صدر مؤخراً عن ( الأسكوا)
صنعاء / أمين عبد الله إبراهيم :صدر مؤخراً العدد الثالث من تقرير السكان والتنمية ، والذي يتدرج ضمن سلسلة التقارير التحليلية التي تصدرها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) كل عامين ، ويهدف هذا التقرير الذي صدر تحت عنوان " الهجرة الدولية في المنطقة العربية ، التحديات والغرض" إلى تعميق المعرفة بالعلاقة المتبادلة والحيوية بين القضايا السكانية والتنمية ، وإلى التوعية المسبقة بالتحديات التي تفرضها ديناميكيات السكان بأبعادها الديموغرافية والاقتصادية ، والاجتماعية والسياسية .وقد تناول هذا التقرير ظاهرة الهجرة الدولية بمختلف أبعادها وتداعياتها وعلاقتها بالسياق الدولي والإقليمي والوطني الذي يؤثر في حركتها وتياراتها وكلفتها وجدواها ، حيث بين التقرير أن أعداد المهاجرين في الوقت الحاضر قد تزايدت ، إذ يغادر ملايين الرجال والنساء منازلهم سنوياً ويعبرون الحدود الوطنية بحثا عن المزيد من الأمن الإنساني والاجتماعي لهم ولذويهم ، تحدوهم الرغبة في الحصول على أجور أعلى وفرص أفضل للعمل والحياة ، إلا أن بعضهم يضطرون إلى مغادرة منازلهم من جراء المجاعة والفقر والكوارث الطبيعية والتدهور البيئي والنزاعات المسلحة والاضطهاد وترتبط معظم تيارات الهجرة تأريخياً بالجوار الجغرافي حيث تكثر فرص الحصول على المعلومات عن أسواق العمل الخارجية، كما تقل كلفة الانتقال إلى بلدان الاستقبال ، مما يعني أن الموقع الجغرافي لبلدان الاستقبال بات حاجزاً أقل صعوبة أمام حركة الهجرة ، كما تزايدت وتنوعت أيضاً البلدان المعنية بمسألة الهجرة باعتبارها إما بلداناً مرسلة أو مستقبله للمهاجرين ، أو هي بلدان مرسلة ومستقبله للمهاجرين في الوقت ذاته .وأوضح التقرير بان الهجرة الدولية كانت ولا تزال ظاهرة دولية تتسع بإطراد تؤثر على تشكيل اقتصادات العالم والعلاقات السياسية والاقتصادية بين بلدان الإرسال وبلدان الاستقبال.وأشار التقرير إلى أن عدد المهاجرين قد بلغ في عام 2005م إلى 191 مليون مهاجر منهم 115 مليون يعيشون في البلدان المتقدمة ، و 75 مليوناً يعيشون في البلدان النامية ، وسجلت البلدان ذات الدخل المرتفع أكبر زيادة في عدد المهاجرين إليها ، إذ بلغ 41 مليون مهاجر ، أما تحويلات المهاجرين على مستوى العالم فقد بلغ عام 2005م حوالي 232 مليار دولار ، كان نصيب البلدان النامية منها 167 مليار دولار ، واستقطبت المنطقة العربية في عام 2004م حوالي 21.6 مليار دولار ، كان نصيب لبنان والمغرب منها %43 ، وتوزع الباقي على سائر البلدان العربية المرسلة للأيدي العاملة ، حيث كانت تحويلات المهاجرين العرب ولا تزال الوجه الأكثر وضوحاً من أوجه تأثير الهجرة على المستويات الفردية والوطنية و الإقليمية.وأضاف التقرير بأن هذه التحويلات ـ على اختلاف تقديراتها ـ كانت أكبر من المساعدات الرسمية العربية وغير العربية ، وقد تزايدت مساهمتها في خفض العجز في ميزان المدفوعات من العملات الأجنبية ، وازدادت حصتها مقارنةً بالصادرات ، وكذلك نسبتها مقارنة بنسب القطاعات المحلية الاقتصادية الأساسية في الناتج المحلي الإجمالي ( كالبناء والسياحة والتجارة وبعض خدمات التعليم والصحة والنقل ) ، وأسهمت الهجرة الدولية في المنطقة العربية في تحسين الأحوال المعيشية للمهاجرين وأسرهم ، إذ ساعدت في تلبية حاجاتهم الأساسية في السكن والتعليم والدواء والغذاء، وإقامة بعض المشاريع الصغيرة في مجالات التجارة والزراعة ، وتحديث بعض أدوات الانتاج كما في تونس ومصر والمغرب ، كما أسهمت الهجرة أيضاً في خفض معدل الفقر بحوالي %2 على الأقل ، وحالت دون وقوع بعض الأفراد والأسر تحت خطوط الفقر الدولية ، وخاصة في بلدان الأرسال العربية، وكانت الهجرة بذلك ذات قيمة مضافة في تحسين ظروف عيش المهاجرين وأسرهم ومن يحيطون بهم.وأكد التقرير على أن هجرة الكفاءات العربية إلى خارج المنطقة العربية قد تزايدت نتيجة لعدم توفر السياسات والشروط المؤاتية لتوظيفها في الأنشطة الإنمائية الأكثر ملائمة لتخصصاتها العلمية وقدراتها ومهاراتها، فضلاً عن غياب السياق السياسي الذي يدعم الحرية الفكرية والأكاديمية التي تنشدها الكفاءات العربية ، وفي مقابل ذلك تكثر وسائل التحفيز والإغراء من بلدان الاستقبال الأوروبية ومن أمريكا الشمالية ، حتى بلغ مجموع الكفاءات العربية المهاجرة إلى حوالي مليون مهاجر .