في ذكرى الشاعر والناقد (أبومهيار) عبدالرحمن إبراهيم محمد
شوقي عوضماذا بوسعي أن أقول عن الشاعر الناقد الراحل عبدالرحمن إبراهيم سوى أن اليمن برحيله المبكر قد خسرت واحداً من أعلامها الأفذاذ ورائداً من رواد الحداثة الشعرية والأدب الحديث المعاصر في اليمن ممن ترسخت أقدامهم في الاشتغال عبر المنهج الأكاديمي النقدي في إنعاش قيم التجديد الحداثي الشعري في مواضيع ودراسات نقدية متعددة مثلت النهوض في واقع الحركة الشعرية والمشهد الثقافي والأدبي في بلادنا. فكأني بالشاعر الناقد عبدالرحمن إبراهيم أراد أن يقول مع ستورتر بيردي :” إن سبعة عشر حرفاً تشكل كلمة واحدة يمكن أن يعاد ترتيبها في تركيبات لايقل عددها عن سبع وثلاثين مليون تركيبة».. بعد تاريخ حافل بالمنجز الشعري وتجربة متميزة في مجال الممارسة النقدية والدراسات الأدبية، وكتابات ثقافية نقدية متمرسة في الصحافة المحلية والعربية. بيد أن الوجه النقدي الآخر الذي لا يعرفه القارئ للمنهج النقدي لدى الشاعر الناقد عبدالرحمن إبراهيم هو ذلك التناص المتوشح بالقيم المعرفية والتراثية المتداخلة في غوائل النقد الأدبي التكاملي ذي المنزع التجديدي في بنية الجمالية والفنية فكراً أو منهجاً.إذن ذلك هو الشاعر الناقد عبدالرحمن إبراهيم الذي امتدت عطاءاته منذ سبعينات القرن المنصرم وقدم لنا عدداً من الدواوين الشعرية (تنويعات مدارية في ذاكرة حبيبتي) ( إلزا وحدها قدري)،( أنثى لهذا البحر)،( مزاج الهدهد)..الخ. العاشق المتميز للفكر والأدب والنقد والحب والجمال الذي ظل يتوهج فكراً ويتوجع ألم الانكسار لينام هادئاً في فضاءات الشعر والنقد متوسداً قصائده وغنائياته التي لم تنته بعد. بين المدينة والبحر وهاجس الأنثى بدءاً من غنائيته ( احبك حتى العبادة) (زمان الحب ودعناه) وتجربته مع كتابة أول نص غنائي في أول لحن قدم له في النصف الثاني من العقد السبعيني والذي لحنه الملحن الموسيقار احمد بن غودل وتغنت به الفنانة ماجدة نبيه كما سيتضح فيما بعد تلاها مباشرة بقيام الفنان القدير الفقيد محمد عبده زيدي بتلحين وغناء قصيدة ( انتم الاتي ). وهكذا تواصلت العلاقة الفنية بينه وبين عدد من الفنانين اليمنيين الكبار وبخاصة الملحن الموسيقار احمد صالح بن غوذل والذي لحن له عدداً كبيراً من نصوصه الغنائية كما تعامل فنياً مع الفنان اليمني الكبير فيصل علوي والذي قدم له غنائيتة المشهورة ( تعبنا من حبايبنا) إلى جانب تعامله مع عدد من الفنانين الآخرين الكبار أمثال ، جعفر حسن ، محمد محسن عطروش ، محمد مرشد ناجي ، نجيب سعيد ثابت والذي شكل معه ثنائياً ناجحاً وقدم له زهاء عشرين نصاً غنائياً.ذلك هو الشاعر الناقد عبدالرحمن إبراهيم المتميز في رحلته بسردية الزمان والمكان وبقامة الحب لصنعاء وعدن العاشق لحمامات السلام والذي غادرنا فجأة .. مبكراً تاركاً لنا مفردات الكلمات في تقاطيع وتجاعيد وجوه البسطاء من الناس وتشققاتهم وتشظياتهم الذي لم يعطنا سوى تسامحه المعهود و( لعبود حلمه الممتد) بين الوجود وحياة الناس والنفس البشرية. فما أجمل الحب والاتصال بلحظات الزمن “ الإبراهيمي “ والكلمات من الأغنيات تنبعث متجددة من بين تلك التشظيات واحتراق الرماد لتعلن لنا عن ميلاد الشاعر عبدالرحمن إبراهيم في 54م بمحافظة عدن. بكالاريوس في الأدب العربي جامعة ( وهران) بالجزائر ماجستير بامتياز في الأدب العربي جامعة عدن ترأس جمعية الأدباء الشباب في إحدى مراحلها . تبوأ رئاسة تحرير مجلة ( قضايا العصر) . مدير عام المكتبة الوطنية / عدن. منح الجائزة الأولى للشعر في مهرجان الشباب العربي / السعودية 83م عضو مؤسس لنقابة الصحافيين ( بعدن) عضو اتحاد الأدباء. ترأس لجنة النصوص في الإذاعة والتلفزيون بعدن للأعوام 81م ، إلى 86م. قدم العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية منذ عام 87م شارك في العديد من المهرجانات والمؤتمرات المحلية العربية والدولية ومنح عدة جوائز. له عدد من الإصدارات الشعرية والنقدية منها :(تنويعات مدارية في ذاكرة حبيبتي) شعر ( الزا وحدها قدري) شعر .(أنثى لهذا البحر) شعر (مزاج الهدهد) شعر المرشدي في عيون المثقفين (نقد) ( الشعر المعاصر في اليمن) دراسة فنيةدراسات عديدة لم تنشر مؤلفات تحت الطبع ترجم شعره إلى اللغات الانجليزية والايطالية والروسية. تلك كانت قراءة خاطفة لرجل الشعر والنقد الأكاديمي. أحببنا أن نذكر بها بذلك الشاعر الناقد (أبومهيار) عبدالرحمن إبراهيم محمد الأكثر حداثة ومعاصرة لإبداعنا اليمني على وجه الخصوص والشعر العربي بشكل عام والمعتمد في حاسته النقدية على الوسائل الاشتراطية لدلائل الفعل النقدي الحديث والمعاصر بدءاً من المعيارية في البديع لموسيقى الشعر والمترادفات في أسلوبية الفكر واللغة الشعرية والقصيدة التفعيلية والنثر كنموذج للدراسة النقدية والجمالية.
