كفاح داودارتبطت العلاقة بين المرأة وسوق العمل بطرح قضيتي المرأة من ناحية وسوق العمل من ناحية أخرى، فالمرأة تطرح قضايا الإنسان عامة كما تطرح قضايا نوعية التطور الاجتماعي ورفاهية الحياة وشروط التجدد الذاتي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتحرير الإنسان من الاستغلال والفقر والمرض والأمية ، كما أنها ترتبط بالفعل الاجتماعي بمفهومه العام والمتنوع والمتعلق بنصف القوى البشرية داخل المجتمع ومساهمتها في أخذ القرار داخل الأسرة والقرية والمدينة والوطن والإقليم والعالم. لذلك فإن موقع المرأة بهذا المنظور الشمولي يطرح مراجعة جذرية لنظام تقسيم العمل التقليدي بين الرجل و المرأة داخل المجتمع، كما يضمن رؤية متجددة للتوازن المجتمعي مبنية على التكامل والشراكة. أما قضية سوق العمل فتطرح إشكالية بناء القدرات والهياكل والنظم بطريقة تدفع البلاد من حالة التخلف إلى حالة التقدم، ولا يمكن لقضايا التنمية أن تطرح بصفة شمولية دون وضع الإنسان رجلا أو امرأة في صدارة الاهتمام كقوة لتحقيق التنمية وقدرة على تسييرها وكطرف مؤهل لأقسام نتائجها حسب آليات توزيع عادلة ولا أقول متساوية، فالتنمية بهذه الرؤية تجعل من أهدافها الأساسية تحسين أوضاع النساء وتوفير الفرص المتكافئة لهن مع الرجل في النشاط الاقتصادية كما توفر فرصاً متكافئة للرجال مع النساء غي النشاطات الاجتماعية ويكون التكامل ضمن التوازن. ونستعرض في هذا الموضوع رؤية تحليلية عن مشاركة المرأة في سوق العمل والمعوقات التي تواجهها في هذا الشأن، إلى جانب وضع المقترحات الكفيلة بمعالجة هذه الإشكالية. ومن هذه المعوقات التي تحد من مشاركة المرأة في سوق العمل : [c1]التقاليد والأعراف الاجتماعية المتوارثة [/c]ترتبط هذه المعوقات بالمخلفات الثقافية والاجتماعية التي اعتبرت المرأة كائنا ( دونيا ) حيث إن هذا يتطلب عملاً متواصلاً وآليات قادرة على تغيير هذه النظرة للمرأة وجعلها مصدر اعتزاز وقدرة مشاركة وعنصر توازن، فيتم إعدادها منذ مراحل طفولتها المبكرة للدور الاجتماعي وللدور الاقتصادي بصفة متكاملة مع دور الرجل فنضمن الشراكة والتكامل.ويلعب الإعلام في بعض الأحيان - بتكريسه التحيز للرجل وللمفاهيم الرجولية دوراً مهماً في تكريس الوصاية الدائمة على المرأة وتقوية المعوقات الاجتماعية أمام التكامل. ومن هذا المنطلق، تلعب المؤسسات التعليمية دوراً في إزالة هذا المفهوم الاجتماعي الساند لعمل المرأة وضرورة مشاركتها في التنمية.[c1]عدم ملاءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل [/c]من الملاحظ أن المؤسسات التعليمية تساهم في توسيع هذه الفجوة، حيث إن مخرجات التعليم في واد ومتطلبات سوق العمل في واد آخر، وهذه الشكوى دائماً ما تطرح من قبل القطاع الخاص، وبالتالي، لابد من إعادة النظر في كل المناهج التعليمية وما يتلاءم مع متطلبات مرحلة التنمية وسوق العمل في الداخل والخارج حتى تكون مخرجات التعليم مهيأة للعمل وفقاً لتلك المتطلبات. ضعف وقلة التدريب الخاص بالمرأة خصوصياً في القطاع الخاص إن الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي تتطلب وضع برامج خاصة بتدريب وتأهيل ودعم المرأة لتنخرط في سوق العمل، حيث نلاحظ أن فرص المرأة نتيجة لضغط برامج الإصلاح الاقتصادي قد قلصت، وبالتالي فإن هذه الفرص للإندماج الاجتماعي أقل من الفرص المتاحة للرجل. ويطرح هذا الموضوع دعم البرامج الخصوصية لإدماج المرأة اليمنية في سوق العمل حتى تتناسب مساهمتها في المنظومات التعليمية والمنظومات المهنية خصوصاً في القطاعات المنظمة والواعدة مثل قطاع الخدمات. ويتطلب هذا وضع برامج خصوصية تدعم المرأة في دخولها في هذه القطاعات المهنية الحديثة حتى تتناسب مشاركتها الجامعية المهمة مع مشاركتها الإنتاجية في القطاعات الواعدة. [c1]غياب وقلة مصادر التمويل [/c]تأتي قضية تمويل المشروعات لتشكل عائقاً آخر أمام إندماج المرأة اليمنية في سوق العمل. حيث إن الحصول على القروض لتمويل المشاريع خصوصاً القروض المقدمة من مؤسسات التمويل يتطلب مخاطرة بالنسبة للمرأة، لأنها تفتقد في غالب الأحيان الضمانات الأساسية نظراً لصعوبة توفير وثائق الملكية في ظل المنظومة الاجتماعية التقليدية القائمة وأيضاً ضعف المدخرات المالية نتيجة اتجاه المرأة أكثر لتعهد مصاريف الأسرة وهو ما أثبتته كل الدراسات المنجزة ، كما يمثل تعامل مؤسسات القرض مع المرأة باعتبارها كائنا ضعيفاً معوقاً آخر أمام حصولها على التمويلات. [c1]نظرة القطاع الخاص للمرأة[/c]في معظم الأحيان يتهرب من مؤسسات القطاع الخاص من توظيف المرأة لمبررات كثيرة. وعلى هذا الأساس لابد من وضع معالجات لتلك النظرة والمبررات التي لا أساس لها فكل قوانين العمل تعطي فرصاً متساوية لكل من المرأة والرجل في العمل، وإن كانت هناك ظروف معينه للمرأة مثل: فترة الحضانة أو الإجازات المرتبطة بالوضع فهذه مسائل لا يمكن اعتبارها معيقة لظروف عمل المرأة في القطاع الخاص. وحتى لا نبالغ في هذا الطرح فإن عدداً من مؤسسات القطاع الخاص لديها أي تحفظات على عمل المرأة فيها.وفي الختام مهما كانت المعوقات فإن المرأة قادرة على العطاء ومواجهة التحديات التي تعترضها لتلعب دوراً محورياً في عملية التنمية وتحسين وضعها المعيشي من خلال تحسين نسبة مشاركتها في سوق العمل.
المرأة وسوق العمل بين الواقع والمأمول
أخبار متعلقة