سعاد ناصر : عدن_ 16 /1/2008مالناقمون الذين أخذتهم عقدة السيطرة المغموسة بثقافة العنف والإقصاء والإلغاء وعدم القبول بالآخر .. لم يستطيعوا العيش بسلام .. ولن يستطيعوا .. تذكروا عهدهم بالقتل .. استدركوا رائحة الدم .. تقاطروا كالمرتزقة تسبقهم شهواتهم للدماء .. تدلت ألسنتهم، تفوح دنساً ونجاسة عاودهم الحنين لارتكاب المجازر.فاهتدوا لاختيار المناسبة .. حددوا التاريخ . كان الثالث عشر من يناير 1986م .. إذاً لم يبق غير البحث عن ضحايا لإشباع رغبات وحشيتهم وأطماع دمويتهم .. لم يتخلوا عن دجلهم .. عن نزعاتهم الشيطانية .. وعن أنانيتهم المقيتة .. يعدون سيارات وقوارب الهرب يخططون للرحيل .. يرحّلون أبناءهم وما ملكت أيمانهم قبل ساعة الصفر .. يرحلون ثم يأذنون لأذنابهم ببدء موعد سفك الدماء .. وإشعال الحرائق.اليوم وهم يتذكرون يناير الدامي الأسود .. وروائح حرائق أجساد القتلى في شوارع المدينة المسالمة .. عدن المدينة الحالمة التي طالما أدمتها وحشية أولئك الأجلاف.. الذين كثيراً ما أغرقواها بدماء الضحايا وأدخنة الحرائق.. كان يناير الأسود إحدى تلك النزالات يوم تحولت فيه المدينة إلى ساحة للقتال بين قبائل داحس والغبراء اللينينية!.اليوم ايضا اعتلوا المنصة .. أطلقوا العنان لمزامير حناجرهم .. رفعوا الشعارات .. ساروا بالضحايا .. هكذا خبرناهم .. وهكذا ما زالوا..وقفوا قليلا يتفحصون عيون ضحاياهم .. تلك الأجساد التي غدروا بها واستقدموها من بعض القرى ليقدموها قرابين للشيطان الأكبر.قبل أن يرحلوا من المنصة أطالوا النظر في ضحاياهم .. أكثروا من متعة النظر إلى الضحايا .. هكذا اعتادوا .. يأسرهم النظر إلى الضحية قبل قتلها وقبل إحراقها .. يتلذذون بتوسل الضحايا قبل دفنهم أحياء..غادروا المنصة .. بعد أن أشاروا لأذنابهم الذين غرسوهم وسط لحوم الضحايا في فرزة الهاشمي .. كي يشعلوا الفتنة التي خططوا لها وبيتوا لها النوايا.لماذا فرزة الهاشمي ياعبدة الزحام والأماكن الضيقة؟! لماذا لم يكن الاستاد (الميدان) الذي سُمح لكم بالاحتفال فيه؟! لأنكم ستنكشفون وتتعرون .. وسيظهر جليا عددكم الهزيل .. ولن يكون هناك ضحايا لاتساع المكان.حقق المرتزقة هدفهم .. غادروا المنصة .. غادروا المكان لكن لابد من سفك الدماء في يوم اقترن بالموت .. واقترن في أذهان كل الطيبين في هذا الوطن بالحزن وبنواح الثكالى وحسرات الأرامل .. واقترن في ذاكرة زبانية الشيطان بالاستمتاع برائحة الدم.. وبالتباهي وبالتمثيل بجثث القتلى..فاليوم يا من أردتم أن تخادعونا بأنكم دعاة تسامح ما بال اختياركم ليوم مشؤوم – ارتكبت فيه أبشع المجازر بحق آدمية الإنسان – لدعوة كهذه؟! هل تقطعت بكم السبل .. وخانتكم الحيلة في إيجاد مسمى جديد لألاعيبكم المكشوفة .. التي سبق عرضها في شوارع عدن وردفان والضالع وحضرموت..كرستم كل جهودكم لإيجاد مسمى جديد لإخراج الناس من بيوتهم .. فهداكم تفكيركم لمسمى في ظاهره حق لكنكم أردتم به باطلا..هل تعلمون بأن الشيطان في ذلك اليوم بات ليلته حزيناً .. لم يكن حزيناً لأجل الأبرياء الذين سقطوا . بل لأنكم تفوقتم عليه في التصريف والتدبير .. وهو الشيطان نفسه عجز عما فعلتموه اليوم والأمس.عماذا تريدوننا أن نتسامح ؟! عن أشلاء آبائنا التي مزقتها شظايا القنابل في المعتقلات؟؟ أم عن إخواننا الذين اختطفتهم مليشيات الموت على الحواجز الأمنية التي نصبتموها في مداخل الشوارع وعلى ضفاف الحارات .. واقتادتهم أيادي القتلة إلى خناق الموت لتدفنهم جرافاتكم أحياء .. أم ننسى من أحرقتم أجسادهم بالإسفلت في معتقلات المشاريع وصبر .. ثم قررتم إخفاء جرائمكم بحقهم بدفنهم في صحراء معسكر الصولبان؟؟فاليوم .. واليوم فقط .. لا مناص من المطالبة بحقنا في معرففة أين دُفن آباؤنا؟؟ من حقنا أن نطلع على وصاياهم التي صرخوا بها قبل أن تخترق أجسادهم رصاصات الموت التي أطلقتها بنادق جلاديكم.من حقنا معرفة أين يرقد رفاتهم ؟؟ وزيارة قبورهم والدعاء لهم .. فإن كنتم قد منحتم أنفسكم الحق في قتل آبائنا وإخواننا .. فالتسامح في دمائهم من حقنا نحن .. وحدنا من نقدر نحن الأبناء بقينا سنين طوال نسقي شتلات الأمل بعودتهم صباح كل عيد..نحن وحدنا الأبناء الذين كانت تدمع أعيننا كلما طلب منا معلمونا في المدرسة إحضار آبائنا..نحن من بناتهم اللواتي أبكانا سؤال المأذون عن آبائنا أثناء مراسيم عقد القران.. لكل هذا نحن أولياء الدم ونحن من يقرر نسامح أو لانسامح .. لكننا لن نسامح.. لن نسامح .. لن نسامح.
أخبار متعلقة