الرياض/ متابعات : أكدت المملكة العربية السعودية أنها تولي أمن منطقة الخليج أهمية قصوى لما له من أثر كبير في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين ، وترى المملكة أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق واليمن وإيران معنية أكثر من غيرها بأمن واستقرار المنطقة إضافة إلى أن البعد الدولي للإطار الأمني للمنطقة يقتضي المشاركة الإيجابية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول المهمة على الساحة الدولية من منطلق أن الضمانات الدولية لا يمكن توفرها على أساس منفرد.وقال سمو الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية إن جهود المملكة في دعم أمن واستقرار منطقة الخليج تندرج في عدد من المحاور والأدوار من خلال الإسهام في حل القضايا والأزمات الدولية الشائكة التي لها تأثير على المنطقة والعالم ، كما تحاول من خلال دورها الرامي إلى تحقيق السلم والأمن دعم الجهود الإقليمية والدولية الهادفة لتحقيق ذلك.وأوضح سمو وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف أن المملكة بذلت -ولا تزال جهوداً كبيرة لدعم استقرار وأمن هذه المنطقة في عدد من القضايا والأزمات الإقليمية فقد أكدت المملكة دوما أهمية أمن واستقرار العراق ودعم وحدته الوطنية وسلامته الإقليمية والحفاظ على استقلاله وسيادته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكل كان وأضاف ونحن في المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا ننظر إلى العراق بوصفه بلداً شقيقاً وجاراً عزيزاً وجزءاً أساسياً وأصيلاً من أمتينا العربية والإسلامية وننظر إلى جميع أبناء شعبه نظرة الأخ لأخيه دون تصنيف طائفي أو مذهبي أو عرقي ونقف على مسافة واحدة من جميع مكوناته وتياراته السياسية.ولفت الإنتباه إلى أن المملكة عبرت في كل المؤتمرات الدولية والإقليمية بما فيها مؤتمرات دول الجوار ومؤتمرات المانحين المتعلقة بالعراق ، عن رفضها لكل دعاوى التجزئة أو التقسيم أو تحويل هذا البلد إلى ساحة للأطماع الإقليمية والدولية أو التنافس فيما بينها وتقاسم مناطق النفوذ والهيمنة على أرضه وعلى حساب شعبة وسيادته. وقال ومن هنا جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين المتمثلة في دعوة كافة الأحزاب والقيادات العراقية للاجتماع في الرياض تحت مظلة جامعة الدول العربية لمحاولة تحقيق المصالحة الوطنية والاتفاق بينهم لما فيه مصلحة العراق ومستقبله وهي خير دليل على حرص المملكة على ما فيه مصلحة العراق وأمنه وسيادته واستقلاله ، وكلنا أمل في أن يتابع القادة العراقيون جهودهم التوافقية في سبيل تشكيل حكومة وطنية تمثل جميع أطياف الشعب العراقي وتؤدي إلى جمع الصفوف وتوحيد الجهود وتحقق الأمن والمصالحة وتلبي تطلعات كافة أبناء العراق في تحقيق الأمن والرفاه والنماء والازدهار.وأضاف أن المملكة تهتم أيضاً بأمن واستقرار اليمن وذلك لأهمية اليمن في المنطقة بوصف ذلك امتداداً للأمن القومي لدول المنطقة ومنها المملكة العربية السعودية وتمتاز العلاقات اليمنية السعودية بأنها علاقات أخوية وثيقة وهناك تنسيق دائم ومشاورات بين قيادتي البلدين الشقيقين وبين الأجهزة الحكومية في البلدين من خلال مجلس التنسيق السعودي اليمني الذي يعقد اجتماعاته سنوياً ويقوم بجهود بارزة في دعم اليمن في كافة المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وقد دعمت المملكة جهود اليمن في مكافحة ا لإرهاب والتصدي له وكان لهذه الجهود الأثر الإيجابي في مواجهة هذه المحاولات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة ، ومن هذا المنطلق فإن المملكة تحث المجتمع الدولي على لمساعدة اليمن اقتصادياً وتنموياً ودعم جهوده في تجاوز ا لمشاكل الاقتصادية والأمنية من خلال تقديم الدعم والمساعدة مع الالتزام بالحفاظ على وحدة اليمن واستقراره مقتنعين أن أمنه من أمننا ، واستقراره يرسخ استقرارنا ، ونماءه ورفاهه يهمنا جميعاً ، وملتزمين كل الالتزام بوحدة واستقلال وسيادة اليمن الشقيق ، ومؤكدين عدم التدخل في شؤونه الداخلية ونتطلع إلى أن يتمكن مؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن الذي دعت المملكة إلى استضافته في مطلع العام الميلادي القادممن أن يكون رافداً مهما في تقديم الدعم والمساندة لليمن الشقيق والوقوف معه في تجاوز مشاكله الاقتصادية والأمنية التي يمر بها الآن ، فأمن واستقرار اليمن مرتبط وبشكل أساسي بأمن واستقرار المنطقة والذي هو جزء من الأمن والاستقرار العالمي.وأضاف أن المملكة تعد من الدول الداعية إلى نزع أسلحة الدمار الشامل بجميع أنواعه وأشكاله ، وبناء على ذلك فقد اتخذت موقفاً واضحاً في سياستها الخارجية يتمثل في تأييد ودعم كل الجهود الدولية الرامية إلى الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل على الصعيد العالمي والإقليمي ، وقد انضمت المملكة إلى معظم المعاهدات والاتفاقيات الدولية القاضية بإزالة أسلحة الدمار الشامل ، وفيما يتعلق بخلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل فقد تبنت المملكة إلى جانب الدول العربية الشقيقة الأخرى « إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل « سواء من خلال الجامعة العربية أو في إطار الأمم المتحدة.وأشار إلى أن المملكة تؤيد حق جميع الدول في الحصول على التقنية وبرامج الطاقة النووية للأغراض السلمية ، وعليه فقد أضحى الملف النووي الإيراني يشكل عبئاً إضافياً لما نواجهه من تحديات ومخاطر ما يستدعي منا جميعاً التعامل مع هذا التحدي بكل مسؤولية وعقلانية وانتهاج الحلول الدبلوماسية وعلى النحو الذي يضمن حق الدول في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وأن لا يشكل ذلك أي خطر أو تهديد لأمن وسلامة الدول المجاورة والمنطقة.وتابع قائلا : إن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة لا يتأتى عن طريق السعي نحو امتلاك الأسلحة الفتاكة أو الهيمنة بل عن طريق إدراك الحقوق والمصالح والمشاغل الأمنية لكل الأطراف حيث أن ذلك هو الطريق الأمثل والأسلم لبلوغ هذا الهدف ، وفي إطار تحقيق الأمن في المنطقة فإن إسرائيل التي تشكل قدرتها النووية خطراً جسيما على أمن واستقرار المنطقة مطالبة بإخضاع جميع منشآتها وترسانتها النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى لا يكون لوجود هذه الأسلحة خطر على أمن المنطقة وسلامتها ، وندعو المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لأهمية الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية ، فمنطقة الشرق الأوسط هي أحوج من أي وقت مضى إلى تحقيق الأمن والاستقرار ، فقد عانت هذه المنطقة الكثير من الكوارث والأزمات ولا شك في أن شعوبها أحق بأن تستثمر هذه الإمكانات المالية والتقنية في الرفع من مستوى شعوبها وتطوير برامجها التنموية بدلا من إهدارها في برامج تعد مصدر خطر وتهديد وليس عامل استقرار وأمن.وأفاد أن ظاهرة الإرهاب تشكل تحدياً كبيراً للمجتمع الدولي ولهذا فإن تكاتف الجهود الدولية وتضافرها كفيل بالتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تعد غريبة على مجتمعاتنا جميعها ، كما أنها تتنافى مع القيم والمبادئ التي نؤمن بها جميعاً ولهذا فقد قامت المملكة بجهود كبيرة وخلاقة للتصدي لظاهرة الإرهاب ، فعلى المستوى الخليجي والعربي عملت المملكة بالتعاون والتنسيق مع الدول الخليجية والعربية لمواجهة ومكافحة الإرهاب ، ومن ذلك تصديقها على اتفاقية مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب لعام 2004م وكانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول المصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998م كما قامت بجهود فعالة في مكافحته على المستوى الدولي كان من بينها مصادقتها على معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي لعام 1999م ونسقت وتعاونت مع العديد من الدول الصديقة في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله ، وانضمت وصادقت على كافة الاتفاقيات الدولية الثلاث عشرة بشأن مكافحة الإرهاب وتمويله ، ولنفس الهدف استضافت المملكة « المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب « بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي عقد في الرياض عام 2005م وصدر عنه العديد من التوصيات المهمة أبرزها مبادرة خادم الحرمين الشريفين لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة . واستضافت مدينة الرياض ورشة العمل الخليجية الأوروبية المشتركة السادسة لمكافحة تمويل الإرهاب عام 2009م ، وحققت المملكة نجاحات مميزة في القضاء على هذه الظاهرة وتجفيف منابعها داخلياً ودوليا كما نجحت من خلال برنامج المناصحة والتأهيل في إعادة المغرر بهم ليكونوا أعضاء صالحين في مجتمعهم.وقال إنه في ضوء ما يشهده العالم من اضطراب وتفاوت في القيم والمفاهيم وانتشار روح الكراهية وإسهاماً في نشر قيم الحوار والتسامح والاعتدال وبناء علاقات تعاون وسلام تسهم في مواجهة تحديات الانغلاق وضيق الأفق فقد بادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإطلاق دعوته الصادقة لتبني نهج الحوار والتفاهم بين أتباع جميع الأديان والثقافات فقام حفظه الله بالدعوة لعقد اجتماع في مكة المكرمة عام 2008 حضره عدد كبير من العلماء والمفكرين ، ونتيجة لما حققه هذا الاجتماع من نتائج إيجابية عقد اجتماع آخر في مدريد شارك فيه عدد كبير من أتباع الديانات والثقافات العالمية برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وجلالة ملك أسبانيا ، حيث توصل المجتمعون إلى رؤى وتوصيات بناءة تهدف إلى تحقيق التقارب والتعاون وخلق مناخ التسامح بين معتنقي الديانات والحضارات المختلفة ، وتواصلت جهوده حفظه الله لإشاعة هذه المبادئ وإعطاء المبادرة مختلف الرؤى الدولية التي تهدف إلى بناء جسور من التواصل والتفاهم بين مختلف الأديان والحضارات حيث عقد اجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية عام 2008م حضره عدد كبير من زعماء الدول الذين أبدوا دعمهم وتأييدهم لتلك المبادرة الأمر الذي يسهم في نشر روح الحوار والتسامح عالمياً مما سيكون له الأثر الايجابي في تعزيز الجهود الداعية إلى خلق بيئة صالحة تساعد على تعزيز وإثراء لغة الحوار والتواصل بين الحضارات والثقافات المختلفة.وبين أن المملكة أعربت ولاتزال عن قلقها من ظاهرة القرصنة وآثارها السلبية على حركة الملاحة البحرية الدولية وتداعيات ذلك على حركة نقل البضائع بين قارات العالم والتجارة الدولية بشكل عام ، وترى المملكة أن ظاهرة القرصنة تتطلب أن تتضافر الجهود الدولية لمكافحتها وأنه يتعين على الدول الإقليمية والقوى الكبرى أن تتعاون فيما بينها لاتخاذ إجراءات فعالة وتعاون مشترك لمكافحة هذه الظاهرة في ضوء ما صدر من قرارات عن مجلس الأمن ، وتعد هذه القرارات المرجعية الدولية لمكافحة ظاهرة القرصنة مع احترام مبدأ سيادة الدول على مياهها الإقليمية. وفي هذا الإطار فإنه من الأهمية بمكان أن تكون كافة المبادرات الدولية والإقليمية لمكافحة القرصنة استجابة لما صدر عن مجلس الأمن من قرارات. وقد شاركت المملكة في اجتماعات مجموعة الاتصال الدولية وفرق العمل المنبثقة عنها ومنها اجتماع جيبوتي الذي نظمته المنظمة البحرية الدولية لبحث توقيع اتفاقية تفاهم إقليمي لمكافحة القرصنة تضم الدول المطلة على البحر الأحمر والمحيط الهندي وخليج عدن وقد انتهى ذلك الاجتماع لإقرار مدونة سلوك جيبوتي التي وقعت عليها المملكة ، كما طرحت المملكة مبادرة لعقد لقاء إقليمي لمسؤولين من وزارات الدفاع والخارجية في دول مجلس التعاون والدول العربية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن وذلك لبحث وضع خطة عمل لمواجهة خطر القرصنة والتنسيق مع القوات البحرية الدولي العاملة في المنطقة. وقد استضافت المملكة اجتماعات مسؤولين من الدول المعنية لمناقشة ذلك. كما تسهم المملكة بقطع بحرية لمكافحة القرصنة في خليج عدن وبالتعاون والتنسيق مع القوات متعددة الجنسيات في المنطقة ، كما ترى أن دعم العملية السياسية في الصومال لتحقيق الأمن والاستقرار هو السبيل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر الخطيرة.وفي ختام كلمته أعرب سمو الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير عن شكره وتقديره لمملكة البحرين الشقيقة التي تستضيف أعمال هذا المؤتمر الذي يعد من أهم المنتديات التي تناقش أبرز القضايا الأمنية في منطقة الشرق الأوسط.
السعودية تولي أمن منطقة الخليج أهمية قصوى
أخبار متعلقة