سطور
سيناء سمير سالميقام في هذا الشهر معرض الكتاب الذي يفترض به أن يكون دولياً، إلا أنه من الملاحظ انه لم يعد ذلك المعرض الذي كان عليه في الأيام الخوالي. لم نعد نشعر بتلك البهجة التي كنا نشعر بها لمجرد سماعنا عن وجود معرض كتاب، كما لم نعد نحتفي به كما كنا نفعل في الأيام السابقة والأسباب عديدة.لعل أول سبب وراء فرحتنا العارمة بافتتاح معرض كتاب انه كان دولياً بمعنى الكلمة، حيث نجد الكتاب المصري واللبناني واليمني... الخ من الكتب، أما الآن لا توجد سوى نوعية محددة من الكتب وهي إما الدينية أو كتب التنمية البشرية التي خطفت أبصارنا ألوان أغلفتها البراقة والساطعة أو روايات اجاثا كريستي أو غيرها من الكتب التي أكاد أقسم أنها تتكرر في كل عام. لا أقول أنه لا توجد كتب أخرى، لكن الغالب الأكبر لها بشكل لافت للنظر وطاغ هو من نصيب الكتب الدينية وكتب التنمية البشرية. حتى السيديهات أكثرها أفلام كرتون أو دينية.من قال أنه لا توجد أصناف أخرى للعلم والمعرفة؟ أليست هناك كتب علمية في مكتبات العالم؟ ألا يمكن أن تحوي معارضنا كتباً في تعليم الرسم أو الخياطة مثلاً؟ لم يحرم الناس من ألوان أخرى للعلم؟بات الأمر نمطياً وشكلياً أكثر من كونه مثمراً، فالنمو في عناوين الكتب والانفتاح في نوعية الكتب وتعددها يعود في الأخير إلى مصلحة القارئ ومن ثم ثقافة المجتمع بأسره. أما أن تحدد ألوان معينة من الكتب تكرر نفسها في كل عام فهذا أمر ممل ويفرغ معرض الكتاب من معناه ويجعله مجرد هيكل كبير خال من الداخل أو كما يقول إخوتنا الأمريكان White Elephants أو Much ado about nothing .أما السعر فهو ليس كالسابق، فقد كانت كلمة (معرض) تعني فرصة لا تعوض أي أن سعر الكتاب خلال المعرض أقل بكثير من سعره في الأيام العادية، لذا نجد الناس تدخر المال لهذا اليوم الجلل وتوفر في مشترياتها كي لا تفوتها الفرص الكبيرة التي يقدمها المعرض. وما يحدث الآن يختلف تماماً عما كان عليه في السابق، فالكتب هي نفسها الموجودة في المكتبات والأسعار كذا هي نفسها، إذن ما فائدة أن يقام معرض؟ فإذا أردت أن اشتري كتاباً سأذهب مباشرة إلى المكتبة المعنية واشتري الكتاب الذي أريد وبنفس السعر!! ما الذي استفدت من المعرض؟ بل على العكس بدلاً من أن أضيق على ميزانيتي واشتري أربعة كتب أو خمسة دفعة واحدة، لا داعي لذلك فالكتب موجودة في المكتبة وفي الأيام العادية، وسأرتشف شراءها رويداً رويداً ولا داعي فالأمر لا يستحق.عندما أتذكر أيام المعارض التي كانت تقام في مكتبة باذيب (المكتبة الوطنية حالياً) أشعر بسعادة وحنين إليها بل أتذكر فرحتي الكبيرة وطمعي في شراء الكثير والكثير من الكتب بسعر كتابين أو ثلاثة في الأيام العادية، وهذه حقاً هي فائدة معرض الكتاب عدا ذلك فأظن أن الأمر يستحق الضحك.أتمنى من الجهات التي يعنيها الأمر أن تنظر إلى هذه المسألة بجدية لأن الناس بدأت تفقد مصداقية معارض الكتاب ولا تنحى إلى توفير قدر من المال بل تضييق الخناق على ميزانياتهم لعبثية هذه المعارض.وفي الأخير أحب أن أقول إني لن أتوقف عن الحلم... سيظل الحلم يراودني ويزورني بين الفينة والأخرى... بأن تصبح معارض الكتاب في بلادنا حقاً فرصة لا تعوض وتستحق فعلاً منا أن ندخر كل ريال في جيبنا شوقاً وانتظاراً وعلى أحر من الجمر لمعرض الكتاب الذي سنجد فيه شتى ألوان الكتب.