لا يختلف اثنان على أن استقلالية الصحافة تنتهي عندما تتحول الصحيفة إلى شقة مفروشة ومعروضة للتأجير، يفوز بها كل من يدفع أكثر ويسدد نفقات مالكيها وموظفيها.وفي الاتجاه نفسه تنتهي استقلالية الصحافة عندما تتحول الصحيفة إلى منبر لنشر الرأي الواحد والتحريض ضد الوطن ووحدته واستقراره، والتخلي عن الضمير المهني والتضحية بمبادئ وقيم الصدق والأمانة والمسؤولية والشرف.كما أن استقلالية الصحافة تتراجع عندما تغيب عنها المهنية والمصداقية والموضوعية.. وتنتهي عندما تتحول الصحيفة - أي صحيفة - إلى أداة للابتزاز والكذب والتلفيق والمتاجرة، حيث لا فرق بين المتاجرة في السياسة والمتاجرة في الأراضي والعقارات.. والأخطر من كل ذلك أن يتسلل إلى ميدان الصحافة أدعياء يجمعون بين تجارة الابتزاز السياسي والمضاربة بالأراضي والعقارات.وعندما تسقط الصحيفة - أي صحيفة - في هذه المستنقعات الضحلة، تتعرض حرية الصحافة للعدوان عليها من داخلها، بعد أن تصبح حرية التعبير وسيلة لنشر ثقافة الكراهية والاستبداد بالرأي الواحد.لكن العدوان الأكثر قسوة على حرية الصحافة يتحقق دائما على يد المتاجرين بها عندما يوظفون هذه الحرية في الأسواق التي ينشط فيها المتاجرون بالسياسة والعمل الحزبي والنشاط المصرفي وأسواق المال خصوصاً قادة الأحزاب والأوليغارشيات وملاك الشركات والبنوك الذين يسعون إلى (استثمار) الديمقراطية واستغلال حرية الصحافة وتوظيفها لخدمة أطماعهم ومخططاتهم الرامية إلى الاستيلاء على السلطة والثروة بأي ثمن، حتى ولو على حساب وحدة الوطن والمجتمع، والتضحية بأمنه واستقراره وإغراقه بالدماء والحرائق.ومن المثير للدهشة والتساؤل أن يفهم البعض وخاصة قادة أحزاب “اللقاء المشترك” وملاك بعض الشركات والبنوك التي توجه سياساتها وتحالفاتها المدمرة وحراكها الفوضوي، أن الحرية بالنسبة لهم تعني أن تتحول الأقلام إلى بنادق وقنابل وأحزمة ناسفة.. وأن تتحول مكاتب هيئات تحرير الصحف إلى ثكنات عسكرية يديرها مسلحون قساة وقناصون محترفون!!وإذا كان من المهم التمييز بين الصحيفة والصفيحة.. فإنه من الضرورة أيضا أن نميز بين حرية التعبير بالكلمة.. وحرية القتل بسلاح العنف والإرهاب.ولله في خلقه شؤون
أخبار متعلقة