هل من الأفضل أن تكون فضية أم من البورسلين؟
كثيرا ما تَرِدنا أسئلة من المرضى في عيادة الأسنان حول نوعية الحشوات المستخدمة لعلاج التسوس. ومن هذه الأسئلة: أيهما أفضل، الحشوات الفضية أم التي تكون بلون الأسنان؟ وهل الحشوات الفضية التي يدخل في تركيبها مادة الزئبق ضارة وتسبب التسمم كما يقال، أم أن هذه مخاوف لا أساس لها؟للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها سنخصص الحديث هنا عن استخدام الحشوات الفضية وتلك التي تأتي بلون الأسنان، بما في ذلك محاسن ومساوئ كلتيهما.[c1]الحشوة الفضية (الأملغم)[/c]عبارة عن نوع من الحشوات المستخدمة منذ أكثر من مائة سنة في علاج تسوسات الأسنان، وتتكون من خليط من المعادن، التي تعتبر من العناصر الرئيسية في تكوينها مثل النحاس والفضة والزئبق، بالإضافة إلى نسبة قليلة من مادتي الزنك والبلاديوم. وتسبب وجود مادة الزئبق في تركيب الأملغم ظهور العديد من الأبحاث والنقاشات العلمية حول مدى خطورة وجود هذه المادة في حشوة السن.[c1]ما مادة الزئبق؟[/c]هي عبارة عن معدن موجود في الطبيعة بشكل سائل، وعند ارتفاع درجات الحرارة يتحول إلى غاز ومن الممكن أن يخلط مع أي مادة أخرى، مع العلم أنه يوجد في الماء والتربة والطعام أيضا، كما يمكن أن نستنشقه من الهواء، لكن منذ اكتشافه في الأسماك، بفعل التلوث وكذلك من دخان المصانع المنتشر في الهواء والناتج عن حرق الوقود لتشغيل المعدات، زادت المخاوف منه، وإن كانت خطورته تكمن في التعرض لنسب عالية منها. فالمعروف أن أغلبية الناس المتعرضين للنسب العالية من هذه المادة هم من عمال المصانع، بسبب تعرضهم للدخان المتصاعد. أما التعرض لنسب قليلة منه فليس له تأثير يذكر. ومع ذلك يبقى السؤال حول ما إذا كان وجود حشوة الأملغم في الفم يعرض الشخص إلى نسب عالية من مادة الزئبق، حاضرا.والجواب أن نتائج العديد من الأبحاث تفيد أن نسبة الزئبق قليلة جدا في حشوة الأملغم، وفي بحث آخر ورد في الجمعية الأميركية لطب الأسنان، أن نسبة الزئبق المتحرر من الحشوة والذي يقدر بـ 1 - 3 ميكروغرامات أقل من الموجود بشكل يومي في مياه الشرب أو الأطعمة بمقدار 5 - 6 ميكروغرامات، وبالتالي لا تأثير له حتى على الأشخاص الذين يعانون من حساسية من حشوة الأملغم، لأنها نسبة قليلة جدا. ورغم أن الأمر نفسه ينطبق على المرأة الحامل، فإنه يفضل تأجيل أي علاج غير ضروري لما بعد الولادة. وهنالك العديد من أطباء الأسنان يفضلون عدم استخدام حشوة الزئبق للمرأة الحامل أساسا، وكذلك عدم استخدامها للأشخاص المعرضين لنسب عالية من الزئبق في أعمالهم.أما في عيادة الأسنان، فيجب على الطبيب وجميع العاملين في العيادة التقيد بالإرشادات الصحية في التعامل مع مادة الأملغم، منها تخصيص أماكن لتخزين مادة الأملغم، وكذلك وضع المتبقي منها في نفايات مخصصة. وتجدر الإشارة إلى أنه عند إزالة حشوة الأملغم من الأسنان، تكون نسبة الزئبق أعلى من الطبيعي، ولهذا يجب تغيير الحشوة عند الضرورة فقط، أي في حالة كسرها، أو في حال وجود تسوس من تحتها. وينصح باستعمال أداة شفط ذات ضغط عالٍ عند إزالته، للتقليل من كمية الزئبق المتطاير، مع ارتداء واقٍ للعينين لتفادي دخول الجزيئات فيهما.هذا، وما زال العديد من أطباء الأسنان يفضلون استخدام حشوة الأملغم، وبالأخص في الأسنان الخلفية، نظرا إلى قدرتها العالية على تحمل ضغط الأسنان، وبالأخص عند مضغ الطعام، كما أنها تُستخدم للأشخاص الذين لا يهتمون كثيرا بنظافة الفم والأسنان، حيث إن الأنواع الأخرى من الحشوات التجميلية تتطلب عناية أكثر وفما نظيفا طوال الوقت. ومن المشكلات التي يمكن أن يواجهها المرضى مع الحشوة الفضية، الحساسية المؤقتة بعد وضعها مباشرة، وبالأخص عند شرب السوائل الحارة والباردة. ويمكن القول إن العزوف عن استخدام هذا النوع من الحشوات، يكون بسبب لونها الفضي، وبالأخص في علاج الضواحك من الأسنان، أضف إلى ذلك أنه عند تحضير السن للحشوة يتطلب الأمر إزالة مساحة من السن قد تكون أكبر من مساحة التسوس، عكس الحشوة بلون السن التي تحافظ على مساحة أكبر من سطح السن السليم، إلى جانب توفر عدة بدائل أخرى، نذكر منها:[c1]حشوة الكمبوزايت[/c]وهي عبارة عن خليط من مادة الريزن ومادة الزجاج، تشكل حشوة بلون السن الطبيعي. وهي - كما ذكرنا - إضافة إلى الناحية التجميلية في علاج الأسنان، لا تتطلب كحت مساحة كبيرة من السن، بل فقط مساحة التسوس، كما تتطلب وسطا جافا عند وضعها، لأنها حساسة عندما يكون الوسط رطبا. كما تتطلب الدقة الشديدة عند العلاج بهذا النوع من الحشوة، حتى لا يصبح في أجزاء الحشوة تلوُّن بعد فترة من الوقت، أو حساسية عند الأكل أو الشرب، وهي أمور واردة في حال عدم التركيز عند وضعها.هذا، وتُعتبر حشوات الكمبوزايت والأملغم من الحشوات البسيطة، التي يمكن القيام بها في زيارة واحدة، مع العلم أن هنالك أنواعا أخرى من الحشوات، لا تتم سوى بالتعاون بين طبيب الأسنان والمختبر. هنا يأخذ المختصّ الطبعة أو مقاس السن، ويرسله إلى المختبر لتحضير الحشوة، التي تكون إما من مادة البورسلين وإما من الكمبوزايت وإما من المعدن. وتختلف استخداماتها بحسب حاجة المريض، وإن كانت مادة البورسلين تعتبر الأفضل من الناحية الجمالية، ومن حيث دوامها مدة أطول في الوقت ذاته، الأمر الذي ينعكس على كلفتها العالية.المهم، أنه مع تقدم العلم وصناعة مواد الأسنان، أصبحت الخيارات كثيرة أمام المريض لعلاج تسوسات الأسنان المختلفة، وكل ما عليه، أن يقرر مع طبيب الأسنان أيها أفضل لحالته الخاصة، فلكل مادة محاسنها ومساوئها، وليس أدل على هذا من مادة الأملغم، التي كثرت الأقاويل حولها منذ اختراعها وبدء استخدامها في علاج الأسنان، لأنه في وقتها لم تكن هنالك بدائل ناجحة تعادلها، أما الآن، فهنالك العديد من البدائل والطرق العلاجية.