هكذا تحدث الفنان الراحل طه فارع عن الثورة السبتمبرية :
قبل ثورة (سبتمبر) كنا نقوم بتسجيل هذه الأغاني في ألبومات على أجهزة تسجيل عادية ويتناقلها الإخوان الذين كانوا ينزلون من شمال الوطن وعند عودتهم يتناقلون هذه الأغاني، وكذا الإخوة أبناء الجنوب الذين كانوا يطلعون شمال الوطن.وبعد قيام ثورة سبتمبر كنا نرسل هذه (الكاستات) إذاعة صنعاء التي كان تقوم ببثها، حيث كان ممنوعاً بث هذه الأغاني من إذاعة عدن.إلى جانب مشاركتنا في بعض الحفلات والمناسبات الوطنية وغيرها. أنا بدأت مع الأستاذ/ محمد مرشد ناجي في أغانيه الوطنية واشتركت معه ككورس في أغانيه (شعبي ثار اليوم) عند قيام ثورة سبتمبر في شمال الوطن آنذاك وقبل ثورة سبتمبر قدمت معه “ بالله عليك يا طير” و “ خلي الحمام يا جمال تغني” وغيرها وبعد ثورة سبتمبر قدمت معه “ أنا الشعب زلزلة عاتية” وغيرها وكنا نتعرض لبعض المضايقات وبعدها بدأت أقدم الأغنية مستقلاً بنفسي وذلك في مدينة تعز الحبيبة بعد قيام ثورة سبتمبر مباشرة أي بالذكرى الأولى لعيد الثورة - وكان ريع هذه الحفلة لصالح الفدائيين في جنوب الوطن سابقاً وكان شعار الحفل “ بريالين تقتل إنجليزي” وعملنا عدة حفلات لصالح الفدائيين أيضاً.وبعد ذلك اشتركنا في عدة حفلات بمناسبة عيد سبتمبر منذ قيام الثورة سنة 1962م كنت أشترك فيها مع المرشدي ككورس ثم أقدم أغاني عاطفية مستقلاً بنفسي في صنعاء وعدة مدن ومحافظات في شمال الوطن قبل الوحدة وقبل ثورة أكتوبر أيضاً.فعندما كنا مشطرين بالنسبة لي كنت أحضر إلى الشمال وأواجه الصعوبات في الحدود المصطنعة (واطلع) إلى صنعاء للمشاركة في احتفالات عيد سبتمبر المجيد من ذات نفسي يعني بدون أي دعوة أو شيء من هذا القبيل بل كان لا يعلم الجميع بطه فارع إلا وهو يقدم مشاركاته الوطنية التعبيرية يعني بدافع وطني وهكذا كان يحدث هذا قبل استقلال جنوب الوطن وقبل ثورة أكتوبر أو بعدها حتى وقدمنا لها مجموعة أغان أيضاً حتى تمت الوحدة اليمنية العظيمة.. وكان لي الشرف أنني أول فنان من جنوب الوطن يحضر من ذات نفسه ويشارك الشعب أفراحه في ميدان الظرافي في عام 1990م.فبعد قيام الثورة السبتمبرية المجيدة في تعز قدمت أغنية وطنية (شعب اليمن مبروك) وهي عبارة عن مشاركة معبرة عن الحدث العظيم في عام 1962م وهي من كلمات الشاعر/ عبدالله عبدالكريم ومن أول ألحاني طبعاً.وبعد فترة ذهبت إلى تعز لأقدم أنشودتين هما: ( بالقنابل والمدافع سلاحنا) والثانية (شعب واحد) وهما من كلماتي وألحاني وكان ريع هذه الحفلة كما ذكرت سابقاً لصالح الفدائيين ضد الاستعمار البريطاني البغيض.كما أن هناك إذاعة صوت العرب التي كانت تبث أغاني بعض الزملاء مثل الفنان إسكندر ثابت ومحمد محسن عطروش بحكم أنهم كانوا هناك في القاهرة طلاب علم ومكثوا سنين هناك بعد الدراسة فكانوا يشاركون الوطن بالكلمة الشجاعة عبر هذه الإذاعة حيث كنا نشارك من هنا من الداخل... من داخل المعمعة “ ويضحك” .وطبعاً أنا لست الوحيد في هذا المجال - وكان للأغنية الوطنية عمالقتها فسبق أن ذكرت أنني بدأت ككورس مشاركاً الفنان المرشدي والفنان محمد سعد عبدالله وهناك الكثير ممن قدموا الأغنية الوطنية في عدن وصنعاء وقدموا لها أشياء كثيرة ولكن بحكم أنه في عدن كانت الأغنية مباحة فكان الفنانون يستغلون الأغنية العاطفية ويقدمون من خلالها الأغنية الوطنية لكن في صنعاء كان الغناء محرماً فقد كان الفنان في صنعاء مكبوتاً ومكبلاً لا يقدر على تقديم ما يريد من الغناء وعندما جاءت الثورة انطلق فن الغناء إلى العالم وقال لها “ أشهدي أيتها الدنيا” على لسان الفنان القدير/ أحمد السنيدار وغيرها من أغاني علي بن علي الآنسي وأغاني الحارثي وصاحب الحظ الأوفر في هذا المجال الفنان أيوب طارش وغيرهم.وفي الجنوب سابقاً فقد تأسست الأغنية الوطنية طبعاً على يد عبدالله هادي سبيت ومحمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله ومحمد محسن عطروش وأحمد قاسم واسكندر ثابت وفرسان خليفة وغيرهم الكثير..من ذكرياتي الفنية مع المرشدي من الزيارات التي رافقته وفيها كانت زيارة إلى شمال الوطن الحبيب في عهد (الحمدي) وفي نفس السنة التي أفتتح فيها تلفزيون الجمهورية العربية اليمنية لأول مرة ولم يظهر أي فنان على الشاشة بعد. وحتى يكون له السبق في الظهور ليكون أول فنان يمني يظهر على الشاشة في صنعاء الحبيبة كانت هذه القصة معه: جاء مسؤول في الدولة إلينا وأنا والمرشدي في جلسة قات في الفندق الذي نزلنا فيه مع بقية الفرقة الموسيقية وأتذكر من أفراد الفرقة فضل تكرير والمرحوم محمد عبدالكريم وفضل عبدالكريم وغيرهم وأخبرنا (مرشد وطه) أنه قد تم حجز الاستديو لكم يوم.. لتسجلوا لنا بعض الأغاني فوافقنا على أن نسجل أنا والمرشدي في نفس اليوم.. وفي يوم التسجيل والتصوير ذهبنا معاً بمرافقة الفرقة التي صاحبتنا في كل الحفلات قبل التسجيل مع العلم أن الفرقة الموسيقية تعرف أنها ستعزف لنا أنا والمرشدي في تسجيل التلفزيون وعندما وصلنا مبنى التلفزيون كان الاتفاق بيننا أنا والمرشدي انه سيغني هو الأول وبعده أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا لأنها ترددت كثيراً للتوضيح فقط.دخل المرشدي الاستديو وغنى أكثر من ثلاث أغان وأنا في انتظار دوري في غرفة (المخرج) فهمس، المخرج قال لي: وأنت متى ع تدخل تغني قلت له بعد أن ينتهي الأستاذ المرشدي لكن لا ادري كيف سمح لنفسه أن يأخذ وقت التسجيل كله وأنا في انتظار دوري في التسجيل الأمر الذي لفت نظر العازفين والمخرج فبدا عليه التوتر لأنه عنده أمر ان يسجل لاثنين من الفنانين هما طه المرشدي لكن المرشدي مازال في الاستديو يغني... ويغني دون مراعاة شعوري وشعور مخرج الأغاني.فتعمد المخرج مشكلة ليخرج المرشدي من الاستديو ويدخل طه ويكون هو (المخرج) قد سجل للجميع حسب الاتفاق بين الإدارة والفنانين.في أثناء التسجيل صرخ المخرج بعصبية في أحد المصورين بواسطة “ الهيدفون” سماعة الأذن. أخذ المرشدي من اليمين يا.. فما كان من زميله المصور إلا أن يترك الاستديو متوجهاً إلى غرفة المخرج قائلاً له ما.. ابن... إلا أنت باللهجة الصنعانية الجميلة.. وهنا خرج المرشدي من الاستديو لتهدئة الموقف وفي نفس الوقت زعلان لأن الأغنية كانت على وشك الانتهاء. بعد أن غنى ما يقارب الست أغان موزعة بينه وبين طه فارع. وبعد أن تكهرب الموقف والوقت انتهى خرجنا من التلفزيون دون أن أسجل حتى أغنية فبدأ الزعل على أفراج الفرقة والمخرج أيضاً لماذا تصرف المرشدي بتلك الطريقة مع زميله وابنه الروحي طه ولم يتح له فرصة التسجيل مع العلم أن الاتفاق كان سيستفيد منه الجميع الفرقة ستعزف لاثنين ومعنى هذا أن أجورهم ستتضاعف مرتين والتلفزيون سيسجل لفنانين لكن مرشد أخذ الوقت كله بسبب نظرته البعيدة عندما يسجل تاريخ التلفزيون أنه أول فنان سجل لتلفزيون ج.ع.ي.وكسب قيمة الأغاني كلها لوحده.. وعندما عدنا إلى الفندق عاتبته على فعلته هذه.. تصور أيها القارئ ماذا أجابني قال لي أنت افتهم لك غلط. قلت: كيف، المسؤول وجه الكلام لنا الأثنين. قال لي: لا كان المقصود أنا فقط. قلت له: وعندما شهدتنا وأنا ذاهب معك في الملابس الرسمية ليش ما فهمتنا بان التسجيل لك. قال لي.. أيش أقولك اجلس. قلت له: ما عليش أنا وإلا أنت كله واحد وهكذا كنت أغلط نفسي.. وبعد يومين من التسجيل جاء المسؤول بأجر الأغاني التي تم تسجيلها للتلفزيون فإعطى ظرفاً كبيراً للمرشدي كما إعطى لي ظرفاً صغيراً واعتذر لي لعدم تمكني من التسجيل وعندما خرج المسئول فتحت الظرف وإذا به ثلاثة ألاف ريال يمني.. فعرفت أن النقود كانت قيمة ثلاث أغان والتي لم أسجلها ولكن كان عند وعده لي بتسجيل ثلاث أغان لي للتلفزيون وعندها أحس المرشد بغلطته. وبدأ يحس أيضاً بوجودي كفنان محبوب عند خلق الله.