غضون
- يدرس العربي المناهج العلمية وربما احتوت الكتب التعليمية دروساً عن “كيف تفكر” ويقرأ عن التفكير العلمي وعن المنطق ويتعامل مع التكنولوجيا الحديثة ، لكنه من الناحية السلوكية والعملية لا يزال أسيراً للخرافة وتأثير التراث اللاعقلاني الذي كون عنده تلقي وقبول ما لا يقبله عقل ولا علم ويتصرف ويبني مواقف على ذلك اللامعقول.قبل عامين شاعت شائعة في السعودية تقول إن أشخاصاً تلقوا عبر هواتفهم المحمولة مكالمات من أرقام مجهولة ومات عدد منهم بسببها.. وتحركت شائعة “ الأرقام المجهولة القاتلة” هنا وهناك وأصيب الناس بالذعر، وقد وصلت هذه الشائعة إلى اليمن العام الماضي وتحدثت صحف ومواقع الكترونية عن ضحايا.. موتى ومصابين هنا في اليمن.. وذكرت بعض تلك الصحف والمواقع الالكترونية أعداداً متفاوتة للقتلى والمصابين بأمراض خطيرة جراء استقبالهم “ أرقاماً مجهولة قاتلة” في هواتفهم المحمولة. - وفي الشهر الماضي ظهرت الشائعة نفسها في السودان وقبلها في دول خليجية.. ورد الفعل هو نفسه التصديق ثم الذعر .. وكالعادة تنشر الصحف أخباراً عن عدد الضحايا.. والمشكلة هي نفسها .. يدرس العربي المنهج العلمي ويتعاطى مع العلوم والتكنولوجيا الحديثة ويقرأ عن التفكير العلمي ، لكنه في النتيجة النهائية يحصل على “ صفر” في أبسط اختبار للتأكد من أن عقله في رأسه أم مودع في مكان آخر!. لا يسأل نفسه هل هذا ممكن أن يحدث .. رقم هاتف من مصدر مجهول إذا تلقيته على هاتفك المحمول يؤدي إلى موتك أو على الأقل إلى إصابتك بأمراض خطرة ومميتة!. بالطبع الأمر شائعة كاذبة لكن العربي يصدقها وينفعل بها بشتى أنماط السلوك دون أن يلاحظ أنه يسلم بشيء غير موجود وبخبر أو شائعة تتعارض مع العقل والمنطق وهي مستحيلة الحدوث علمياً وتكنولوجياً .. رقم يصل إلى هاتفك فيؤدي إلى وفاتك.. هل هذا ممكن على الأقل في هذا العصر؟ إذاً كيف تصدق بذلك وتتأثر؟ - أثناء حرب صعدة ظهرت شائعة تقول إن المقاتلين مع عبدالملك الحوثي يتناولون حبوب “ منع الحمل” لكي لا تنزف دماؤهم عندما يصابون بالرصاص، وأن قتلى منهم عثر عليهم لم تنزل من جروحهم قطرة دم .. وقد صدق كثيرون هذه الشائعة وتداولوها ، وقد وصلت إلى بيتنا ، فقلت يا جماعة : ما هو مفعول حبوب منع الحمل، هل وظيفتها تجميد الدم في العروق أم عدم نزول البويضة وبالتالي لا يحدث الحمل ؟ وإذا كانت تجمد الدم قي العروق فهل يمكن أن تبقى حية أي أنثى تناولت حبة منع الحمل؟.قالوا: لم نسأل نفسنا هذه الأسئلة عندما سمعنا الخبر، وصدقناه لأنه منتشر على نطاق واسع .. قلت: قبل أن تتخذوا أي موقف من أي خبر أو حكاية أو رواية .. تأكدوا أولاً من المصدر من هو .. قوموا بعملية عقلية مثل التدقيق والتمحيص، وأسالوا أنفسكم أسئلة مثل هل هذا ممكن علمياً أو تكنولوجيا أو طبياً .. لا تعودوا أنفسكم تلقي أي شيء حتى لو كان خرافة أو تفتحوا رؤوسكم للقمامات.