إن كلمة التنمية تستعمل لوصف الحالة الاقتصادية والاجتماعية في بلد معين، فيقال عن بلد إنه أقل تنمية أو أكثر تنمية، وذلك ليس قياسا بمستوى دخل الفرد أو حجم الناتج المحلي الإجمالي فحسب بل قياس بمدى تمتع مواطني هذا البلد بالخدمات ومتطلبات العيش في مجالات التعليم والصحة والطرق والاتصالات والكهرباء والمياه النقية وفرص العمل.والتنمية أيضا- كما حددها الدكتور يوسف صائغ (المفكر الاقتصادي العربي) - وصف لمفهوم معياري يشترط وجود تحول مهم في القوى والمجالات يؤدي إلى سلسلة من التحولات في هذه القوى والمجالات وفي الأداء الاقتصادي.[c1]مسار التنمية [/c]إن الحديث عن مسار التنمية في الغالب هو حديث عن تجربة الانتقال من وضع التنمية الأقل إلى الوضع الأكثر تنمية أو العكس، وخلال الأربعين عاما الماضية انتقلت كثير من بلدان وشعوب العالم من مرحلة التنمية الأقل إلى مرحلة التنمية الأكثر، كما مرت بعض البلدان بمسيرة عكسية.[c1]مدخل [/c]تعتبر اليمن إحدى أفقر دول العالم، حيث تأتي في الترتيب 153 من مجموع 177 دولة في تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2007 - 2008م.كما أن 15,7 % من اليمنيين يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم، في حين يعيش 45,2% منهم على أقل من دولارين يوميًا، حيث أشار برنامج الأغذية العالمي في اليمن قبل عام تقريبا إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والجفاف خصوصا في المناطق الريفية قد زاد من عدد الأشخاص الذين يعيشون دون خط الفقر المحدد بدولارين في اليوم بحوالي 6 % ما سيعيق تحقيق أهداف التنمية فيها. وأن الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية أعاد اليمن سبع سنوات إلى الوراء فيما يتعلق بتحقيق أهداف الألفية التنموية.السؤال الكبير المطلوب أن تجيب عليه المداخلة هو ما علاقة التنمية في اليمن بالرئيس علي عبدالله صالح؟ والإجابة عن هذا السؤال المهم .. تتطلب منا الرجوع قليلا إلى الوراء في أوراق الملف التنموي في اليمن، للوقوف ولو بشكل سريع وموجز على أوضاع اليمن الاقتصادية والاجتماعية ما قبل الثورة وبعدها بقليل، حتى يتسنى لنا رؤية الصورة واضحة لما تحقق في هذا المجال منذ 17 يوليو 1978م تحت قيادة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح.[c1]نبذة عن مسار التنمية في اليمن قبل الثورة [/c]كانت اليمن وبالتحديد المحافظات الشمالية والغربية (الجمهورية العربية اليمنية سابقا) والمحافظات الجنوبية والشرقية (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا) عدا عدن، تعيش حالة قد تكون فريدة بين دول العالم المختلفة في المجال التنموي.لقد كانت اليمن في نهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي تعيش حالة انعدام التنمية. وبالتالي لا يمكن الحديث عن أي مسار للتنمية خلال تلك الفترة، والتركيز على فترة الأربعين عاما الماضية التي أعقبتها، وهي مرحلة نشوء التنمية في اليمن فقد أشار الكاتب الدكتور/ روبرت بوروس في كتابه (سياسات التنمية في الجمهورية العربية اليمنية -Development policies of Y. A. R خلال 1962 - 1986م) بقوله:كانت اليمن الشمالية في عقد الخمسينات قبل قيام الثورة أحد أصعب البلدان في العالم إذ لم يتغير من الناحية السياسية عما كان عليه قبل قرنين أو سبعة قرون وكانت أوضاع اليمن في نهاية عقد الخمسينات تشبه تماما أوضاع أفغانستان في عام 1900م، لقد كان اليمن يعيش بحق خارج إطار القرن العشرين.... وكان اليمن معزولا تماما عن العالم الخارجي ولم تكن اليمن في عزلتها المفروضة مكتفية ذاتيا حتى في مجال الغذاء. وكما ذكر الأستاذ / محمد أنعم غالب في كتابه (عوائق التنمية في اليمن - دراسة لعهد ما قبل الثورة) أن اليمن الشمالي حينذاك (الخمسينات) ولأجيال كثيرة مضت كانت تستورد المواد الغذائية وأن الواردات من المواد الغذائية كانت قيمتها تزيد على 100,000 جنيه إسترليني في سنوات الرخاء وتزيد إلى الضعف في سنوات الجدب.لقد كانت المجاعات مألوفة وقد عمل الافتقار إلى الوسائل الصحية والعناية الطبية على الحد من نمو السكان وكانت نسبة الوفيات بين الأطفال تصل إلى 90 % وانتشار الأمراض الوبائية في طول البلاد وعرضها أمر مألوف والأحوال التعليمية في غاية البؤس. وبالنسبة لاقتصاديات اليمن كانت الزراعة الشغل شبه الوحيد للعمالة، وكانت تتم بوسائل بدائية جدا أسهمت في تدني الإنتاج.أما الصناعة فكانت محدودة جدا وبدائية والصناعة التحويلية اقتصرت على مصنع وحيد للنسيج (مصنع باجل) الذي افتتح في أواخر الخمسينات، بالإضافة إلى الصناعات البدائية دباغة الجلود وبعض الملابس الجلدية وصناعة الحبال والحصير للاستعمال المحلي والصناعات الاستخراجية كانت محصورة في استخراج الملح في الصليف الذي بدا العمل فيه منذ عام 1953م وتوقف عام 1955م، والطرق كانت عبارة عن ممرات طرق للقوافل قديمة ووعرة، أما الاتصالات فكان هناك السلك وهو من مخلفات العهد التركي والبريد خدمة محدودة وغير منتشرة.إن الأوضاع الاقتصادية لليمن قبل الثورة لم تكن تفي إلا بدرجة الكفاف في حدها الأدنى وكانت المعاملات في أغلبها تتم عبر أسلوب المقايضات ولم يكن هناك نظام مالي أو نقدي وقد اقتصر النظام النقدي على استخدام ريال ماريا تريزا الذي كان يصك في تريستا بإيطاليا.ويستدل من ذلك أن اليمن في جانب التعليم والصحة والخدمات من المياه والطرق وغيرها كانت تعيش حياة بائسة، والاقتصاد كان منعدم التنمية. وكذلك الحال بالنسبة لما كان يعرف بالسلطنات في المحافظات الشرقية والجنوبية (عدا مدينة عدن) وحتى جلاء الاستعمار البريطاني والاستقلال وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في أواخر الستينات.[c1]التنمية بعد الثورة [/c]إن ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م هما الحدثان اللذان غيرا مجرى التاريخ وأوجدا المناخ اللازم للتحول ودخول اليمن بشطريها مرحلة التنمية ابتداء في شمال الوطن وفي السنوات الأولى لقيام الجمهورية العربية اليمنية ورغم الحرب الأهلية الطاحنة التي استمرت حوالي ثماني سنوات استطاعت حكومة الثورة أن تنجز الكثير لتحويل نظم القرون الوسطى للدولة إلى مؤسسات حديثة، وكان للوجود المصري في اليمن إيجابياته العديدة.. ففي ظل الافتقار شبه التام إلى الكوادر الإدارية والاقتصادية الوطنية شكل تواجد الخبراء المصريين عونا كبيرا مكن الدولة من إنشاء نظم اقتصادية ومؤسسات الدولة. فعلاوة على تشكيل وزارات وإدارات حكومية والبدء بتنظيمها تم تأسيس عدد من الشركات الخاصة والحكومية والمختلطة. فتأسست شركة التجارة وشركة النفط وشركة التبغ والكبريت وشركة الأدوية والبنك اليمني للإنشاء والتعمير وشركة القطن وشركة الملح وشركة الطيران وشركة النقل البري.ورغم أن خطوات وإنجازات لا باس بها تحققت خلال الفترة من عام 1963م إلى 1970 في مجالات التعليم والصحة والمرافق العامة الخدمية كالطرق والكهرباء والاتصالات والموانئ وتشكيل القاعدة الإنتاجية الاقتصادية في الزراعة والصناعة والنقل والخدمات المساعدة وبدء العمل بنظام نقدي ومالي، إلا أن الجهد التنموي المؤسسي المدون في شكل خطط ومعلومات وبيانات لم يتم إلا مع بدء السبعينات فقد أعلنت في عام 1973م أول خطة للتنمية تم تسميتها بالبرنامج الإنمائي الثلاثي 1973 / 1976م.أما في جنوب الوطن فقد كانت أهم إنجازات الحكومة الجديدة تكوين الدولة وتوحيد السلطنات وخلال الفترة من 30 نوفمبر 1967م وحتى عام 1971م تمركزت الجهود على إقامة كيان الدولة، وفي عام 1971م أعلنت أول خطة للتنمية في الجنوب سميت بالخطة الثلاثية.[c1]مسيرة التنمية المخططة [/c]يمكن القول إن بداية عملية التنمية المخططة في اليمن شمالا وجنوبا بدأت تقريبا في الفترة نفسها، واتسمت هذه المسيرة خلال المرحلة من عام 1970 وحتى إتمام الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية في عام 1990م ومن ثم خلال مرحلة ما بعد الوحدة من عام 1990م وحتى الآن بما يلي :أ . خطط التنمية في جنوب الوطن “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” :بدأ العمل بخطط التنمية في عام 1971م وحتى عام 1990م وضعت الدولة خلالها خمس خطط تنموية واحدة ثلاثية وأربع خطط خمسية. ونظرًا لضيق الوقت سنشير إلى ما تحقق من منجزات في جانبي الصحة والتعليم على اعتبار أنهما أهم مؤشرين لقياس مستوى التنمية البشرية (وهي جوهر عملية التنمية) على النحو الآتي :1 . ارتفاع معدل نصيب الفرد من 45,8 دينار في عام 1971م إلى 125,4 دينار الذي تم توقع تحقيقه في نهاية عام 1990م.2 . الزيادة في المنشآت التعليمية في الفترة من عام 1970 وحتى 1987م بلغت 250 مدرسة بمعدل 13,8 مدرسة في كل سنة.. بلغت الزيادة السنوية في عدد الطلاب في جميع المراحل الأساسية والثانوية والجامعة ومحو الأمية 10,751 طالباً سنويا ًخلال الفترة منذ 1971 وحتى نهاية عام 1988.3 . في مجال الصحة كان عدد المستشفيات في عام 1970 (24) وصل إلى (32) مستشفى في عام 1988م.4 . زيادة المراكز الصحية من 4 مراكز إلى 24 مركزا، وعدد الأطباء من 107 أطباء إلى 729 طبيبا.. وخلال الفترة من 1965م حتى 1988 انخفض عدد السكان لكل طبيب من 12,870 إلى 4370 لكل طبيب. أما وفيات الأطفال فقد انخفض من 19,7 % إلى 11,8 %.ب . خطط التنمية في شمال الوطن “الجمهورية العربية اليمنية” :بدأ العمل بخطط التنمية في عام 1973م وقد وضعت الدولة خلالها أربع خطط تنموية واحدة ثلاثية وثلاث خطط خمسية. وتشير مؤشرات الإنجاز في مجال التعليم والصحة إلى :1 . ارتفع معدل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 65 دولارا أمريكيا في عام 1969 إلى 113 دولارا أمريكيا في عام 1973م ليصل إلى 636 دولارا أمريكيا في عام 1988م.2 . زاد عدد الطلاب خلال الفترة من 1963 وحتى عام 1988 بنسبة 798% وبمتوسط سنوي بلغ 72,000 طالب وطالبة، كما زاد عدد المدارس خلال الفترة من 1973 حتى 1988م بمتوسط سنوي بلغ 397,3 مدرسة وتحققت أكبر الزيادات في أعداد الطلاب والمدارس خلال السنوات من عام 1982 حتى 1988م.3 . ارتفع عدد المستشفيات الحكومية خلال 1973 حتى 1988 من 31 مستشفى إلى 39 مستشفى، وعدد المراكز الصحية من 13 مركزا في عام 1973 إلى 297 مركزا والوحدات الصحية من لا شيء إلى 361 وحدة. كما ارتفع عدد الأطباء من 265 إلى 1393 طبيبا. وخلال الفترة من منتصف الخمسينات وحتى 1988 انخفض معدل وفيات الأطفال من 90 % إلى 12,8% أما عدد السكان لكل طبيب فقد انخفض من 56,150 لكل طبيب إلى 6010 لكل طبيب.4 . أما في قطاعات الخدمات الاقتصادية والبنية التحتية فقد تحقق للمحافظات الشمالية إنجازات كبيرة، وبالذات خلال الفترة من 1980 إلى 1988 في مجالات المياه والصرف الصحي والكهرباء والطرق والموانئ والمصارف والمنشآت التعليمية الجامعية وغيرها من المرافق والبنية الأساسية.[c1]ثالثا : مسار التنمية في الجمهورية اليمنية [/c]مما سبق تبين أن اليمن انتقلت من مرحلة انعدام التنمية في الستينات إلى التنمية المتواضعة في بداية التسعينات. واستمرت عملية النهوض التنموي ي مسيرتها بتواضع شديد وبالتحديد خلال الفترة 1990 - 1995م، نتيجة الصعوبات الجمة التي أعاقت مسيرتها وتمثلت أهم أسباب ومعوقات مسيرة التنمية في مرحلة الدمج المؤسسي للدولتين (الشمال والجنوب) وما أعقبها من خلافات سياسية وتشتت الإرادة السياسية التي ترافقت مع صعوبات اقتصادية بالغة وقد سميت الفترة بمرحلة اللا تخطيط واللا تنمية، ومنذ عام 1996م استعادت مسيرة التنمية خطواتها لتحقيق إنجازات مهمة عديدة في كافة القطاعات والبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ووضعت أول خطة خمسية عام 1996 - 2001م للتنمية في الجمهورية اليمنية وقد تحقق فيها:في المجال الكلي :1 . تحقق نمو اقتصادي ملحوظ وبمعدل 5,5 % سنويا فارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 541 مليار ريال إلى 666 مليار ريال تقريبا.2 . ارتفع الإنفاق الاستثماري للدولة من 11,5 % إلى 15,7 %.3 . حقق الدخل القومي المتاح متوسط نمو حقيقي بلغ 7 % سنويا.4 . ارتفع حجم الإنفاق على التعليم كنسبة من الإنفاق العام من 19,2 % إلى 21,9 % لتصبح اليمن من أعلى الدول إنفاقا على التعليم من حيث نسبته إلى الإنفاق العام، وكذلك ارتفع الإنفاق على الصحة من 3,8 % إلى 4,7 %.5 . انخفض الإنفاق على خدمة الدين العام من 12,8 % في عام 1995م (رغم وجود استحقاقات كبيرة لم تسدد) لينخفض إلى 8,2 % (مع استيعاب خدمات الديون).6 . ارتفع صافي الأصول الخارجية للجهاز المصرفي من 319 مليون دولار (رغم وجود التزامات قائمة غير مدفوعة) ليصل إلى 3,013 % في نهاية عام 2000 بعد سداد كافة الالتزامات المتراكمة.[c1]في المجال القطاعي [/c]1 . ارتفع إنتاج النفط من (344 ألف برميل في عام 1995م ليصل إلى 436 ألف برميل في عام 2000).2 . ازداد الإنتاج السمكي بمعدل سنوي بلغ 12,3% خلال سنوات الخطة.3 . ارتفع الناتج الصافي بمعدل سنوي بلغ 2,6 %.4 . تحقق نمو سنوي بلغ 7,9 % في الخدمات السياحية رغم الظروف الصعبة التي مرت به في السنوات من عام 1998 حتى 2001م.5 . تحقق نمو سنوي في مجال خدمات الكهرباء وبواقع 6,4 % وارتفع عدد المشتركين خلال عام 1995 إلى 2000 من (524 ألف مشترك إلى 800,000 مشترك).6 . ارتفع عدد التوصيلات العامة لشبكات المياه بحوالي 6,3 % سنويا كما ارتفعت نسبة التغطية بشبكات الصرف الصحي خلال الفترة من 1996م حتى 2000 بواقع 139 %.7 . ازدادت أطوال الطرق الإسفلتية من 5,0512 كيلو مترا في عام 1995 إلى 6586 كيلو مترا في عام 2000 بمتوسط نمو 5,4 % سنويا، أما الطرق الحصوية فقد ازدادت بنسبة نمو 10,7 % سنويا ويصل إجمالي أطوال الطرق الترابية القائمة حاليا أكثر من (60 ألف) كيلو متر.8 . ازدادت حركة السفن الواصلة إلى اليمن من 2407 سفن خلال عام 1995 لتصل إلى 9034 سفينة خلال عام 2000م.9 . ارتفعت السعة الهاتفية من 242,499 خطا هاتفيا في عام 1995 إلى 460,736 خطا هاتفيا في عام 2000.10 . ازداد عدد المستشفيات الحكومية من 81 مستشفى عام 1995 إلى 116 مستشفى في عام 2001م والوحدات الصحية من 927 إلى 1821 وحدة صحية والمراكز الصحية الأولية إلى 574 مركزا صحيا ومراكز الأمومة والطفولة من (مركزين) في عام 1995م إلى 261 مركزا في عام 2000م وعدد الأطباء من 3300 طبيب في عام 1995 إلى 4700 طبيب.11 . ارتفع عدد الطلاب الملتحقين في التعليم الأساسي من 2,60 مليون إلى 3,35 مليون، والثانوي من 28 ألفا إلى 43 ألفا. وارتفع عدد الفتيات في التعليم الأساسي من 838 إلى 1,140 طالبة. وارتفع عدد الملتحقين بالتعليم الجامعي من 87 ألفا في عام 1996م إلى 184 ألفا في 2001م.ووفقا لما انتهجته الحكومة اليمنية في سعيها لتجديد نموذج التنمية وإعادة النظر بكل السياسات التنموية التي كانت متبعة في السابق، سعت الحكومة اليمنية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية من خلال تبني برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري منذ عام 1995م، الذي يعد عاملا أساسيا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتنشيط الاقتصاد وزيادة الدخل وتوفير فرص عمل جديدة، وتبنت الحكومة في الخطة الخمسية الأولى والثانية مجمل عناصر الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري، فضلا عن التركيز على السياسات والبرامج اللازمة للتخفيف من الفقر بمفهومه الشامل، والذي يتناول التعليم والصحة والخدمات الرئيسة الأخرى، وعززت كل ذلك بتبني وإصدار إستراتيجية للتخفيف من الفقر 2002 - 2005م بالتعاون مع كل من البنك الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وبمشاركة واسعة على المستويات كافة.وتشير التقديرات إلى انخفاض نسبة الفقراء في اليمن من 40,1 عام 1998 إلى 34,8 في 2005 - 2006م، وتراجع معدل الفقر نحو 2 , سنويا. وشمل هذا الانخفاض مناطق الريف والحضر، ولكن ظل عدد الفقراء ثابتا على نحو 7 ملايين نسمة منذ سبع سنوات، نتيجة استمرار ارتفاع معدل النمو السكاني.وفي السنوات الأخيرة “إذا استعرضنا مؤشرات التنمية البشرية خلال السنوات القليلة الماضية، سنجد أن ترتيب اليمن قد ارتفع في مؤشر التنمية البشرية الأخير لعام 2008م حيث احتل المرتبة 138 من بين 179 دولة”. ويعتمد الاقتصاد اليمني أساسا على الموارد النفطية الآخذة بالتناقص والتي تشكل 30 - 35% من الناتج المحلي الإجمالي و75% من عوائد الحكومة. وقد حقق قطاع النفط خلال الفترة (1990 - 2008م) تطورا كبيرا ليصبح اعتماد أداء الاقتصاد الوطني بشكل أساسي على هذا القطاع المهم ولتشكل الإيرادات النفطية بالمتوسط في السنوات الأخيرة أكثر من 70 % من إجمالي الإيرادات العامة وارتفاع مساهمته على حوالي 35 % في الناتج المحلي الإجمالي لتهيمن سلعة النفط على صادرات بلادنا الخارجية بنسبة تزيد على 90 % من إجمالي صادرات بلادنا الخارجية. بالإضافة إلى أهمية الغاز واستخدامه محليا كوقود بدلا عن أنواع الوقود التقليدية في مختلف مناطق اليمن حضرا وريفا والسعي إلى تصدير الغاز إلى الأسواق العالمية في منتصف هذا العام 2009م بإذن الله تعالى.يعتبر العام 1984م البداية الحقيقية لدخول اليمن مصاف الدول المنتجة للنفط برعاية باني نهضة اليمن الحديث فخامة الرئيس / علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية ومن خلال شركة هنت الأمريكية وذلك عندما دشن فخامته في 8 / 7 / 1984م أول بئر إنتاجية للنفط في حوض مأرب قطاع (18).ومنذ إعادة تحقيق الوحدة أولت الحكومة اهتماما كبيرا للقطاع الصناعي في إطار برامجها وخططها التنموية نظرا للاعتماد عليه في تنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص العمل وإنعاش الاقتصاد الوطني وتوسع مصادر النقد الأجنبي عن طريق إحلال الواردات وتنمية الصادرات. وتؤكد الدراسات أن القطاع الصناعي شهد خلال السنوات الـ 15 الماضية نموا إيجابيا تجلت ملامحه في التوسع الملحوظ لخطوط الإنتاج وإنشاء مصانع وطنية عديدة وتطوير جودة المنتجات الصناعية اليمنية وفقا لمواصفات الجودة العالمية ما فتح أمامها خطوط تصدير عديدة إلى الدول الشقيقة والصديقة مكنتها من الصمود والمنافسة. وساهم القطاع الصناعي في خدمة التنمية بتوفيره لفرص عمل كثيرة ومساهمته في القضاء على البطالة والتوسع في الإنتاج فضلا عن تأثيراته الإيجابية على بقية القطاعات كالزراعة والتعدين وهو التأثير الذي تنامى مرحليا بسبب اعتماده على منتجات هذه القطاعات كمدخلات لمنتجاته فضلا عن تنشيطه لقطاعي التجارة والخدمات.[c1]التحديات التي تواجه مقدرات التنمية في اليمن[/c]- الكثافة السكانية المتنامية.- تداعيات الارتفاع العالمي في أسعار الغذاء وتدني أسعار النفط.- مشكلة الفقر التي تمثل أحد أكبر التحديات التي تواجهها التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت تؤرق الحكومة والمجتمع والجهات المانحة، ولم يعد الفقر يقتصر على نطاق الدخل والقدرة على تأمين الحد الأدنى من الغذاء والملبس والمأوى، وإنما يمتد ليشمل جوانب التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى، ما أدى إلى بروز الأبعاد المختلفة لمشكلة الفقر. وحسب المنظمات الدولية يعد الشعب اليمني من الشعوب الأكثر فقرا في العالم، وقد جاء في المرتبة 133 من أصل 162 دولة نامية، أي ضمن الثلاثين دولة الأكثر فقرا في العالم.- الأزمة المالية العالمية وتداعياتها.[c1]الخلاصة [/c]إن يوم 17 يوليو سيظل يوما فاصلا في التاريخ اليمني المعاصر، حيث أن عجلة التنمية في اليمن لم تبدأ حركة دورانها، إلا بعد هذا التاريخ. فبعد تسلم الأخ الرئيس السلطة في عام 1978م ظهر - لأول مرة - الربط المنهجي بين الديمقراطية والتنمية، واستطاعت اليمن أن تنتقل خلال الأربعين عاما الماضية من مرحلة انعدام التنمية إلى مرحلة التنمية. ورغم الظروف والتحديات الطبيعية والإشكالات الموضوعية والذاتية التي تواجه مسيرة التنمية، إلا أن النهضة التنموية التي تحققت في اليمن خلال الثلاثين السنة الماضية كانت شيئا مذهلا للغاية، ويفوق كل التصورات المأمولة وما زالت العجلة ماضية إلى الأمام وبوتيرة عالية في ظل القيادة السياسية الحكيمة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح وهذه هي الإجابة على السؤال الكبير للمداخلة.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس علي عبدالله صالح والتنمية
أخبار متعلقة