قبل قيام الثورة اليمنية ( سبتمبر وأكتوبر) كان التعليم في اليمن يعيش أسوأ صورة يمكن أن يرسمها أي إنسان له .ففي الشطر الشمالي من الوطن لم تكن هناك سوى مدرسة يتعلم فيها أبناء الإمام وأسرته وحاشيته ، ومدرسة أخرى للأيتام وهي مدرسة متوسطة ، بينما أبناء الشعب بالكامل كانوا غارقين في دياجير الجهل والظلام والتخلف ،باستثناء بعض من تسمح لهم إمكانياتهم بتعلم القرآن الكريم و مبادئ الكتابة بشكلها المتخلف على أيدي الفقهاء في أماكن كانت تعرف بـ ( المعلامة) ،وهذا الوضع لم يخلقه الإمام اعتباطاً ، بل دهاء منه كي يحكم سيطرته على الشعب وقبضته على الحكم ،فلا يجد متعلماً يسأله أو يساءله عن مطلب أو مظلمة أوغيرها من متطلبات الشعب حتى الذين كان يبعثهم الإمام للدراسة سواء في مصر أو العراق أو حتى فرنسا ،فلم يكن ذلك بدافع إحداث نهضة تعليمية في البلاد بل كان بدافع تثبيت أركان حكمه من خلال إيجاد بعض الكوادر العاملة على خدمته ومساعدته في إخماد أي ثورة شعبية قد تنشب .وحال التعليم في الشطر الجنوبي من الوطن لم يكن أحسن بكثير مما هو عليه في الشطر الشمالي من الوطن . وعلى الرغم من أن النظام الاستعماري الإنجليزي في عدن كان يعد من أرقى النظم التعليمية في العالم، إلا أنه وبسبب من سياسته الاستعمارية لم يسمح لأبناء الجنوب ومستعمرة عدن بالانخراط في صفوف المدارس التي أوجدها الاستعمار الإنجليزي خدمة لمصالحه الاستعمارية وأغراضه العسكرية .يجب أن نعترف أولاً بأن عدن في أيام الحكم الاستعماري الإنجليزي شهدت ظهور العديد من المدارس بعكس ما كان حاصلاً في بقية المناطق الجنوبية وكذا شمال الوطن . لكن الدراسة في مدارس الاستعمار الإنجليزي كانت محصورة على أبناء الإنجليز والجنسيات الأخرى التي أحضرها معه لخدمة مصالحه وكذا أبناء التجار ، وبعضهم كان يرتبط بمصالح خاصة مع الشركات الاستعمارية.لذلك فإن شبح الأمية والتخلف والجهل كان مسيطراً بشكل تام على كافة المحميات الشرقية وبشكل جزئي على المستعمرة عدن ولم يشهد تغيراً سواء في الشمال أو الجنوب إلا بعد قيام ثورتي ( سبتمبر وأكتوبر).يشهد التاريخ النضالي اليمني المعاصر بواحدية الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) ذلك إنه مع انطلاق الثورة السبتمبرية الأم ، هب أبناء اليمن شمالاً وجنوباً للانخراط فيها والدفاع عنها بروح واحدية وثابة . ولم تمنعهم من ذلك الحدود المصطنعة التي فرضها النظامين الإمامي والاستعماري . وبعد عودة ثوار الجنوب إلى مناطقهم كان لهيب الثورة السبتمبرية يجري في عروقهم فلم تكد تمضي سنة حتى فجروها ثورة حمراء في وجه الاستعمار الإنجليزي أحرقت الأرض من تحت أقدامه.. ويتكرر مشهد واحدية الثورة اليمنية من جديد في صورة رائعة رسمها ثوار أكتوبر بالتحاقهم بثوار سبتمبر تخلو من أي شوائب أو أهداف سياسية سلطوية.فكانت تعز وإب وقعطبة معسكرات تدريبية لثوار الجنوب ، وتم مدهم بالمال والسلاح لمواصلة الثورة في سبيل تحقيق أهدافها وسجل ثورة سبتمبر ملئ بالشهداء من أبناء الجنوب من عدن وردفان والضالع ويافع وأبين و الصبيحة والعوالق والعواذل ودثينة وغيرها من المناطق وكذلك سجل ثورة أكتوبر مليء بالشهداء من أبناء المناطق الشمالية مثل الحبيشي وبدر وعبود والقائمة لا تنتهي. بعد انتصار الثورتين شهد مجال التعليم تطوراً سواء في الشمال أو الجنوب وبدأت المدارس تنتشر ببطء كونها اعتمدت في إنشائها على دعم الدول الشقيقة في الشمال والدول الشقيقة والصديقة في الجنوب، ذلك أن إمكانية شطري الوطن كانت ضعيفة جداً ولم يكن بوسعها التطور السريع في نشر التعليم من خلال التوسع في بناء المدارس إلا أن حال التعليم شهد تطوراً ملموساً في الشطرين تماشياً مع تنفيذ أحد مبادئ الثورتين وهو رفع مستوى الشعب ثقافياً.وظل التطور في المجال التعليمي مقبولاً إلى أن تم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية قي صبيحة 22 مايو 1990، لتعلن ميلاد اليمن الأكبر الثورة الكبرى التي حركت عجلة التطور في كافة المجالات والميادين ومنذ ذلك الحين شهد التعليم تطوراً رأسياً وأفقياً عن طريق التوسع في بناء المدارس الأساسية والثانوية التي وصلت إلى المناطق النائية ووصل عددها خلال 19 عاماً من عمر الوحدة إلى أضعاف أضعاف ما كان عليه قبل الوحدة، وكذلك الحال في الجامعات الحكومية والأهلية التي تضاعف عددها بشكل شهدت له منظمات التعليم والجامعات الدولية .ولم يغب عن بال القيادة السياسية التعليم الفني والمهني ، فبعد أن كانت المعاهد محصورة في عدن وصنعاء فقط أمتدت لتشمل كثيراً من المحافظات ما يدل على فهم القيادة السياسية لحاجة الاقتصاد وسوق العمل لمخرجات المعاهد الفنية والمهنية.اليوم وبعد مرور 46 عاماً على انطلاق المارد الأكتوبري و42 عاماً على انتصاره ، وبعد مرور 19 عاماً على إعادة تحقيق وحدة الوطن أرضاً وإنساناً ، وبعد أن تمكنت القيادة السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية حفظه الله من تحقيق معظم أهداف الثورة اليمنية وعمت خيرات الوحدة ربوع الوطن .. نسمع أصواتاً تتعالى هنا وهناك حاملة مطالب بعضها نقره ونعترف به ولكن بعضها ليست غريبة فحسب ، بل خطيرة ولا ينبغي السكوت إزاءها.ولا عجب في أن يسجل فخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية موقفاً بطولياً وشجاعاً يعبر عن مدى نهجه الديمقراطي وشخصيته المتواضعة المنبثقة من بين جموع الشعب عندما ذكر وكرر في أكثر من مناسبة بقوله أمام الرأي العام المحلي والعالمي : نعم هناك أخطاء وهناك سلبيات واختلالات وأي عمل ناجح وكبير لا بد أن تعتريه بعض النواقص والسلبيات .. وأضاف نحن ندعو الجميع إلى المشاركة في تصحيح السلبيات إن وجدت كل من موقعه. ولتساعدوا القيادة السياسية في معرفة الأخطاء وتصحيحها.ولا أعتقد أن هناك رئيساً عربياً أو في أي دولة نامية عمل مثل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وواجه الناس بالحقيقة وطالبهم جميعاً بالعمل على تصحيحها على أن يتم ذلك تحت سقف الوحدة الوطنية قدر ومصير أبناء الشعب قاطبة.وفي رأيي أن نظام سلطات المجالس المحلية واسع الصلاحيات القادم الذي جاء به فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في برنامجه الانتخابي والذي حصل بموجبه على ثقة غالبية الناخبين ، وهو مصمم على تنفيذه وتطبيقه سيكون الحل الأمثل للكثير من الأخطاء والسلبيات التي رافقت عمل المؤسسات الحكومية خلال الفترة السابقة وأجد لزاماً عليا كامرأة يمنية عاشت طفولتها في حقبة الاستعمار البريطاني وعاصرت ثورتي سبتمبر وأكتوبر ومن بعدهما جميع المنعطفات التاريخية والصراعات السياسية والعسكرية التي كادت أن تعصف بمستقبل الشعب اليمني ، ثم خروج اليمن بشطرية من النفق المظلم عبر بوابة الوحدة اليمنية بقيادة فخامة القائد الرمز علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ( حفظه الله) إلى آفاق التطور والازدهار أن أدعو جميع أحزاب المعارضة في الساحة إلى نبذ الخلاف والشقاق والمكايدات السياسية فالوقت ليس وقتها والالتفاف خلف راية الوطن بقيادة زعيم الأمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ودعم ومؤازرة القوات المسلحة في أعمالها البطولية ضد أعداء الوطن الحقيقيين . كما أدعو كل من له مطالب قانونية وعادلة إلى المطالبة بها عبر القنوات الشرعية والرسمية ، وعدم الارتهان لمن يسعون خلف مصالحهم التي فقدوها . متأكدة من أن القيادة السياسية بكل جد وإخلاص ستعمل على تحقيق جميع المطالب العادلة لأصحابها ، وبذلك نكون قد قدمنا جزءاً من الوفاء للشهداء الأبرار الذين ضحوا بأنفسهم من أجل أن نسعد ونحيا حياة كريمة لا لنبقى نكيد لبعضنا فذلك يفقدنا أمننا واستقرارنا واحترامنا أمام الآخرين.وأخيراً لا يسعني إلا التقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات لقائد الأمة وفارس النصر ومحقق الوحدة وباني اليمن الجديد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بمناسبة العيد الـ 46 لثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة.والوفاء الإجلال لشهدائنا ومناضلينا والخلود ليمن 22 مايو 1990. [c1]* مديرة إدارة التربية م/ المعلا[/c]
أخبار متعلقة