نشرت صحيفة (السياسة) الكويتية مقالة هي الأخيرة لمدير تحريرها الصحفي اليمني الكبير الراحل محمد زين العيدروس قبل وفاته .. ونظراً لأهمية هذه المقالة تعيد صحيفة (14 أكتوبر) نشرها.مدينة عدن في تاريخها وحضارتها وثقافتها، هي مدينة أمن وسلام وهي مدينة جميلة بأهلها الكرام، منذ القدم وهي فاتحة ذراعيها لاستقبال القادمين إليها من الشرق والغرب.عدن هي مدينة الأولياء الصالحين، ومن ترابها تخرج الكثير من العلماء والفقهاء، تنتشر فيها المساجد والمآدب، وتقام حملات الذكر، ويحرص أهلها على العبادة والصلاة على أشرف الخلق محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم).عدن مدينة تنبذ العنف منذ الأزل حتى عندما دخل الاستعمار البريطاني طامعاً بخيراتها مستغلاً ميناءها الذي كان في يوم من الايام من أهم موانئ العالم.عدن مدينة سالمة رغم أنف الحاقدين والكارهين من جماعات توصف بالقاعدة، جاؤوا إليها مرتزقة مأجورين للقضاء على أهم وأعظم احتفال رياضي ألا وهو كاس الخليج.عدن بلد التسامح ولايمكن لأي إرهابي أن يجد له موقع قدم على أرضها .. ففيها جميع الطوائف وبها جميع الأديان .. وإلى يومنا هذا، هناك معبد للنار من أيام الإمبراطورية الفارسية، وهناك معبد للبوذيين، وكذلك معبد لليهود وفي أهم شوارع عدن هناك مقبرة لليهود مازالت مقامة حتى الآن.أنها مدينة ملتقى الحضارات عاشت فيها اقوام من آسيا وأفريقيا وكذلك الفرس، وسميت جنة عدن لما تحتويه من آثار تاريخية قديمة وبني فيها أول مسجد تم بناؤه في عهد عثمان بن عفان وانشئ ميناء عدن في عام 1850م، وهو يأتي الثاني من حيث التمويل إلى جانب خمسة من الموانئ التي تستقبل السفن القادمة إليها من الخارج.وقد قال المؤرخون عن عدن أن من يدخلها يخرج منها غانماً، وبعضهم قال أن عدن جبل وبحر إن اعطيتها اعطتك وان ظلمتها انتحرت وقتلتك معها.عدن مدينة جميلة في شوارعها وجبالها ووديانها وموانئها فهي ملتقى للسياح من كل بلدان العالم.. وكانت هذه المدينة الباسلة تستقبل الضيوف والسياح منذ أكثر من ثلاثمائة سنة .. لقد جاءها الصينيون وفتحوا فيها المطاعم الصينية، وذلك في عام 1948م وكانت هي أول المطاعم الصينية التي فتحت قبل ان تنتشر هذه المطاعم في المدن الأوروبية والخليجية؟وكان الكويتيون أكبر شعوب الخليج والجزيرة يفدون إليها عبر سفنهم ويمكثون في موانئها أياماً عدة، ثم يتجهون إلى الهند وشرق آسيا محملين بالتمور، ويعودون إلى الكويت عبر عدن محملين بالخشب ومختلف السلع مثل البخور واللبان .. ولقد عشق الكويتيون مدينة عدن حتى انهم كتبوا عنها الكثير من الأناشيد والأغاني، وفي ارشيف الاذاعة الكويتية هناك مجموعة من تلك الأغاني ترددها عودة المهنا مع فرقتها مستذكرة ضريح السيد العيدروس، وهو من أشهر الأولياء والرجال الصالحين حيث جعل من عدن مدينة علم وحضارة تخرج فيها الفقهاء والعلماء .. وهناك سفينة لاتزال قابعة في موانئ الكويت سميت باسم التواهي وهو المكان الذي يقع فيه ميناء عدن الشهير.وفي الثلاثينات كان هناك الكثير من النوادي الرياضية التي لم تكن تعرفها دول الخليج ولا الدول العربية.كان فيها ملعب للغولف ومضمار كبير لسباق الخيول وعدد من نوادي كرة القدم، وكانت عدن تستضيف المنتخبات العالمية من كل مكان وتقام على ملاعبها مباريات لأشهر فرق كرة القدم في العالم.ليس جديداً على عدن أن تستقبل دورة الخليج الــ (20)، وليس غريباً عليها ان تستقبل جماهير وعشاق الكرة في احتفالية لن يكون لها نظير خصوصاً أن أهل عدن يعشقون كرة القدم من قبل ان يعرفها الكثيرون من أبناء الخليج وبعض الدول العربية.فادخلوها دون خوف من تهديد، فهذه البلاد شهدت ولادة العرب كأمة صنعت الحضارة وشهدت مملكة سبأ ومشى على أرضها نبي الله سليمان فهي عدن قبطانة البحر وعروس الخليج، والذين شعروا بالخوف أو الذين طالبوا قبل فترة بنقل دورة الخليج إلى مكان آخر كانوا مخطئين في رؤاهم وحساباتهم، والحمدلله ان كأس الخليج ستقام في عدن وأبين وفي وقتها دون تأخير فلقد راهن اليمن على نجاح فعاليات هذه البطولة العزيزة على قلوب أهل اليمن.. وأن حصل غير ذلك سنكون قد أعطينا المفاتيج للقاعدة والإرهابيين بالامساك بأمر ومصير اليمن.فادخلوا عدن سالمين .. واللهم سهل!
أخبار متعلقة