عواصم / متابعات: يزداد الاحتفال بعيد الحب الغربي انتشارا في العالم العربي. وفي واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا على الغرب أصبح عيد الحب أو (فالنتاينز داي) الذي يوافق 14 فبراير من كل عام ضمن الاحتفالات التي يهتم بها عدد كبير من التونسيين حيث يشهد هذا اليوم إقبالا غير معتاد على شراء الزهور الحمراء وبطاقات المعايدة والأنواع الفاخرة من الشوكولاته إضافة إلى إقامة الحفلات خاصة في الفنادق الكبرى. ويقول كريم بالليل وهو بائع زهور في حي لافاييت الراقي بالعاصمة التونسية «عيد الحب عيد غير كل الأعياد» مشيرا إلى أنه عيد حقيقي لان تجارته تنتعش في هذا اليوم وتعوضه عن كساد باقي العام. ويبيع بالليل الورود بأسعار مرتفعة تصل إلى خمسة دنانير (13ر6 دولار) للوردة الواحدة. وتساءل قائلا «أنا مندهش فالقيمة الحقيقية للورود لا تعرف إلا في هذا اليوم».ويرى المنتقدون في الاحتفال بعيد الحب دليلا على تراجع الأمة ثقافيا. وقال عبد الوهاب وهو موظف يصف نفسه بأنه محافظ «هذه العادات تدل على انسلاخ هويتنا الثقافية وتقليدنا الأعمى للآخرين. فأعيادنا الدينية لم تعد تحظى بهذه البهرجه.. ثم أليس من العيب أن يجهل مسلم العيد الهجري ويتفاخر بعيد الحب». ومضى يقول «نحن بحاجة للحب هذا أكيد لكن لماذا لا يتجلى هذا الحب الكبير والجارف عندما يتعلق الأمر بديننا وبأمتنا التي تواجه أعسر المراحل.. إنها أنانية ونرجسية كبرى».
محلات بيع هدايا عيد الحب في بغداد
لكن المحتفلين يرفضون مجرد الجدال حول العيد الذي دخل حديثا ضمن أعياد المنطقة رغم أنه لا يزال يقتصر على فئات معينة. ويقول الطالب ناجح بن مبروك إن الاحتفال بعيد الحب أصبح «أمرا لا يحتمل النقاش.. إن عيد الحب مناسبة عالمية يحتفل بها كل العشاق. لكني لم احتفل بها إلا منذ سنتين مع بداية قصة حبي. أنا أعتبر إن عيد الحب هو أفضل الأعياد على الإطلاق مهما قيل أنه ليس من تقاليدنا ومن الظلم أن لا يقام عيد له». ويقيم العديد من الفنادق الكبيرة داخل العاصمة وغيرها من المدن التونسية حفلات فنية وتقدم أطباقا خاصة بهذه المناسبة. وفيما يظهر أهمية الاحتفال في تونس بدأت أمس إحدى شركات الهاتف الجوال التي لاحظت إقبال التونسيين على تبادل رسائل التهنئة خدمة جديدة تجمع بين الصوت والصورة بسعر مرتفع. وفي مصر انتشرت مظاهر الاحتفال بهذا العيد أيضا في السنوات الماضية حيث تضع المتاجر والمطاعم والمقاهي ورودا حمراء في واجهاتها ويتبادل الشباب الرسائل عبر التليفونات المحمولة والبريد الاليكتروني إضافة إلى تقديم الهدايا. لكن الاحتفالات لا تزال محصورة في الأحياء الراقية بالقاهرة وبعض المدن الكبيرة الأخرى والجامعات. وترفض آمال طه (23 عاما) التي تعمل في فرقة غنائية الاحتفال بعيد الحب قائلة «من المفروض أن يعيش الحب بداخلنا طول الوقت وأن يكون معناه أكبر من المعنى المتعارف عليه في الغرب.. الانسان الذي يحب فعلا يجب ألا يعبر عن حبه بمجرد المظاهر أو في يوم معين من أيام السنة». وقال مروان محمد الطالب بكلية الهندسة «ممكن أن اتصل بزملاء وأصدقاء لي يوم عيد الحب للاطمئنان عليهم وتبادل الحديث معهم لكني لا أوافق على مظاهر تصاحب هذا العيد خارجة على تقاليدنا».
وللكهول هداي للحب
وقالت صحيفة المصري اليومية إن طلابا في جامعة القاهرة أطلقوا على عيد الحب اسم «عيد محمد» لينشروا بين زملائهم مفهوم أن يكون الحب في حدود التعاليم الدينية. وفي دبي بالإمارات العربية المتحدة ازدانت مراكز التسوق الفخمة بالورود واللافتات التي تشير إلى عيد الحب. وأقبل الكثيرون وخاصة من الشبان على شراء الورود والهدايا. وقال الأمريكي مايكل بيرتون وهو يمسك بيد صديقته «هذا يوم احتفال كبير.. انه يوم الحب». في السعودية يجد المحبون الراغبون في الاحتفال بـ «عيد الحب» هذه السنة أيضا صعوبة في العثور على هدايا ملونة بالأحمر لتقديمها لأحبتهم بسبب منع «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» المحلات من إبراز أي مظهر من مظاهر الاحتفاء بهذه المناسبة التي تعتبرها الهيئة عادة «وثنية». وقال بائع زهور فليبيني وهو يقف أمام باقات من الورود من كل الألوان عدا الأحمر «آسف لا توجد لدينا ورود حمراء. لقد اضطررت لإزالتها قبل ثلاثة أيام». وأوضح إن المنع تم عن طريق عناصر هيئة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الذين يقومون بانتظام بعمليات دهم للمحلات للتأكد من عدم احتوائها على أي إشارة إلى عيد الحب «سان فلانتاين». وقال «المطوع يمر كل صباح ومساء للتأكد من ان المحلات تطبق الأوامر».
عيد الحب في الاراضي المحتلة
وقبل أربع سنوات كان مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وصف عيد الحب بأنه «عيد وثني». وقال في فتوى له ان «على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن لا يحتفل بهذا العيد». ومنعت هيئة الأمر بالمعروف السعودية المحلات من بيع الورود الحمراء والدببة الصغيرة وبطاقات المعايدة أو أي هدية أخرى حمراء اللون وكلها متهمة. ويرد صاحب مكتبة حين يطلب منه بطاقات معايدة بالمناسبة «لا نملك مثل هذه البطاقات في مخزوننا». وروى صاحب المكتبة انه كف عن بيع هذه البطاقات و الهدايا لمناسبة عيد الحب بعد عمليات دهم متواصلة يتعرض لها سنويا من قبل عناصر الشرطة. وقال «في السنة الماضية كان لدينا البعض منها في المخزون. وجاء عناصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصادروها. وخسرت أكثر من 15 ألف ريال (4 الاف دولار)». وفي محل بيع هدايا مجاور أوضح بائع إن كل البضائع التي يمكن أن تكون لها علاقة بعيد الحب يجب إخفاؤها قبل خمسة أيام من المناسبة التي تحل. إلا إن بعض المحلات تجازف وتبيع خفية هذا النوع من الهدايا لإرضاء زبائنها. ولا يتورع بائع آسيوي في احدالمحلات القرطاسية عن فتح درج كبير مليء ببطاقات المعايدة محلاة باللون الأحمر أسفل جناح يضم بطاقات تحمل كتابات متنوعة مثل «إلى جدتي العزيزة» أو»تقاعد سعيد». وتختلف طريقة إيصال الهدايا.. وأوضحت طالبة سعودية طلبت عدم كشف هويتها «يقول شاب لفتاة انه يحبها أو العكس وانه اشترى لها هدية لمناسبة عيد العشاق ويمكنها استلامها من محل معين يحدده لها». وأضافت «إنها الطريقة التي يتم بها تبادل الهدايا هنا بين الرجال والنساء إلا في حال حظيا بفرصة لقاء في مكان ما». وتابعت انه في المدرسة المخصصة للفتيات تحرص الإدارة على عدم ارتداء الفتيات أي لباس احمر أو أن تحملن أي شيء من هذا اللون. وعلى العشاق الذين لم ينتبهوا إلى فترة «الحظر» أن ينتظروا بضعة أيام بعد انقضاء العيد للتمكن من اقتناء هداياهم. وقال بائع الزهور الفليبيني لشاب رفض شراء زهور وردية «بعد خمسة أيام قد توجد مجددا ورود حمراء في مخزني».