من أرشيف الفنان الراحل طه فارع
قرأت ما كتبه بعض الزملاء حول الأغنية اليمنية في عدن والمعروفة بالأغنية العد نية كلون مميز من ألوان الغناء اليمني المعروفة بالصنعانية واللحجية واليافعية والحضرمية ، والمعروف عن بلادنا اليمن أنها غنية بكل شيء له صلة وثيقة بحياة الإنسان اليمني ومنها الفنون كما أن لكل منطقة من مناطق اليمن السعيد لهجاتها ورقصاتها وألحانها وشعرها الشعبي وأمثالها الشعبية وعاداتها ومواسمها الغنية بأهازيجها وأغانيها .فهل من المعقول ألاَ تكون لعدن أغنية خاصة بها كبقية المناطق اليمنية ؟ويكفي في هذا المقام أن استشهد بحديث لفناننا الأستاذ محمد سعد الصنعاني حول الأغنية العدنية وتاريخها العريق وقبل ظهور ندوة الموسيقى العدنية :(( يرى البعض أن الأغنية العدنية لا تتمتع بأصالة أو جذور وليس لها تراث بل ويلغي البعض شيئاً اسمه الأغنية العدنية بحسن نية أو عن عمد أو لقصر في الرؤية ويحاول البعض طمس العدنية من أصول الأغنية اليمنية فقد كان للصيادين في عدن قبل الاحتلال الاستعماري لعدن أغان وطرب وكان غناؤهم يغنى مع الاصطياد في البحر وحين ترمى الاشباك وهناك أشعار تغني عن البحر والاشباك وعن الحب والهوى في الحدود المنظورة والتي كانوا يتعاطونها ، ولقد بدأت ملامح الغناء العدني تتحدد ابتداء من عام 1912م على أيدي فنانين وشعراء وأدباء من عدن نفسها ، وهذا يعني أن للفن العدني جذوراً بدأت من حضرات الشاذلية والأحمدية ومن بعض قصائد العيدروس التي غنييت على الطرب كقصيدة ( ليس تعلم ما بقلبي يا حبيب ) وقصيدة ( ذا نسيم القرب نسنس ) وقصيدة ( أشرقت بهجة ) و( عليك بالله تكلمني ) .وزيادة في الدليل فقد سجلت أغان عدنية على اسطوانات بلحن فضل ماطر عقربي منها : ( عليك بالله تكلمني ) من شعر ولي الله الصالح العيدروس ولحن عدني ومازال الحديث لفناننا الصنعاني : ومن التراث العدني هو ما عناه فضل ماطر عقربي ومنها أغنية و( الليل يا ذي الغواني ) ويؤكد فناننا محمد سعد الصنعاني أن هناك تراثاً للأغنية العدنية وكانت اسطوانات هذه الأغاني تباع بنصف روبية للاسطوانة الواحدة وتحتوي على تراث عدني صحيح يتميز بإيقاعاته وغنائه المختلف عن باقي الإيقاعات ، كما لا صحة لما يقال بان الإيقاعات العدنية مأخوذة من الإيقاعات المصرية فذلك لم يكن موجوداً في ذاك الزمان . أما في الوقت الحاضر فقد عمد البعض من الفنانين إلى مزج إيقاعات عدنية بإيقاعات مصرية الأمر الذي يسيء إلى الإيقاع والتراث العدني )) . إلى هنا ينتهي حديث فناننا القدير محمد سعد الصنعاني حول الأغنية العدنية وهو خير شاهد على وجودها منذ 1912م .كما أن للاحتلال البريطاني لبلادنا وسياسته (فرق تسد ) وكثرة الأحزاب السياسية إبان الاحتلال البريطاني مع ظهور الشعارات الزائفة مثل شعار ((عدن للعدنيين )) و((الجنوب للجنوبيين )) دوراً في جعل تسمية الأغنية العدنية في موقع ازدراء حتى من بعض أبناء عدن نفسها ممن كانوا ينادون بوحدة الوطن اليمني ويحاربون تجزئته وتقسيمه إلى مشيخات وغيرها من المسميات التي كانت تفرق بين أبناء الوطن اليمني الواحد حتى لا تشاع هذه المسميات والشعارات بين الناس . لذا فقد كانت تسمية الأغنية العدنية شبه نكرة مما أدى إلى نكران وجودها بين ألوان الغناء اليمني بسبب ذلك الشعار الزائف فقط . لذا فعلينا أن نقول دائماً الأغنية اليمنية من صنعاء أو لحج أو حضرموت أو يافع أو الحجرية أو من عدن نسبة إلى منبع المنطقة التي خرجت منها الأغنية اليمنية .