اقواس
ماتزال قضية المعالم والآثار في بلادنا تشكل أهمية كبيرة للباحثين والوطن على السواء فهذه المعالم والآثار ترتبط بتاريخ طويل ونضال بذله الإنسان سنين طوالاً حتى تمكن من إظهار هذه المعالمالتي غدت اليوم وبعد عشرات ومئات السنين من الأهمية بمكان، ومن المنطقي أن يتم الحفاظ عليها وصيانتها وترميمها بما لا يتنافى مع مكوناتها الأولى والأساسية من مواد وطلاء وتجهيزات إسلامية أو عسكرية وغيرها ونرى ذلك اليوم عرضة للتجديد لكن بما يخل بالأثر ويشوه المعلم وهو بيت القصيد!فالساعة الرابضة على جبل البنجسار في مدينة التواهي كانت معلماً بحرياً يرشد السفن الداخلة إلى الميناء ويصدر عنها ضوء متقطع يرشد السفن والبحارة، وهي وسيلة قديمة لكنها لعبت دوراً تاريخياً مثلها مثل مراوح الملح(طواحين دون كيشوت) الموجودة في المملاح على طريق الشيخ عثمان جهة (معسكر النصر) كلها لها آثار في حياة الناس والمدينة، وان كنا اليوم نتحدث عن (الساعة) بيج بن عدن أو (ليتل بيج بن عدن) الساعة الصغيرة الشبيهة تماماً بساعة(بيج بن لندن) فان مراوح الملح سيكون لها موضوع آخر في حلقة أخرى أن شاء الله.والساعة هذه وبرغم مراحل مرت عليها لكنها لم تمس ولم يحدث لها أي تغيير سواء أثناء وجود الاستعمار البريطاني ( وهو بانيها) أو حتى إثناء فترة خروجه من عدن لم يحدث لها أي تغيير وتركت بمثلما بنيت، اللهم إلا من ترميمات لا تخل بالشكل والهيئة وبقيت الساعة كما هي سواء في مرحلة ماقبل الوحدة أو بعدها فهي كانت معلماً للمدينة ولم يمسها لا رئيس أو زعيم أو محافظ أو حزب ما .. بل ظلت منارة لعدن ، ومدينة التواهي الجميلة، والبنجسار كحي بحري تجاري أصيل!وبالمناسبة بحثنا عن تسمية البنجسار فوجدنا لها أكثر من معنى لكن الأستاذ/ المربي الفاضل حسن محمود.. مدير التربية بالتواهي والشخصية الاجتماعية المعروف بمتابعته لتاريخ ورجال المنطقة أخبرنا بمعنى مقبول وربما يكون هو الصح ولا سواه.. حيث أكد أن هذه المنطقة. كانت سكناً لعمال النظافة الهنود والذين يسمون (بنجي) وكان يقال لرئيسهم الذي يسكن قرب ثانوية ( جرادة) حالياً (سير) أي السيد المشرف والمسئول على هذه الفرقة التي كانت تقوم بالنظافة وتم التزاوج من الكلمتين (بنجي) و(سر) أو (سار) وصارت هكذا البنجسار وهي الحي الذي تطل عليه الساعة من جهة البحر وتسمى باسمه.وعودة للساعة التي هي مثار الجدل اليوم واحتراماً لما يقوم به المجلس المحلي بالمديرية والمحافظة واعترافاً بأعمالهم الإنشائية والتجميلية للمدينة إلا إن مايحدث اليوم للساعة هو ضرر كبير بها وبالناس والمدينة.. وهل يعقل أن يبنى حولها (حوش) ومنتزه للناس وهل يراد لهذا الأثر أن يتحول إلى (مقهاية) أو (مطعم) يرتاده الناس ، ليفقد قيمته التاريخية ؟!ان فكرة جعل الموقع متحفاً ومزاراً أهم بكثير من تحويله إلى مشروع صغير بالنسبة للتاريخ وللمعلم نفسه.. ومع تقديرنا للمحافظ نقول له أوقف العمل فوراً عافاك الله ولاتأت بما لم يأت به غيرك من قبل.. لأن ذلك لا يحتمل والتاريخ لن يرحمنا إذا ماتجاوزناه!.