عدنان الجنيد إن الله سبحانه وتعالى ميز الإنسان على سائر الحيوانات بالعقل الذي به يعرف الخطأ من الصواب فهو -أي العقل - رسول الله إلى كل إنسان ومن لم يستعمله فيما خلق له كان أشبه بالحيوان «أولئك كالأنعام بل هم أضل» (179:7) ولهذا يجب على الإنسان العاقل أن يعمل عقله ويدقق نظره في كل ما وصل إليه من التراث الديني متجرداً عن تقديس الأبنية الفكرية السابقة وتقديس كتبهم التي وصلتنا . فالقداسة لا تكون إلا لكتاب الله الذي «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» (42:15) والعصمة لا تكون إلا لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - الذي «وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى» 53: 4-3 .هذا ولقد بلغ الجهل المطبق ببعض النساء في بلادنا الى ان قمن بمظاهرات حاشدة امام مجلس النواب يطالبن بالزواج المبكر استناداً الى حديث عائشة رضي الله عنها - كما سيأتي لا حقاً - ولو سلمنا - جدلاً - بصدق طلبهن فهذا يخدش حياءهن فكيف والامر باطل وطلبهن يخالف القرآن الكريم وتعاليم النبي العظيم فأي حديث جاءنا من التراث فلا بد من عرضه على كتاب الله وعلى العقل فما وافق كتاب الله وقبله العقل اخذناه اما ما تعارض مع القرآن ولم يقبله العقل والذوق وتنافى مع اخلاق سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - فهو مرفوض قطعاً كحديث هشام عن ابيه عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين» رواه البخاري برقم «5134» كتاب النكاح.. فمن عنده مسكة من عقل فسوف يرفض هذا الخبر الوارد لان الزواج بالطفلة الصغيرة امر ترفضه التعاليم السماوية، ولا تستسيغه العقول الانسانية.فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد اشترط على اولياء اليتامى القائمين عليهم ان لا يعطوهم اموالهم إلا اذا بلغوا سن النكاح ولم يكتف عند هذا الحد بل حتى يجدوا فيهم حسن التصرف وهو الرشد قال تعالى : «وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا اليهم اموالهم» 6:4.[c1]الزواج مسؤولية[/c]فكيف يصح زواج الطفلة الصغيرة التي ستكون القائمة على مال زوجها وعلى كافة أعباء منزله ؟!.وانظر في الآية «حتى إذا بلغوا النكاح» وبلوغ النكاح هو الوصول الى السن التي من خلالها يكون المرء مستعداً بكامل قواه للزواج - وهو الحلم- وفي هذا السن تطالبه الفطرة الانسانية الكامنة فيه بأهم سننها وهي سنة الانتاج والنسل وهو بهذا يبدأ تفكيره وتتوق نفسه الى ان يكون زوجاً واباً وصاحب مسؤولية كبيرة.وإذا كان كذلك فما عسى الطفلة الصغيرة ان تفكر في هذه الامور التي فوق مستوى تفكيرها !! فليس لها تفكير إلا في كيفية قضاء وقتها باللعب فقط.ومن المخجل مارواه البخاري برقم «3894» بسنده عن هشام عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : «تزوجني النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وانا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث.. فأتتني امي ام رومان واني لفي ارجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا ادري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى اوقفتني على باب الدار واني لانهج حتى سكن بعض نفسي ثم اخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم ادخلتني الدار - الى - فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ضحىً فاسلمتني اليه وانا يومئذ بنت تسع سنين ».قال ابن حجر في فتحه 284/7 وقولها «في أرجوحة» بضم اوله معروفة وهي التي تلعب بها الصبيان وقولها : انهج اتنفس تنفساً عالياً .. فهذا يعني ان السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تلعب مع صويحباتها فجاءت امها اليها فأخذتها ومسحت وجهها ورأسها من اثر الغبار الذي لصق بها اثناء لعبها مع صويحباتها ثم ذهبت بها الى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالت عائشة: فلم يرعني - اي لم يفزعني شيء إلا رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - أي بدخوله عليَّ.قال ابن حجر 7/ 284: وكنت بذلك عن المفاجأة بالدخول على غير عالم بذلك فإنه يفزع غالباً ».وهذا يعني ان السيدة عائشة رضي الله عنها لم يكن لها علم بأنها ستكون زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنهم لم يستأذنوها في ذلك وهذا ينافي قول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم «لا تنكح البكر حتى تستأذن» كما سيأتي لاحقاً.وعند مسلم من حديث الزهري عن عروة عن عائشة في هذا الحديث «وزفت اليه وهي بنت تسع ولعبتها معها ..»أيعقل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يتزوج بطفلة مازالت لعبتها معها لم تفارقها ؟!.وشرف الانصاف وعظمة الحق بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم منزه عن مثل هذه الروايات التي تخدش في اخلاقه وسعة رحمته.ومن هذه الروايات استطاع اعداء الاسلام ان يشنوا حملتهم المسعورة ضد نبي الاسلام صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وما فعلته الصحف الدنماركية ليس ببعيد فقد صوروه وبجانبه طفلة صغيرة كي يثبتوا للناس بأن نبي الاسلام كان جنسياً لدرجة انه تزوج بطفلة .. تلك الصور التي نشروها وتفننوا في تصويرها استلهموها من هذه الروايات التي هي مثبوتة في تراثنا الديني.ثم الم يقل الله تعالى :«فانكحوا ما طاب لكم من النساء..»4:3. فهل الصغيرة التي لم تتجاوز السادسة من عمرها تعد من النساء ام من الاطفال؟! ويقول تعالى ايضاً :«واخذنا منكم ميثاقاً غليظاً »21:4.[c1]الطفلة وحقوق الزوجية[/c]فهل تعرف الطفلة الميثاق الغليظ الذي ستأخذه من زوجها ؟! وهل لها علم بالحقوق الزوجية التي ستتحملها تجاه زوجها ؟! وانظر الى ام هاني ماذا قالت لما خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالت: يا رسول الله لأنت احب اليّ من سمعي وبصري وحق الزوج عظيم وأنا اخشى ان اضيع حق الزوج .. كما في الاصابة (503:4) فهل الطفلة تعرف من هذا شيئاً ؟! كلا والله !!.إن الطفلة التي في سن السادسة من عمرها او التاسعة لا تصلح للزواج البتة اذ ليس لديها الادراك النفسي والصحي والاجتماعي بالمسؤولية التي ستلقى على عاتقها، ناهيك عن عدم اكتمال نضجها الجسدي الذي يساعد في العملية الجنسية السليمة وعظامها التي لا يكتمل نموها إلا في سن الثامنة عشرة..أضف الى ذلك مبايضها - وهي في سن الطفولة - التي لم تكتمل بعد وبالتالي هرموناتها الانثوية غير كاملة ومركز التحكم الجنسي في الدماغ لا يستطيع التحكم بالعملية طالما ان الهرمونات لم تفرز بالجسم فهي التي تعطي المرأة اللذة والمتعة في العملية الجنسية.. فنكاح الطفلة في هذا السن يكون شبيهاً بالاغتصاب، لأن مهبلها ضيق والاغشية الداخلية رقيقة فيحصل عند الايلاج تمزق لهذه الانسجة مع نزيف فتحس الطفلة بالآلام والعذاب ناهيك عن الاضرار النفسية التي تلحقها..وكم قد سمعنا من حوادث سببت اضراراً عضوية ونفسية من هذا الزواج وقد بلغني ان رجلاً كامل البنية يصل عمره الى الاربعين عاماً تزوج بطفلة صغيرة لا تتجاوز التاسعة من عمرها ولما دخل عليها لم يكن ليكمل متعته منها حتى اغشى عليها واسعفوها من شدة النزيف الذي لحقها وبعدها اصيبت بالشلل النصفي.ومثل هذه الحادثة حوادث كثيرة مشابهة لها في بلادنا .. كل هذا بسبب الحديث الذي ينص بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تزوج بالسيدة عائشة وهي بنت ست سنوات...!.وهؤلاء الذين لا يخافون الله يريدون ان يتزوجوا بالاطفال بحجة انهم يقتدون برسول الله صلى عليه وآله وصحبه وسلم الذي تزوج بالسيدة عائشة وعمرها ست سنوات ودخل عليها وهي بنت تسع وما دروا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم منزه عن مثل هذه الروايات فهو لم يتزوج السيدة عائشة إلا في سن الثامنة عشرة من عمرها كما سيأتي لاحقاً.[c1]لم تبلغ الحلم[/c]واعلم ان سن بلوغ الطفلة يختلف من مكان الى آخر ففي الاماكن الحارة يكون بلوغها في سن الحادية عشر من عمرها او الثانية عشر طبعاً مع جودة الغذاء والراحة..وفي الاماكن الباردة يكون بلوغها في سن الرابعة عشرة او الخامسة عشرة من عمرها او السادسة عشرة في الغالب. وحتى لو بلغت الفتاة الحلم فهي تحتاج بعد بلوغها كي تكون زوجة- الى ست سنوات او سبع سنوات كي يكتمل نموها وتحدث تغيرات عضوية من حيث النمو مثل «الثديين- شكل الحوض- حجم الرحم» والاكتمال الحقيقي لها يتم في سن الثامنة عشرة من عمرها وفي هذا السن وما فوقه تبلغ الفتاة رشدها ويحسن التصرف منها ولا تتعرض لأي اذى في حملها، اما اذا حملت قبل هذا السن- بشكل استثنائي- فإنها تصاب بأضرار منها : الاجهاض المبكر ومعاناة من هشاشة العظام وتسمم الحمل وتعرضها لسرطان عنق الرحم بسبب حساسية الانسجة الداخلية وتكون عرضة لفقر الدم والنزيف الشديد وهناك اضرار اخرى تجدها في كتب الطب.قد يقول المعترضون: إن السيدة عائشة رضي الله عنها آنذاك وغيرها من النساء كن يبلغن في سن مبكر ولذلك كانت كاملة البنية لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.نقول : النساء في ذلك الزمن هن نفس النساء في هذا الزمن من حيث بلوغ سن الحلم.بل ان في هذا الزمن قد يبلغن في سن مبكر اكثر من ذي قبل وذلك لرغد العيش وتوافر المأكل والمشرب والراحة النفسية .. بينما في الزمن السابق كن يعانين من شظف العيش وقساوة الايام و..فهذه السيدة عائشة تقول «وكان النساء اذ ذاك خفافاً لم يهبلن ولم يغشهن اللحم انما يأكلن العلقة من الطعام..».وتقصد السيدة عائشة بهذا الكلام نفسها لأنها بيِّنت السبب لما أخذ القوم هودجها ظناً منهم انها فيه بينما هي ذهبت تقضي حاجتها كما هو مفصل في حادثة الافك - أن صحت - المهم من هذا تعلم بأن السيدة عائشة - رضي الله عنها - لم تكن كما قالوا كاملة البنية بل كانت ضعيفة هزيلة فكيف يعقل بعد هذا ان يتزوجها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وسنها كما زعموا ست او تسع سنوات؟!.والذي نعتقد ونجزم به ان السيدة عائشة رضي الله عنها كان عمرها لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لا يقل عن ثماني عشرة سنة بدليل الادلة النقلية والشواهد التاريخية واليك بيان ذلك :ذكر الامام النووي في كتابه تهذيب الاسماء واللغات 328/2 ما نصه : «اسلمت اسماء قديماً بعد سبعة عشر انساناً وكانت اسن من عائشة - رضي الله عنها..».وقال في نفس المصدر السابق 2 /329 وفي تاريخ دمشق قال ابن ابي الزناد «كانت اسماء اكبر من عائشة بعشر سنين وعن الحافظ ابي نعيم قال: ولدت اسماء قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم -بسبع وعشرين سنة..».قلت الخلاصة من هذين النصين ان اسماء بنت ابي بكر ولدت قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بسبع وعشرين سنة وهي أسن من السيدة عائشة بعشر سنوات.[c1]حقائق دامغة[/c]وهنا نسأل كم كان عمر الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لما ولدت اسماء؟الجواب كان عمره صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ستة وعشرين عاماً.لأن الله تعالى بعثه لأداء الرسالة وعمره أربعون عاماً، فظل بعد بعثته بمكة ثلاثة عشر عاماً فيكون سنه لما هاجر ثلاثة وخمسين عاماً وبهذا السن كانت هجرته للمدينة.. فأسماء ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، فلو انقصنا سبعة وعشرين من ثلاثة وخمسين الذي هو عمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم اثناء الهجرة كان الناتج ست وعشرين سنة وهو عمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لما ولدت اسماء..اذاً ولدت اسماء وسنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ستة وعشرين عاماً، فإذا كانت اسماء اكبر من السيدة عائشة بعشر سنوات - كما تبين سابقاً - يكون عمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لما ولدت السيدة عائشة التي ولدت بعد اسماء بعشر سنوات ستة وثلاثين عاماً .فأسماء ولدت وسنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ستة وعشرين سنة ومرت عشر سنوات فولدت السيدة عائشة وكان عمره صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ستاً وثلاثين سنة، فإذا عرفت هذا فتكون السيدة عائشة ولدت قبل البعثة بـ 4 سنوات ثم كانت البعثة النبوية واستمرت في مكة ثلاث عشرة سنة فيكون عمر السيدة عائشة سبع عشرة سنة ثم كانت الهجرة الى المدينة المنورة وبنى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالسيدة عائشة في السنة الاولى للهجرة وعمرها ثماني عشرة سنة.ولدت قبل البعثة ب4 سنوات + 13 سنة في مكة الدعوة النبوية + السنة الاولى للهجرة =ثمانية عشرة يكون سنها رضي الله عنها .وأما ما جاء في الاصابة 4 /359 لابن حجر من أن السيدة عائشة ولدت بعد المبعث بأربع سنين او خمس فليس بصحيح.أولاً لما مر آنفاً من الشواهد التاريخية والحساب الدقيق والتحقيق الانيق.وثانياً: لأن السيدة عائشة في ذاك الزمن كانت جارية تلعب، فقد روى البخاري 8 /797 فتح الباري -كتاب التفسير برقم «4876» بسنده أن ابن جرير اخبرهم قال: اخبرني يوسف بن ماهك قال: «إني عند عائشة أم المؤمنين قالت : لقد انزل على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بمكة واني لجارية العب «بل الساعة موعدهم والساعة ادهى وامر». والشاهد من هذا هو ان هذه الآية من سورة القمر ومعلوم ان سورة القمر من اوائل السور التي نزلت في مكة وكان نزولها على اقل تقدير في بداية السنة الرابعة للبعثة إن لم نقل الثانية او الثالثة للبعثة ودليلنا على ذلك ما قاله السيوطي في كتابه «الاتقان» 1 /14 وقال ابن الضريس في فضائل القرآن :حدثنا محمد بن عبدالله بن ابي جعفر الرازي، انبأنا عمرو بن هارون، حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن ابيه عن ابن عباس قال : كانت اذا انزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ما يشاء وكان اول ما انزل من القرآن: «اقرأ باسم ربك» ثم «ن» ثم «يا ايها المزمل» ثم «يا ايها المدثر».. ثم اقتربت الساعة ثم «ص» ثم الاعراف ثم «قل اوحي» الى ان قال ثم «الكهف».فلاحظ هنا سورة القمر نزلت قبل سورة الكهف بمدة من الزمن فبينها وبين سورة الكهف من حيث النزول احدى وثلاثون سورة اذاً سورة الكهف متأخر نزولها عن سورة القمر.. ومعلوم قطعاً ان سورة الكهف نزلت في أواخر السنة الرابعة للبعثة وبعدها كانت باتفاق اهل السير -الهجرة الاولى- للحبشة في السنة الخامسة للبعثة ولا خلاف في ذلك عند اهل السير.فإذا عرفت هذا، فكيف يصح قولهم أن السيدة عائشة ولدت بعد المبعث بأربع سنوات وهي نفسها تقول لقد انزلت على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بمكة واني لجارية العب ..!! بل الساعة موعدهم .. وسورة القمر قد علمت متى نزولها ؟!وقول السيدة عائشة رضي الله عنها هذا يدل على ان عمرها كان اثناء نزول سورة القمر لا يقل عن ثماني سنوات لأن الفتاة لا يمكن ان تعقل وتذكر اي حدث في طفولتها إلا في سن الثامنة او السابعة، اما في أقل من هذا السن أو في هذا المهد فمحال ان تذكر شيئاً وازيدك على ما مر سابقاً ما رواه البخاري برقم 2297كتاب الكفالة باب جوار ابي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وعقده 4 /599 (فتح الباري) بسنده ان عائشة رضي الله عنها قالت :«لم اعقل ابوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج ابوبكر مهاجراً إلى الحبشة ...» فالسيدة عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث لم تعقل ابويها إلا وهما يدينان دين الاسلام وكانت تعلم بمجيء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى اهلها كل يوم وبعد كلامها هذا قالت فلما ابتلي المسلمون خرج ابوبكر مهاجراً إلى الحبشة ومعلوم بإجماع اهل السير ان الهجرة الى الحبشة كانت في السنة الخامسة للبعثة كما مر سابقاً فإذا عرفت هذا فكيف نصدق قولهم إن ولادتها رضي الله عنها كانت في السنة الرابعة للبعثة؟!فهل عقلت ابويها وهما يدينان الدين وعلمت بمجيء رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كل يوم الى أهلها وهي في سن الرضاعة لا يتجاوز عمرها سنة واحدة؟!.لا شك ان كلامها في الحديث الآنف الذكر كان وسنها ثماني او تسع سنوات، فولادتها -كما علمت سابقاً- في السنة الرابعة قبل البعثة وبعد البعثة بخمس سنوات كانت الهجرة الاولى للحبشة فيكون سنها تسع سنوات لما عقلت ابويها وهما يدينان الدين كما في الحديث.هذا مع ان الطبري ذكر في تاريخه أن عائشة رضي الله عنها ولدت قبل الاسلام ويجزم بيقين بأن كل اولاد ابي بكر قد ولدوا في الجاهلية ..واما ثالثاً : فإن السيدة عائشة رضي الله عنها تعد من اوائل الذين اسلموا قديماً فقد قال ابن هشام في سيرته 1 /252 بعد ان ذكر الثمانية الذين سبقوا الناس بالاسلام قال ما نصه «ثم اسلم ابو عبيدة الى ان قال واسماء بنت ابي بكر وعائشة وهي يومئذ صغيرة وخباب بن الارت»فهنا جاء ترتيب خباب بن الارت في اسلامه بعد عائشة، وابن حجر يقول في الاصابة 1 /416 وكان خباب من السابقين الاولين .. اسلم قديماً وروى البارودي انه اي خباب اسلم سادس ستة وهو أول من اظهر الاسلام».[c1]إسلام السيدة عائشة[/c]فإذا كانت السيدة عائشة كما زعموا ولدت في السنة الرابعة للبعثة او الخامسة فكيف ذلك وقد تبين هنا بالدليل الواضح انها اسلمت قبل السنة الرابعة؟!وحتى ما ذكره النووي في تهذيبه 351/2 بأن السيدة عائشة اسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر انساناً ممن اسلم فهو مؤيد لما قلناه فالثمانية عشر الذين اسلموا مع اسلام السيدة عائشة كان في بداية البعثة ايام ما كانت الدعوة سراً والتي استمرت ثلاث سنوات من بعد مبعثه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهذا لا خلاف فيه، فكيف بعد هذا يصح قولهم بأن السيدة عائشة ولدت بعد البعثة بأربع سنوات ؟!والعجيب ان ابن حجر في الاصابة 4 /377 يذهب الى ان فاطمة اسن من عائشة بنحو خمس سنين .. وبقوله هذا تكون عائشة ولدت وعمره صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم اربعين عاماً لأن فاطمة ولدت والكعبة تبنى والنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة ذكر ذلك ابن حجر في المصدر السابق نفسه.وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على تناقض الروايات التي أوردوها في ولادة السيدة عائشة فهي متخلخلة متناقضة فاعجب من صنيعهم ذلك !.واما الرواية التي اوردها اصحاب التراجم في قضية خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السيدة عائشة فهي عليهم لا لهم واليك نص الرواية: روى الطبراني واحمد في المناقب والمسند والبيهقي بإسناد حسن عن ابي سلمة بن عبدالرحمن بن حاطب -رحمهم الله- عن عائشة رضي الله عنها قالت:« لما ماتت خديجة رضي الله عنها جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون الى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقالت يا رسول الله الا تتزوج؟ فقال : من ؟فقالت: ان شئت بكراً وان شئت ثيباً فقال :ومن البكر ومن الثيب؟ فقالت فأما البكر فأبنة احب الخلق اليك عائشة بنت ابي بكر واما الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك، قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :فاذهبي فاذكريهما عليَّ فأتيت ام رومان فقلت :يا ام رومان ماذا ادخل الله عليكم من الخير والبركة ؟ قالت : وماذاك ؟قلت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يذكر عائشة قالت وددت انتظري ابابكر قالت :فجاء ابوبكر فذكرت ذلك له فقال او تصلح انما هي ابنة اخيه فرجعت الى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فذكرت لك ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ارجعي اليه وقولي له:«انت اخي في الاسلام وابنتك تصلح لي.قالت :وقام ابوبكر فقالت لي ام رومان :إن المطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه والله ما اخلف ابوبكر وعداً قط، قالت : فأتى ابوبكر المطعم بن عدي باختصار فقالا له أي المطعم وزوجه : لعلنا ان انكحنا هذا الصبي اليك تصبئه وتدخله في دينك والذي انت عليه، فقام ابوبكر ليس في نفسه شيء من الوعد..» الحديث بطوله.. فهذه الرواية ان صحت نستنتج منها اموراً في عدم صحة ما ذهبوا اليه :1 - إن خولة بنت حكيم ما عرضت عائشة على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلا لانها تعلم بأن السيدة عائشة صالحة لان تكون زوجة مثلها مثل سودة بنت زمعة لانه يستحيل ان تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم طفلة لا يتجاوز عمرها ست سنوات ولاحظ قولها :ان شئت بكراً اي شابة وليست طفلة صغيرة.2 - قوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لخولة : «فاذهبي فاذكريهما عليَّ » يدل على ان عائشة لم تكن طفلة في السادسة من عمرها -كما قالوا- وإلا فهل يعقل ان يأمرها بأن تذهب الى طفلة كي تذكره عندها؟!فإذا قالوا إن خولة انما ذهبت لأم رومان ولم تذهب الى عائشة وهذا يدل على انها كانت صغيرة.[c1]استئذان البكر[/c]نقول :إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :«لا تنكح الايم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن» رواه البخاري برقم(5136).فيستحيل ان يقول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ما لا يفعل فلا بد للبكر ان يستأذنوها في زواجها وإلا كان ذلك مخالفة لتعاليم الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فإن التي سنها ست سنوات غير مكلفة فضلاً عن ان يستأذنوها فلا فائدة في استئذانها وهي بهذا السن فأفهم .. ومن يستقرئ كتب السير والتراجم فسوف يعلم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ما تزوج نساءه إلا بعد ان يستأمرهن ويستأذنهن ويطلب موافقتهن وهذا معروف لا يجهله احد.. انظر الاصابة لابن حجر (4/ 316،461، 411)3 - هذه الرواية تدل على ان عائشة رضي الله عنها قبل ان يخطبها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كانت مخطوبة لجبير بن مطعم ولكن لا نعلم متى طلب مطعم بن عدي من ابي بكر عائشة لابنه جبير !! والذي يبدو لي انه طلبها لابنه جبير في السنوات الثلاث الاولى للبعثة او قبلها ولو كان طلبها لابنه في بداية الجهر بالدعوة في السنة الرابعة او ما بعدها لما قال لابي بكر : لعلنا نكحنا هذا الصبي اليك تصبئه وتدخله في دينك.ولو سلمنا جدلاً ان السيدة عائشة ولدت في السنة الرابعة للبعثة وفي السنة العاشرة قبل ان يطلبها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لنفسه طلبها قبله المطعم لابنه جبير ومعلوم ان المطعم وابنه كانا كافرين فكيف سيرضى ابوبكر ان يزوج ابنته لمشرك والمشركون في تلك السنة وما قبلها كانوا يذيقون المسلمين ويلات العذاب ؟! اذاً لا يبعد ان مطعماً طلبها لابنه قبل البعثة -لما ذكرناه سابقاً- فضلاً عن ان يكون قد طلبها لابنه في السنوات الثلاث الاولى للبعثة.[c1]ليس صحيحاً[/c]المهم مما مر سابقاً أن تعلم أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يتزوج السيدة عائشة إلا وقد بلغ عمرها ثماني عشرة سنة وان ماذهبوا اليه من انه تزوجها وعمرها ست سنوات ودخل بها وهي بنت تسع سنوات ليس صحيحاً وذلك للادلة التي اوردناها سابقاً عقلاً ونقلاً، اضافة الى ان هذه الروايات التي رواها البخاري وهي ان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تزوج عائشة وهي بنت ست سنوات جاءت كلها عن هشام بن عروة عن ابيه ومعروف ان هشاماً كان يرسل عن ابيه مما كان يسمعه من غير ابيه وكان مالك لا يرضاه ذكر ذلك ابن حجر في تهذيبه (11 /50) وجاء في ميزان الذهبي (4 /301) قال ابو الحسن بن القطان فيه اي في هشام وفي سهيل بن ابي صالح اختلطا وتغيرا وكان مالك لا يرضاه ونقم عليه حديثه لاهل العراق وكان يرسل عن ابيه ».هذا ناهيك عن ان أباه كان من المنحرفين عن الامام علي -كرم الله وجهه- فقد حاول الخروج في معركة الجمل لكنهم ردوه لصغره اذ كان عمره ثلاث عشرة سنة كما في سير اعلام النبلاء للذهبي 4 / 423 والطبقات الكبرى لابن سعد 5 /179 ولقد اتهمه الزهري في بني هاشم جاء في شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 4 /62 قال معمر : كان عند الزهري حديثان، عن عروة، عن عائشة في علي -كرم الله وجهه- فسألته عنهما يوماً فقال : ما تصنع بهما وبحديثيهما الله اعلم بهما اني لاتهمهما في بني هاشم .فإذا كان عروة متهماً في وضع الاخبار المختلقة التي نسجها خصوم بني هاشم للنيل منهم والتنقيص من منزلتهم، فلا شك انه من الذين وضعوا فضائل لام المؤمنين عائشة رضي الله عنها على حساب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليغيظ بذلك آخرين كحديثه السابق وحديثه الاخر : إن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة..» الحديث رواه البخاري برقم «3774». فلماذا يا ترى الناس يفرحون لما تكون ليلة السيدة عائشة حتى يأتوا بالهدايا ؟ وكيف يعلمون بأنها ليلة السيدة عائشة ؟ فهل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضع لهم لافتة مكتوب عليها ان في ليلة كذا سأكون عند عائشة ؟! فهذه اخبار سخيفة يخجل الانسان من قراءتها فضلاً عن روايتها وكم من احاديث من هذا القبيل جاءت عن عروة كي يثبت فضائل السيدة عائشة وهي بنفس الوقت تسيء الى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم !! هذا مع ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم منزه عن مثل هذه الروايات والسيدة عائشة بريئة من هذه الروايات التي الصقت بها فلك الله يا ام المؤمنين اراد القوم ان يمدحوك فجرحوك عاملهم الله بعدله والحليم تكفيه الاشارة والى هنا نكتفي بما ذكرنا والله ورسوله اعلم.[c1]* باحث إسلامي يمني[/c]
|
دراسات
الزواج بالصغيرة أمر ترفضه الإنسانية فضلاً عن الديانات السماوية
أخبار متعلقة