غضون
- كلما كشفت لنا الوقائع ان اللعب بالأوراق الدينية واطلاق التعليم الديني على هذا النحو من الفوضى يكلفنا خسائر مدمرة، كلما رأينا إصرارا على التوغل في هذه الغياهب.. وهذا لعمري من العجائب .. واعجب من ذلك انه في الوقت الذي مهدنا البيئة لوجود ونمو الجماعات الدينية وزيادة انتشار التعليم الديني، نزيد الى ذلك الاستعانة بآخرين من خارج البلاد وكأن نارنا ينقصها الحطب، وكأن ما لدينا غير كاف لركوب سفينة المخاطر التي هي اليوم في غاية الاضطراب!.- المنهج الدراسي المقرر في التعليم العام ابتداءً من الروضة حتى نهاية المرحلة الثانوية يتضمن علوم قرآن وحديث وتوحيداً وعبادات وسيراً وأخلاقاً، كما ان كتب اللغة العربية والتاريخ وغيرها تستند الى التربية الإسلامية ومعظم موضوعاتها مرتبط بالدين، وفي التعليم العالي تعتبر المادة الدينية أساسية وهناك أقسام وكليات بل وجامعات حكومية يدرس فيها الدين وعلوم الشريعة دراسة تخصصية.. وهذه تعد كافية، فما الحاجة لتعليم ديني منغلق من كل الضوابط والقوانين، تقوم عليه فرق متناحرة كالوهابية او السلفية والزيدية والصوفية وغيرها؟.- وإضافة الى التعليم الديني في التعليم العام والجامعي ومعاهد الإرشاد والجامعات او الكليات الإسلامية الحكومية، يتلقى المواطنون دروس التربية والوعظ والفتوى عبر خطب المساجد يوم الجمعة وعبر الإذاعات وقنوات التلفزيون ومصادر أخرى.. فما الحاجة الى تعليم ديني غير حكومي تقوم به تلك الجماعات كما قلنا؟.- أفلا يكفي ذلك؟ وألا يكفينا ما فعلته بنا مراكز التعليم الديني التي تستقطب الأطفال والشباب والجهال باسم تحفيظ القرآن والحديث وغيرهما بينما القائمون عليها يدرسون ثقافتهم ويحققون أهدافهم.- قولوا لنا .. هل وحدنا هذا التعليم أم فرقنا شيعاً وجعل المجتمع عرضة للانقسام والاضطراب.. وهؤلاء الذين يعلمون ويتعلمون في تلك المدارس والمراكز هل خاضوا معركة واحدة في سبيل التنوير والتسامح والعقلانية والوئام الاجتماعي، أم ان معاركهم كلها موجهة ضد المجتمع بل وضد بعضهم؟!.- الله خلقنا وبث فينا من روحه ونوره لكي نحب بعضنا بعضاً بينما ذلك التعليم خلق الكراهية والبغضاء والعداوة.- الإسلام جاء يرفع مكانة العقل ويأمر بالتفكير والتدبر والإبداع، وهذا النوع من التعليم يحط من قدرة الإنسان ويعطل العقل ويجفف الإبداع ويسود القلوب والنفوس ويعادي الفطرة والفنون والرسم والغناء.- الحديث الذي انقسم بسببه المسلمون قديماً صارت له مدارس ومؤسسات يتخرج فيها دعاة الفرقة والتكفير ومبادئ التوحيد السهلة جعلوا منها كيمياء وقسموها الى توحيد ربوبية وتوحيد ألوهية وتوحيد صفات، ومبدأ “المؤمنون إخوة” انتهكوه وخربوه بما سموه البراء والولاء، وحولوا “الجهاد” من دفاع عن النفس ومجاهدة النفس الى سيف يقتل به المسلم المسلم.