وللفرح ألوان أخرى
فضل مبارك :أمس ارتفعت الزغاريد .. ودقت الطبول .. ولامست الفرحة شغاف القلوب مثلما هي البسمة ارتسمت على الشفاه.كنا ـ نحن في مؤسسة (14 أكتوبر) ـ على موعد مع الفرح .. موعد مع الإبتهاج .. موعد خاص جداً .. مع فرح من نوع خاص .. وابتهاج بطعم آخر .. غير .. أطفأنا بالأمس شمعة .. وأوقدنا للعطاء شمعة أخرى هي الأربعون في تعداد عمرنا .. كنا ـ الجيل الحالي .. والأجيال التي سبقتنا نتقد ناراً ونوراً في سفر التحولات : السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي اختطتها الثورة اليمنية .وكانت (14 أكتوبر) وهج الحرف .. ومعنى الكلمة .. ومصداقية الموقف .. وشكلت الصحيفة في أحلك منعطفات الصراع نبراساً .. وعبرت عن مضامين أهداف الثورة التي حملت اسمها .. وعن مجمل التحولات.وكانت بحق الغذاء الروحي الذي استمد منه قطاع واسع من الناس رؤاهم وعرفوا ما هية الثورة.وعلى مدى أربعين سنة مرت الصحيفة بمراحل مختلفة ما بين ما يشبه حالة الركود وما بين قفزات التوثب، وكانت الأسوأ الحالة الأولى ما بين عامي 1994ـ 2005م، ولعل ما بعد عام 2005م قد بدأت مرحلة استعادة الروح الحقيقية لوهج الحرف فيها.. لتحمل الصحيفة مشعلاً للعطاء.واليوم .. وقد بلغت الصحيفة الأربعين من عمرها .. فلاشك أنها قد اكتسبت خلال تلك الفترة تجربة لا يستهان بها على رغم كل الانتكاسات والاحباطات ومحاولات البعض للإلغاء من خلال ما مورس ضدها من جملة سياسات خاطئة متعمدة.. وبذلك فان ما هو ملقى علىعاتقها اليوم يعد كبيراً، فهي مقلدة بقيادتها وأسرة تحريرها بحمل أمانة الكلمة: تلك الكلمة التي قال فيها الله سبحانه وتعالى:“وكلمة طيبة مثل شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تعطي أكلها”وأربعون عاماً ليست بالشيء الكثير في سفر الزمن إذا ما قيست بأجندة الأيام، لكنها عنت وتعني الكثير بما حققته الصحيفة من أهداف في رسالتها.. يقول الله سبحانه وتعالى: “وإذا بلغ الأربعين بلغ أشده”. وها هي صحيفة (14 أكتوبر) قد بلغت الأربعين من عمرها وبالتأكيد فإنها بذلك تؤرخ لقادم مرحلة جديدة أكثر اشراقاً تتواءم وما تحمله الصحيفة في جعبتها من حيث هي مدرسة مهنية بكل مقاييس الكلمة ولا ينكر دورها الا مكابر. إذ ومن يطلع على تاريخ هذه الصحيفة سيجد كم هي جبارة تخلقت من رحم الأمل والطموح الذي بزغ نوره فجر الاستقلال الوطني.. وظلت على عهدها كطائر الفينيق كلما احترق بعث حياً من جديد.وأقول إنها مدرسة لانها كذلك بحق.. تتلمذ في أروقتها هامات وقامات الصحافة اليمنية الذين لا يتسع المجال لذكرهم.ويكفي فخراً من واقع تجربتي التي تمتد لأكثر من عشرين عاماً أن أقول بأنني تعلمت أبلغ الدروس والقيم في هذه المدرسة.. فقد تعلمت حكمة مفادها أن لا تأخذ من صديقك سمكة بل أطلب منه ان يعلمك كيف تصطاد.. وهكذا علمني أحبتي الذين سبقوني في رحلة الحرف.. كيف اصطاد دون شباك.عذراً أيها الزملاء .. فالكلمات لا تسعفني في مناسبة وذكرى كهذه..وسلاماً أيها الزملاء الراحلون الذين سبقونا إلى جنة الخلد بإذن الله.. وكم يعز علينا فراقكم في ذكرى كهذه.