أقواس
جبل حديد , كله معالم وآثار .. سواء في استحكاماته التاريخية من قلاع وأسوار كانت تحيط بالمدينة ( كريتر) وتحميها من الغزاة والهجمات التي كانت سائدة في ذلك العهد , أم في تلك الأشياء الموجودة في باطنه لعل أهمها ( البغدة ) , والتي نتذكرها منذ كنا صغاراً .. وهي النفق القديم الذي تم شقه من قرب بوابة جبل حديد( المعسكر ) حالياً حتى كريتر أمام مركز المطافي أوبالجهة المقابلة له ..إن هذه البغده التي مر عليها سنون طوال ولم يرها الناس , بل أغلقت أو استخدمت كمواقع للأسلحة ( سابقاً) كتخزينها خوفاً من التلف وعوامل التعرية وغيرها .. إلى أن صار المعسكر اليوم خالياً ومفرغاً من مهمته , وبعد أن سمعنا أن مدرسة (جبل حديد) قد بيعت لمستثمر شامي , فإنه حري بنا أن نطلب فتح النفق / البغدة وإعادة ترميمه وتأهيله , بما يحافظ على أثره ومحتوياته , ليكون ممراً لعشاق التاريخ والآثار .. ولتعريف الأجيال والزوار , بقدرة وعظمة الإنسان اليمني والعدني أساساً على تفتيت الجبال قبل أن تظهر أدوات الحفر والتفجير , وهي مأثرة صنعها رجال ميامين , لم نجد لهم خلوداً , حتى ولو بذكر بعض الأشياء . للأسف الشديد .إن هذه البغدة التي طال انتظار عبورها والتعرف إلى سر من أسرار الإنسان اليمني الذي شاد الحضارات والدول وبنى السدود والقلاع والحصون ليس في اليمن فحسب بل تعدا ذلك إلى أوربا , عندما كان اليمانيون يحكمون في الأندلس أيام المنصور بن أبي عامر المعافري , الذي كان قد شاد مدينة ( الزاهرة) على غرار مدينة (الناصر) (الزهراء), وشهد التاريخ وما يزال إلى اليوم .. إن آثارا كهذه لجديرة بزيارتها ومعرفة جزئياتها تفصيلاً , لأنه بالتأكيد سيكون هناك أثار في الجدران للمعاول والفؤوس والمطارق .. وغيرها , وسيدرك السائح أو الزائر حجم وضخامة التضحيات التي بذلت في سبيل إيجاد هذه البغدة التي يروي عنها الأجداد أشياء ولا في ألف ليلة ..وليلة . إن مدينة عدن تزخر بالآثار , وجبالها تحتضن كنوزاً كبيرة , ولكن للأسف لم نرى أي عمل يقوم به المعنيون لإظهار ذلك , بل نرى استحواذاً ونحتاً وبناءً في تلك المواقع ما يتنافى مع القيم والحضارة والذوق العام , وانظروا إلى الجبل خلف شركة النفط الوطنية , أنظروا إلى النحت الفارة والبنايات الداخلية على الموقع , وهذا والله بئس العمل الذي لم يحدث مند أكثر من أربعة آلاف سنة من عمر المدينة عدن .. فهل نتعظ أم نظل ( أذن من طين وأخرى من عجين ) ؟ .