة على أية صور متكاملة، صوراً قريبة متميزة لا يمكن أن تكون فاطمة رشاد قد استقتها من محفوظة، فهي إذاً نابعة من تجربة حقيقية، أفصحت عنها الشاعرة بين عقل رقيب الوعي كما يغفل عادة عند قول الشعر، ودلالة هذا البيت واضحة كل الوضوح. فهي تحب الحياة الصادقة وتحب كل الناس دون نفاق او كذب، كما يحب الطفل الرضيع أمه، يطلب عندها الأمن والحنان ويتوسل إليها بإظهار ضعفه.كانت هذه المقطوعة الشعرية للكاتبة فاطمة رشاد مفتاحي إلى فهمها ككاتبة وأديبة .. تقول في مقطوعتها تلك:[c1](أعمارنا هي مقامرةلعقارب الساعة التيلم نعلقها على الحائطلأننا كنا نخشى أن تصير لحظاتنا مجردذكرى عابرة فيالحياة).[/c]إنها كاتبة وشاعرة سريعة التأثر، تذوب كلماتها الوجدانية في الوجدان الجماعي للمجتمع التي تعيش فيه. رغم أنها تحمل في بعض كلماتها خيبة الأمل لقسوة بعض أفراد المجتمع في نظرتهم للشخص المبدع ويتخلص من ضغط الانفعال. وهما تتخذان هذه الصورة الرمزية لدى الشاعرة فاطمة رشاد وهنا ترى الرموز تتشابك وتتعقد فقد انعكس الوضع فيما يبدو. فأصبحت الشاعرة لهباً وأصبحت كفراشة تبحث عن أزهار الحياة الجميلة .. وهذه صور لعملية الإدماج أو التمثيل. فالشعر يمثل نفسه صورة محبة للحياة الكريمة الباحثة عن السعادة.[c1]معاناتها وعواطفها[/c]في هذه الصورة الخالدة للمرأة اليمنية المبدعة الباحثة عن مجتمع مستقر متقدم نجد الشاعرة تقدم مقاطع شعرية تحت عنوان (همس حائر) حيث تبدو طيفاً أثيرياً لا كائناً بشرياً من لحم ودم. عبرت في هذه المقاطع الشعرية عن معاناتها النفسية الخاصة في معان إنسانية خالدة، تصوغها صياغة تهز قلب القارئ. ولعلها لا تحتاج الى أن تشير إلى إنها قد تتلقى بعض وجهات النظر من قبل المتخصصين بكتابة القصيدة العمودية ومهما كانت وجهات النظر عن هؤلاء المتخصصين في كتابة الشعر، الا إننا نستطيع القول إن هذه المقطوعة الشعرية الرائعة التي قامت الشاعرة فاطمة رشاد بنشرها على الصفحة الثقافية لصحيفة (14 أكتوبر) هي عبارة عن صور لمقاطع شعرية للمرأة اليمنية التي لا تمثل أدواراً متدرجة في المجتمع اليمني، بل إنها تتجاوز كله هموم ومشاعر الحرمان من المشاركة الفعلية في بناء المجتمع اليمني الحديث.إن القارئ للمقطوعات الشعرية للكاتبة اليمنية فاطمة رشاد لا يحتاج إلى جهد نقدي كي يتبين هنا خصائص تيار الوعي الأسلوبية من إلغاء الفواصل والعواطف والنقاط، وتدفق الجمل ملتبسة متضامنة لتصنع خيمة تخيلية تجسد الأفكار والمشاعر بمنطقها الداخلي الخاص، وهنا تجدنا حيال قطعة شعرية طليعية في تقطيعها للجمل وترويضها للصور وامتزاجها ببقايا المحسوس الداخلي ما ينجم عن تداخل الأصوات بعد مظهر التكسير الزمني، وتجلياً لتلك الحداثة في كتابة القصص القصيرة في كتابها (امرأة تحت المطر) مقطوعات شعرية التي أبدعت فيها بعدد من النماذج الرفيعة.