كمال محمود علي اليماني لست أدري إن كان للشاعر عمر محمد عمر ديوان آخر غير ديوانه "انهمارات الروح" الذي شرفني بأن أهداني نسخة منه في أحد لقاءاتنا التي انقطعت منذ زمن طويل. وكان الديوان حلقة وصل تشي بالكثير عما تحمل بين جوانحنا من مشاعر المحبة لكلينا ولعله من الدواوين القليلة التي أجبرتني على قراءاتها وإعادة القراءة مرة تلو أخرى والحق أقول إني لم أكن أعرف أن للشاعر عمر محمد عمر هذه المقدرة الفائقة في التصوير وفي رسم اللوحات البديعة عبر كلمات غير مقعرة ولا مستوحشة.قاموسه اللغوي هو قاموس حياتنا اليومية لكنه يحمله معاني وأفكاراً ورؤى يضيف بها حياتنا العادية .وأول ما لفت انتباهي في الديوان عنوانه " انهمارات الروح" فليس العنوان زائدة دودية غير ذات فائدة أو ديباجة تطرز رسالة لهذا العزيز أو ذاك إن العنوان قد غدا رسولاً يضيء لنا دهاليز القصيدة وسراديب الديوان.وبنظرة الى فهرس الديوان وجدت أن هناك قصيدة تحمل اسم عنوان الديوان فهرعت إليها استطلعها وأرى سبب اختيارها عنواناً للديوان ولا حظت أثناء قراءتي القصيدة أن انهمار الروح فيها قد ارتبط بتساقط الأحلام حيث يقول :تتساقط الاحلام من بين أصابعنا كالماء تنهمر الروح بين يديناوفي مكان آخر من القصيدة :كلما تبرعت الأحلام فيناباغتتها البيانات الجاهزة وأحذية الجندومعلوم أن هذه المباغتة وأحذية الجند تعني في مضمونها فقادني هذا الأمر الى تتبع كلمة الحلم في الديوان وعدد مرات تكرارها فوجدت أنها قد تكررت 27 مرة خمس منها في قصيدة إنهمارات الروح .بل أن قصيدة " شاعر" ضمت تكرار الحلم مرات ثلاث على قصرها ." مسكوناً بالحلم أو تسكن في قلب الحلمسيقتلك الحلم ذات مساء ويطفئ توهجك"فالحلم إذن ليس أمراً طارئاً في القصيدة أو في الديوان إنه المعادل الموضوعي الذي يرتكز عليه هذا الديوان الذي بين يدينا وهو أمر يقرره كما أسلفت تكرار اللغطة بل ويزيده تأكيداً شاعرنا حيث يقول في قصيدة " حفر على الجدار " للأحلام تأصل في دمي .ولم ينشر الشاعر مفردة الحلم هنا وهناك في قصائده فحسب بل إنه إيماناً منه به قد أورده في عناوين قصائد ثلاث .ولكن ما هي ماهية هذا الحلم الذي شغل بال شاعرنا واستحوذ على كثير من قصائده ؟ إنه كما أورد هو :الحلم المسافة بين ما يشتهي القلب والواقعبرهة للخدر الصوفي وإكتمال التفاصيلفي لوحة القمر ولقد صدق من قال :ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!إنه الحلم الذي يمنحنا نافذة مشرعة نستشرف منها الآتي الأجمل والابهى.ليس هذا كل ما حملته قصائد الديوان فلقد حملت الكثير من بديع الصور وجميل التعبير لذا أجد لزاماً عليّ أن أختار لكم شذرات وقطوفات من حديقة الديوان الغناء وإن كانت في مجملها لا تغني عن قراءة الديوان بكل تأكيد .من خلفي جاءتني الطعنة... ...... ...( إذن أنت في المقدمة).......بين الورد وبين الشكوأختار الشوكوأقول :إن القدم المدماةتعرف طريقهاالى نور الحقيقة .....إن الشاعر في قمة يأسه وإذ يقرر انهمار روحه وتساقط أحلامه يظل مؤمناً بالشعر يحمله بين جنباته مشعلاً يضيء الدروب ويمنح الروح دفقه الأمل ورجفة الحياة .هو الشعر نحمله جرحاً في الصدور ويقتادنا الى المقصلة نسقيه من دمناومن ليالي الوجد والجوع نطعمههو الشعر .. زادنا إذ ينضب الزادويعتري الهرج القافلة هو الشعر صليبنايدمينا .. ويدميناونظل على صهوته ونفن ويبقى الشعر
|
ثقافة
الشاعر عمر محمد عمر وإنهمارات الروح
أخبار متعلقة