حاولت اليمن مؤخراً استقطاب المشاريع الاستثمارية العملاقة من الخارج، نظراً لمدى تأثير هذه المشاريع على الاقتصاد المحلي من حيث توفيرالوظائف والإيرادات الضريبية والمساهمات في تنمية البنية التحتية لتسهيل الحركة التجارية المحلية. ولسنا هنا بصدد تحليل مدى نجاح عملية الاستقطاب أو مراجعة نظم تسهيل عملية الاستثمار، بل نفضل أن نسلط الضوء على بديل غاب عن ذهن العديد من صانعي القرار. موضوع يتعلق بالمشاريع الصغيرة، المشاريع التي يطلقها فرد أو عدة أفراد محلياً ، ولكن يجب التمييزهنا بين المشاريع التقليدية والمشاريع المبتكرة الجديدة التي قد تنشط الاقتصاد اليمني في حالة نجاحها ونموها. والحقيقة أن الكوادر اليمنية على المستوى الأكاديمي والتجاري والحرفي قد غُرِزت فيها منذ القدم أُسس التجارة، ولكن طابع التقليد هو الغالب، وقلما نجد الأفكار الجديدة. فمثلاً، إذا أنتشر في السوق اليمني خبر أرباح يمكن جنيها من تجارة الفحم، سنجد أن عدد المتاجرين في هذا المجال سيزداد بشكل خيالي. وخلال أشهر قليلة سنلاحظ أن سوق تجارة الفحم قد اكتظ بالمزودين، مما ينقص من احتمال نجاح معظم التجار وبالتالي خروجهم من السوق بخسارة. إن للتجديد والابتكار في المشاريع الصغيرة أهمية وتأثيراً بالغاً على الاقتصاد اليمني. فمعظم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم كانت في البداية عبارة عن فكرة صغيرة، ولكن مع الجهد المبذول والوقت والتميز أصبحت هذه الشركات تنافس الشركات العملاقة المؤسسة. إذاً يجب علينا الاهتمام بالمشاريع الصغيرة ، لأننا نعلم بأنها حجر الأساس للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وقد تصل إلى حجم الشركات العملاقة أيضاً. قد يتساءل القارئ ويقول: ولكن ما هو مدى أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة في أول الأمر؟ فالجميع يتمنى رؤية الشركات العملاقة والعالمية في السوق اليمني وليس الشركات الصغيرة والمتوسطة. وفي بحث قدم مؤخرا وأصدرته شركة الاستشارات الإدارية بوز ألين هاميلتون عن المشاريع الصغيرة المبتكرة، بأن 70 % من الوظائف في أوروبا و 50 % في أمريكا تعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وأثبتت الدراسة أيضاً أن معظم هذه الشركات كانت في البداية عبارة عن مشاريع صغيرة ضئيلة الحجم، ولكن توفر البيئة المناسبة للنمو ساعدتها على التوسع والنجاح . يستنتج من هذا الكلام، أن مشروع الألف ميل يبدأ بخطوة، وأن المشاريع الصغيرة هي بذور حدائق النخيل وغابات الأشجار. فمهما أهلت أرضنا ورش عليها من الأسمدة، ستواجه صعوبات في إنشاء بيئة مناسبة لغرس شجرة كاملة نضجت في بيئة مختلفة. إن رمي آلاف البذور على الأرض والإنتظار أن ترى غابات أشجار ومدرجات خضراء دون أي تعب أو متابعة لا يحقق شيئاً . لماذا لا يركز على ما لدى أرضنا من بذور ، ويقدم لها ما يتوفر من أرض وحرث وأسمدة لكي نساعدها على إبراز أول أوراقها وفروعها، ونؤهل لها بيئة لكي تثبت جذورها وتصبح أشجاراً تعود على الجميع بالثمار والمزيد من البذور؟
المشاريع الصغيرة المبتكرة
أخبار متعلقة