ترجمة معيد / طارق السقاف كان ارنست همنجواي الثاني من بين اخوته الستة، وكانت والدته طبيبة ومدرسة موسيقى حتى تزوجت من والده، ولد ارنست في مدينة أوك بارك بالقرب من شيكاغو في الحادي والعشرين من يوليو عام 1899م وكان والده شخصاً خجولاً وعلاقاته الاجتماعية محدودة عام 1917م اثناء الحرب العالمية الاولى تطوع للانضمام لجيش الولايات المتحدة ، ولكنه اعفى من هذه الخدمة نظراً لوجود عيب خلقي في إحدى عينيه، بعدها تحول للعمل كمراسل صحفي كما انضم ايضاً إلى منظمة الصليب الأحمر الأمريكية ، وكانت تجربة ارنست في الحرب قاسية جداً ، فبينما كان يشترك في فرق الاغاثة التابعة للصليب الاحمر لاغاثة الجنود الايطاليين في الجبهة، انفجرت به قنبلة واصابته بجروح بليغة، وقد اجريت له اثنا عشرة عملية جراحية وفيها تم اخراج اكثر من مائتي قطعة معدنية من جسده، وقد اثرت تلك التجربة في نفسيته مثل اثرها على جسده ، كما تأثر بتجربة عاطفية مريرة في حياته في ايطاليا عندما وقع في حب ممرضة ايطالية ،ولكنها بعد حين ـ وعندما بدأ يتعافى من جروحه ـ كتبت له قائلة بأنها لم تعد تحبه وانها تحب شخصاً آخر.كتب ارنست العديد من الروايات التي ذاع صيتها وآخر هذه الروايات التي كتبها كانت رائعته الشيخ والبحر وكان قد كتبها عام 1952م ، وكانت تعتبر القمة في عطائه الأدبي وعنها تحصل على جائزة البولتزار ، وكان قبلها بعامين قد تحصل على جائزة نوبل للآداب .في رائعته الشيخ والبحر نجد أن ارنست كان قد استخدم لغة سهلة ومباشرة ، فقد كانت تحكي قصة صياد عجوز مكافح وشجاع ولكنه سيء الحظ ، فقد مضى عليه زمن طويل دون اصطياد ولو سمكة واحدة ، وعندما يأتي ذلك اليوم الموعود يصطاد سمكة ضخمة من نوع المارلين، وبعد صراع طويل ومرير معها، وبعد العديد من المفارقات استطاع سانتياجو العجوز من قتل السمكة، ولكنه اصطدم اثناء عودته باسماك القرش التي تهاجمه لالتهام سمكة المارلين، يقاوم العجوز اسماك القرش بكل ما اوتي من قوة وبكل الاسلحة الخفيفة التي كانت بحوزته وبعد مفارقات عدة برع ارنست في تصويرها اثناء صراع سانتياجو العجوز مع اسماك القرش، استطاعت اسماك القرش من التهام سمكة المارلن التي اصطادها بطل الرواية العجوز، فيعود إلى مرفأ قريته وكان التعب والإعياء قد بلغا منه مبلغه، ولكنه وعلى الرغم من كلما حاصل يبتسم لمانولين الصغير بابتسامة ملؤها الإعياء والارهاق قائلاً له ان غداً سيكون افضل من اليوم ، وكان هذا التصوير الرائع لهذه الشخصية الاسطورية يرمز إلى حياة المؤلف نفسه ومعاناته الذاتية ، كما انها ترمز ايضاً إلى آلام السيد المسيح عليه السلام حسب ما افاد كثير من النقاد. كما تمتاز هذه الرواية بأن لها طبقات كثيرة للمعاني بين سطورها الظاهرة، فالصياد العجوز وعلى الرغم من تقدمه في العمر كان مليء بالأمل والايمان بأن غداً افضل من اليوم وان غداً لناظره قريب . وكانت هناك مقولة دائمة لسانتياجو العجوز تقول "يمكن للمرء ان ينكسر ، ولكنه لن ينهزم" فعلى الرغم من عودة العجوز بالهيكل العظمي للسمكة بعدان التهمتها اسماك القرش ، وعلى الرغم من المه وانكساره، فلم يشعر بالهزيمة قط .كان همينجواي كاتباً لامعاً في عصره ، وقد احبه الكثيرون من عامة الناس وكذا من الشخصيات المرموقة ومنهم الرئيس السويدي الذي اعجب كثيراً بأعماله ولفت النظر إلى قمة ورقي المواضيع التي كان ارنست يتناولها في رواياته، وقد امتدحه لتأكيده على الشجاعة والحب في عالم يسوده العنف والجريمة .ساءت حياة ارنست كثيراً ، وقد عانى من مرض الاكتئاب مما نتج عنه ارتفاع في ضغط الدم ، فلم يعد قادراً على الكتابة والتأليف ، وفي عام 1961م انتحر ارنست همينجواي وذلك باطلاق النار على نفسه في منزله في كيتش في ايداهو .
|
ثقافة
إرنست همنجواي ورائعته الشيخ والبحر
أخبار متعلقة