صباح الخير
الشعوب الحية والواعية وحدها، التي تتعزز فيها روح التضامن والتعاون والمساعدة المتبادلة، ويتنادون ويتداعون كالجسد الواحد اذا اشتكي عضو منه تداعى له بقية الجسد بالسهر والحمى، وهذا واحد من معايير نضوج العلاقات الاقتصادية / الاجتماعية، والسياسية، والامنية والدفاعية المشتركة، بين المواطنين في هذا البلد او ذاك وبين الدول وبعضها الآخر ويعني هذا الارتقاء بروح العمل من اجل الآخر، وليس فقط العمل من اجل الذات.وعلى العكس من ذلك تكون الانانية والجشع والتوحش، او الانطوائية والعزلة واللامبالاة، او الذين يكون شعارهم : اللهم اسألك نفسي نفسي، او« من لقي العافية دق بها صدره»، ونزعة الاستثناء والاستحواذ على حقوق الآخرين، فقد نشأت في بلادنا وفي وقت متأخر قياسا ببلدان اخرى، النوادي والجمعيات والاحزاب والنقابات، والعديد من منظمات المجتمع المدني، بهدف تنظيم الطاقات الاجتماعية لمختلف الشرائح والفئات، لتؤدي واجباتها وتأخد حقوقها، وفقا للدستور والقوانين النافذة، المنظمة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بوجه عام.وما يعيب هذه الروابط والعلاقات في بلادنا، انها لاتزال حتى اليوم، ضعيفة، غير حيوية، وتفتقد لديناميكية الحركة والفعل الجماعي المنسجم ولازال البعض يقف في تعامله مع هذه الاطر والمنظمات تعاملا سلبيا، ومن منطلق نفعي بحت، ويتعاملون بروح اتكالية في مجرى ارتباطهم بمثل هذه المنظمات، فتنفعهم المبادرات والافكار الابداعية لنشاطهم وحركتهم، وتفاعلهم الايجابي مع قضاياهم بصورة عملية وملموسة وهكذا هي دائما اخطاء البدايات.ان منظمات المجتمع المدني في بلادنا، يعول عليها كثيرا في مجرى التغيير والتجديد الاجتماعي، لنظامنا السياسي والاقتصادي والثقافي، على المدى القريب والبعيد، لتكتسب الديمقراطية في بلادنا طابعها الشعبي والوطني، اكثر فاكثر، وهذه هي سنة الحياة، وهي الطريق الذي سلكته كثيرمن الشعوب من قبلنا، وبهذا ترسخت في تلك البلدان التقاليد الديمقراطية وتنعم اليوم بالرفاه والاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة، وقطعت اشواطا كبيرة في القضاء على الفقر والجهل والمرض في بلدانها.ونحن في اليمن نمتلك هذه الارادة الشعبية بقوة، مهما كانت تعقيدات الظروف وملابستها المحلية والخارجية، وبصورة متدرجة، يمكن ان نبني تجربتنا (طوبة طوبة) كما يقولون، والتقدم خطوات جديدة، على طريق الازدهار الاقتصادي / الاجتماعي والسياسي/ الثقافي، وذلك بالمزيد من التفاعل والتضامن، والتكافل الاجتماعي، وهذا هو قدرنا ولن نحيد عنه، وتبقي المسألة مرهونة والى حد كبير بدور الهيئات القيادية في الدولة وفي المجتمع، لتفعيل هذه الاطر، وتحفيز الافراد للمزيد من المشاركة الايجابية لاعضاء هذه المنظمات، ولاسيما في الاحزاب والنقابات العمالية، فهي تعتبر بمثابة البوصلة المحددة لتوجهات الناس ونشاطهم الاجتماعي الواعي، صوب الاهداف الوطنية الاستراتيجية.لقد بدأنا وينبغي لنا ان نواصل المشوار الى مالانهاية، في تنمية الوعي الاجتماعي، واقامة مجتمع المعرفة والمعلومات، باعتبار ذلك الدافعة الاكيدة لفاعلية منظمات المجتمع المدني، والدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات الوطنية الشامخة فهل نفعل..؟ نعم سنفعل.* محمد عبدالجليل