منظمات المجتمع المدني
لم يعد يخاف الأدوار البنائية الاجتماعية والتنموية والحقوقية التي تضطلع بها منظمات المجتمع المدني باعتبارها منظمات طوعية مستقلة تعمل جنباً إلى جانب الجهود الرسمية كشريك أساسي في جهود التنمية والبناء الديمقراطي للمجتمع ، فمن الصعب في العصر الراهن- وفي ضوء المؤتمرات الدولية والإجماع الدولي بشأن الأدوار الفاعلة لهذا القطاع - تصور قيام الحكومات وحدها بمهام وأعباء النهوض بمجتمعاتها إذ لابد من تضافر الجهود وتلائم الجهود الرسمية والشعبية في شراكة مسئولية ومبنية على الثقة والاحترام المتبادل والتكامل في المهام والأعمال وهو بالضبط ما أصبح توجهاً عاماً تأخذ به الدول والحكومات وتحرص الشعوب على التعاطي معه باعتباره إنجازاً إنسانياً يحقق تطلعاتها في العمل الجماعي الطوعي وخدمة احتياجات المجتمع على خلفية من التطبيق الواعي لمبادىء الشفافية والاستقلالية والمشاركة باعتبارها مبادئ تجتمع حولها هذه المنظمات وتعمل على تطبيقها في الواقع العملي، وتقدم النموذج الذي ينبغي الاقتداء به فكيف هو الواقع الراهن وماهو دور الحكومة وعلاقتها بهذا القطاع وكيف تعاملت هذه المنظمات مع التوجهات الرسمية والقوانين والاجراءات وهل ثمة أمل في أن تكون نموذج المجتمع المدني وان يكون لها أدوار فاعلة في تعزيز العلاقات الديمقراطية وتجاوز الطرق التقليدية والبيروقراطية في العمل .. ذلك ما سنحاول الاجابة عليه هنا:[c1]الحكومة..المنظمات الأهلية.. شراكة وتعاون [/c]لقد انتهجت بلادنا بعد قيام الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م طريق الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة ودعم الحريات وحقوق الانسان ووفر ذلك ظروفاً وشروطاً سياسية وقانونية ملائمة لاحداث مزيد من التطوير لنظر الدولة للعمل الاهلي بمختلف مجالاته واعتباره شريكاً رئيسياً للجهود الرسمية في عملية البناء والتنمية، أن الدولة في ظل التوجهات الديمقراطية الجديدة قد اتخذت خطوات عملية لتأمين المشاركة الواسعة للمواطنين من خلال جمعياتهم الطوعية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وممارسة حقوقهم وخياراتهم بصورة ديمقراطية وطبيعية وفيما يلي جانب من هذه الشروط والمتطلبات.[c1]أولاً :[/c]الغاء القوانين والتشريعات القديمة واشراك المنظمات الاهلية والجهات ذات العلاقة المحلية والاجنبية في المناقشة الموسعة للقوانين الجديدة والمنسجمة مع ما تضمنه الدستور من نصوص متقدمة ومشجعة بشأن حرية المواطنين في تشكيل منظماتهم الطوعية وهذه القوانين هي:* القانون رقم "1" لسنة 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الاهلية ولائحته التنفيذية رقم "129" لسنة 2004م.* القانون رقم "39" لسنة 1998م بشأن الجمعيات والاتحادات التعاونية.لقد ادى التطبيق لهذه القوانين وما تضمنته من خصائص ديمقراطية في حرية التكوين والتأسيس والمشاركة وافضليات ومزايا عديدة والزام الدولة لنفسها بتقديم كل اشكال المساندات لهذا القطاع واعتباره شريكاً مهماً للجهود الرسمية في عملية البناء والتنمية إلى زيادة دوره ومكانته في المجتمع وإلى بروز عدد من الظواهر الايجابية في أنشطته ومساهماته المجتمعية خصوصاً هذا التنوع والتعدد في مجالات وميادين الانشطة التنموية والاجتماعية والحقوقية والخيرية والانسانية والعملية.[c1]ثانياً :[/c]الحرص على استقطاب الموارد والمشروعات وتأسيس الصناديق لتقديم المساعدات الفنية والمؤسسية والتدريبية وتشجيع عملية الاقراض الصغير والإصغر وخصوصاً في ميادين مكافحة الفقر وتنمية ورعاية المرأة والفئات المهمشة.[c1]ثالثاً :[/c]تقديم الدعم المالي السنوي لعدد من المنظمات الأهلية الناشطة والمستوفية لشروط الدعم الواردة في القانون.[c1]رابعاً :[/c]الإعفاءات والتسهيلات الجمركية والضريبية المقدمة للمنظمات الأهلية.[c1]خامساً :[/c]تقديم جانب من مساعدات الرعاية الاجتماعية والتكافلية عبر الجمعيات الاهلية.[c1]سادساً :[/c]اسناد المراكز الاجتماعية ومراكز الاسر المنتجة للجمعيات الاهلية.[c1]سابعاً :[/c]إنشاء صندوق رعاية المعاقين لدعم جمعيات المعاقين.[c1]ثامناً :[/c]اصدار الادلة الارشادية والانظمة الاساسية النموذجية وغيرها من المطبوعات المساعدة في رفع الوعي بالقوانين والتشريعات الاهلية.كان ذلك استعراضاً سريعاً للموقف الحكومي الراعي والداعم لهذا القطاع، فكيف هو الآن حال هذه المنظمات وهل استطاعت ان تحقق الآمال؟[c1]2 ) الوضع الراهن . . التطورات والاخفاقات :أولا ً:[/c]ققد أدت مناخات الديمقراطية السائدة وصدور القوانين الجديدة بكل ما بها من مزايا وافضليات والموقف الحكومي المؤيد والداعم لهذا القطاع إلى حدوث تطورات ملفتة للانتباه في هذا القطاع بحيث اخذ دوره يزداد تأثيراً وارتباطاً بفئات وشرائح عديدة ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التالي :* التطورات الكمية الكبيرة في اعداد هذه المنظمات والتي وصل عددها إلى اكثر "5300" منظمة حتى نهاية 2005م.* تنوع وتعدد مجالات عمل وأنشطة هذه المنظمات ووصولها لشرائح وفئات اجتماعية جديدة وعديدة.* استقطاب وتنفيذ المنظمات الاهلية للعديد من المشروعات التنموية والاجتماعية والتكافلية والحقوقية والثقافية من خلال الدعم الحكومي أو من الموارد التمويلية الاجنبية بعد ان تمكن المشرع اليمني من تضمين نصٍ فـي القانون يتيح لهذه المنظمات حرية الاتصال المباشر بمصادر التمويل الاجنبية وحل هذه الاشكالية بالإعلان عن هذه المساعدات إلا أن هذه المنظمات غالباً ما تخضع لأجندة المنظمات الأجنبية الممولة التي تبتعد كثيراً عن الاحتياجات الحقيقية للمجتمع فنجد كثيراً من المنظمات الاهلية يخوض في موضوعات وقضايا لاتمثل ضرورة أو احتياجاً ملحاً في المجتمع فتبدد موارد وتنفقها في غير مواضعها .* أظهرت عدد من المسوحات الميدانية التي نفذتها الوزارة خلال الأعوام 2001 ـ 2002 ـ 2003م في عدد مختار من المنظمات الأهلية أن هذه المنظمات تحقق على الواقع نتائج ايجابية خصوصاً ما يتعلق بالخدمات المجتمعية في مجالات التعليم والرعاية الاجتماعية ومشروعات الصحة والأسر المنتجة والتدريب النسوي والتوعية الاجتماعية ورعاية الأيتام وإقامة المخيمات الطبية وبرامج محو الأمية والمشاريع الخيرية التكافلية الاجتماعية وان هذه الخدمات والمشروعات تتم بدعم حكومي وذاتي وأجنبي .* كما أظهرت المسوحات الميدانية أن هناك تطورات كبيرة في العضوية المنخرطة في هذه المنظمات ترتفع من عام لعام بنسبة 100 ويشمل ذلك الجمعيات والمؤسسات الاهلية والجمعيات التعاونية، ومع ذلك فإن اعداد المستفيدين مازال محدوداً ومحصوراً في نطاقات جغرافية بعينها دون الاخرى، الظواهر الايجابية هو إقبال الناس على إنشاء الجمعيات الانسانية والحقوقية والبيئية والتي استحوذت مؤخراً على الاهتمام المجتمعي خصوصاً وأنها تبحث وتختص بامور ذات احتياج ملح اصبح من ضرورات أي مجتمع من المجتمعات وهو شعور الانسان في حالاته العديدة كبيراً ام صغيراً سوياً أو معاقاً أو أمراة أو رجلاً بأنه يمارس حقوقه طبيعية وبعزيمة قوية في مواجهة أية اختلالات تضر بهذا الاحتياج الانساني المهم، وبحسب احصاءات الوزارة نورد التالي :* عدد المنظمات الاهلية العاملة في مجال حقوق الانسان "98".* عدد المنظمات الأهلية العاملة في مجال المرأة "438".* عدد المنظمات الاهلية العاملة في مجال الطفولة "43".* عدد المنظمات الأهلية العاملة في مجال المعاقين "79".* عدد المنظمات الاهلية العاملة في مجال البيئة "100".ـــــــــــــــــــــــ[c1]* وكيل الوزارة لقطاع التنمية الاجتماعية [/c]