- صحف ومواقع الكترونية يمنية لم تعد مهتمة حتى بالمناسبات الدينية إلا من جهة واحدة ولسبب واحد ليس أكثر على صلة مباشرة وحصرية بـ “الاستثمار السياسي” للمناسبة الدينية، وقد وصل الأمر - حتى - إلى ذكرى ومناسبة يوم ميلاد النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث الأولوية لدى هؤلاء - وضمنهم إسلاميون - معطاة لعنوان واحد وحيد هو: أين، وكم، وكيف، ومتى احتفل عبدالملك الحوثي؟! فهل تمت “الخصخصة” الإعلامية لتطال يوماً عالمياً كهذا؟- وكأن الحوثي وجماعته هم المعنيون بالمناسبة، وكأن الصحافة لا علاقة لها ولا واجب عليها سوى حصر ذكرى النبي الأعظم ورحمة العالمين في زاوية ضيقة ومحصورة جداً على جماعة بعينها من المسلمين!أركان الاحتفال بقداسة النبي الأعظم وعظمة المناسبة والحدث لا يعني هؤلاء في قليل أو كثير إلا من زاوية التهافت على “خبر” سياسي تم إلحاقه - قسراً وعمداً - بجملة اختصاصات وشؤون (الحوثي) لوحده فهل الصحافة ملتزمة - فقط - لطقوس شخص - أي كانت خلفياته أو إحداثيات موقفه وموقعه الآن في المعادلة السياسية - وغير معنية بتاتاً بعظمة الذكرى والمناسبة ولا بعظمة ومكانة صاحب المولد وسيد الخلق؟!* للأسف الشديد إن التهافت قد أفقد العقلاء جانباً كبيراً من الرزانة والفطنة ومن العقلانية ذاتها، في سياق انحداري يتهاوى بأصحابه إلى حدود سحيقة من العبث البدائي والتربص الكيدي، حتى لو أدى بهم ذلك إلى التضحية بمناسبة عالمية وإنسانية وحدث كوني غير مجرى التاريخ ووجه العالم، وعوضاً عن الاحتفاء بهذه المعاني والتشرف بها ذهبوا يتربصون ويتسولون معلومة أو خبراً عن شخص عادي وجماعة طارئة في منطقة قصية، فكأن المناسبة الكونية عادت - بأمر مهنية الابتذال والتهافت - مناسبة شخصية وخاصة توثق لشخص عابر اسمه عبدالملك الحوثي!- وأين نحن في هذا العالم وعدد ذرات الأكوان اللانهائية من أمثاله أو أمثالنا جميعاً، من ذرة واحدة في رداء سيد البشرية ورحمة العالمين صلى الله عليه وسلم؟- ليست هفوة أو زلة أو سوء تقدير، بل منتهى التهافت وغاية السخف أن يهمل الناس ذكرى يوم المولد العظيم وصاحبه الأعظم، ولا يحتفلون ولا يكتبون شيئاً في تخليد المناسبة، بل ولا يجدون للحديث عنها إلا الذهاب إلى التذكير بخلاف مذهبي وشحن طائفي وإلصاق المناسبة الكونية بجماعة محدودة من الناس، لا لشيء إلا لأن حمق السياسة بات يفقد الناس عقولهم ويسوق الأحزاب والإعلام وكل شيء أمامه نحو مجزرة قيم ومبادئ لا حدود لها.- المليارات من المسلمين، والإنسانية جميعها، بل والكون بأسره هتف واحتفل، ولا يزال هكذا من أول التاريخ وإلى ما شاء الله، لميلاد النبي الأعظم والرحمة المهداة من الله للعالمين جميعاً.ومناسبة كهذه ليست مادة للجدل ولا موضوعاً للتهافت والتنابز والتمايز. فلماذا نسي العقلاء مجداً بهذه العظمة وهذه الكبرياء المطلق، ورضوا لآنفسهم التخاذل والانتكاسة والعمل في خدمة الفرقة والخذلان؟- ألم يكن الأولى بالعقلاء إنصاف أنفسهم وعقولهم، أمام مناسبة تخص أقدس أيام البشرية وأعزها وأعظم رسل الله وسيد الأنبياء المعصومين وسيد أهل الأرض والسموات ورحمة الله لخلقه أجمعين، وأن ترتقي العقول والأرواح إلى ملامسة عظمة الذكرى واستمداد الخير والبركة لأمتنا ولشعبنا ولأهلنا، بدلاً من الاشتغال على الفرقة المذهبية والتمزيق الطائفي وخدمة سياسة القرف.. وقرف السياسة؟!
معذرة يا “يوم المولد” العظيم!
أخبار متعلقة