تناقلت وسائل الإعلام الدولية خبراً مفاده أن حشرة (البق) غزت مدينة نيويورك الأمريكية على نحو لم تعرفه أمريكا من قبل، وقد أثار هذا الخبر قلق الجهات الصحية والرسمية في المجتمع الأمريكي نظراً لما تحدثه هذه الحشرة من أضرار صحية، وما تسببه من مضايقات للإنسان.وحشرة البق تسمى في بلادنا بـ (الكتن) وهي حشرة صغيرة الجسم، ضئيلة الحجم، يراها الإنسان فلا يحسب لها حساباً، ولا يخشى ضررها، في حين أنها حشرة خطيرة ومؤذية، فهي تذهب الراحة عن النائم، وتفسد هدوءه، وتقلقه، وتجعله يعيش في اضطراب دائم طوال الليل.والكتن دويبات حمراء مفرطحة منتنة الرائحة، يكثر تواجدها في بيوت الفقراء، وهي حشرة خبيثة تسعى لامتصاص دماء الفقراء في ليالي الحر القائض، ويحلو لها أن تتسلل إلى حيث ينام الفقير، فتتخذ من فراشه وجدران بيته قاعدة لإيواء جيوشها التي تهاجمه في الليل لامتصاص دمه، وقد يكون هناك من لا يعرفها في المجتمع الأمريكي، خاصة أولئكم الأثرياء الذين يتقلبون في مطارف العز والنعيم، حيث لا فقر ولا شقاء، لذلك لا عجب أن يتقزز سكان مدينة نيويورك لرؤيتها في طوايا فرشانهم، ومستقرة في تجاويف بيوتهم، لأنهم لم يألفوها ولم يكتووا بنارها كالفقراء، وماذا لو عرف سكان نيويورك وهم يستضيفون زعماء العالم في قمة الألفية الثالثة أن الله تعالى أراد بتلك الحشرة أن يعرف الناس في أمريكا وجه الشبه بينها وبين بعض رجالاتها الذين تراهم حمر الوجوه، صغار الرؤوس، ولكنهم حاقدون على الشعوب المستضعفة في الوقت الذي تكون فيه هذه الشعوب بحاجة إلى الهدوء والراحة ويجعلونها في قلق دائم واضطراب مستمر، تماماً كما تفعل (الكتن) حين تتسلل إلى فرشان الفقراء والمساكين ليلاً، فتمتص دماءهم وتقلق راحتهم وتزعجهم، وتجعلهم يعيشون في اضطراب دائم ولا يستقر لهم حال.و (الكتن) حشرات لا ينبئ منظرها عن مخبرها، ولا يدل شكلها الخارجي على نتانة رائحتها وخبث مسعاها، يراها الرائي فإذا هي حمراء اللون وديعة هادئة، ولكنها في الحقيقة رديئة وقذرة، تعاف الأنف رائحتها النتنة، وكذلك بعض الأمريكيين الذين يتسللون إلى بعض الدول الفقيرة في غفلة من شعوبها، على شكل فرق إغاثة إنسانية، في حين أنها تحيك المؤامرات وتدبر المكائد وتزرع الفتن والدسائس في الخفاء، ولا تظهر حقيقة أهدافها ونواياها إلا بعد أن تضطرب المجتمعات الفقيرة بالفتن، ويصطرع سكانها بالحروب الأهلية، تماماً كما تفعل (الكتن) حين يستهان بأمرها، ولا يؤبه بشأنها، كونها حشرة لا يبدو من مظهرها أنها خطرة، وكذلك بعض البعثات الأمريكية إلى الشعوب الفقيرة لو كشفت أسرارها لرأيتها ماكرة خادعة.و (الكتن) حشرات خبيثة لئيمة ومن خبثها ولؤمها أنها لا تعيش إلا في الخفاء، وتنشط في الظلام، فإذا أتى الضوء سارعت بالهروب والاختفاء، وهي لا تقرص إلا حيث لا يكون الضوء ساطعاً، ولا تمارس نشاطها إلا في الظلام الحالك حيث تعجز الأبصار عن إدراكها، وكذلك عملاء أمريكا في الدول الفقيرة، فهم يتخفون عن الأنظار، ويمارسون دسائسهم في الخفاء، ولا يظهرون إلا عند حدوث الفتن والاضطرابات والاختلال الأمني.و (الكتن) حشرات لا تحيا إلا في الأماكن القذرة، المكتومة المسالك، ذات الهواء الفاسد، وكذلك عملاء أمريكا في الدول الفقيرة لا يعيشون إلا في الوحل، ولا يجرؤون على البقاء في البيئة النظيفة الطاهرة، بل يؤثرون المرتع الموبوء بالدسائس والمؤامرات، ويحلو لهم البقاء في البيئة الفاسدة.وإذا كانت (الكتن) وظيفتها في الحياة امتصاص دماء البشر، فإن الشركات الأمريكية في عصرنا لا وظيفة لها سوى السيطرة على خيرات الشعوب، ونهب مواردها، واتخاذ الدول الفقيرة كالبقرة الحلوب التي لا حول لها ولا قوة، فهي تستغل ضعف الشعوب الفقيرة لامتصاص مواردها، كما تفعل (الكتن) التي تمتص دماء الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة، كونهم عاجزين عن شراء المبيدات الحشرية، للتخلص من حشرات (الكتن) التي أقلقت مضاجعهم. وهكذا الحال بالنسبة لجنود أمريكا في الدول المحتلة، فهم لا يخرجون عن كونهم (كتناً) خبيثة تمتص دماء الناس المساكين في الدول الفقيرة، بما يبثونه في أوساطهم من فتن وقلاقل واضطراب وحروب أهلية.[c1] خطيب جامع الهاشمي / الشيخ عثمان[/c]
أخبار متعلقة