على طريق المؤتمر الدولي حول الديمقراطية والإصلاح وحرية التعبير (25-26يونيو)
استطلاع - مكتب صنعاء/ وردة العواضي تنوعت وانتشرت الصحف اليمنية بعد الوحدة، حيث ظهرت على الساحة الصحف الحزبية والمستقلة ومع التطور، ظهرت الصحف الإليكترونية بشكل كبير لتعبر بشكل أكبر عن آرائهم.. كما توسعت مساحة حرية الرأي والتعبير بعد الوحدة اليمنية.حرية الرأي والتعبير في الصحف تختلف من دولة إلى أخرى حسب قوانينها وأنظمتها ، ولكن كيف هي مساحة حرية الرأي والتعبير في الصحافة اليمنية؟ وما هي المعايير المرتبطة بحرية الرأي والتعبير ؟[c1]حرية التعبير في الدستور اليمني[/c]كفل الدستور اليمني في مواده (5، 6، 42 و58) حرية الرأي كإحدى أهم الأسس السياسية للدولة، وهي المبنى الدستوري الجامع لقوائم النظام، وجرى التأكيد في نص المادة (6) على التزام الدولة باحترام كافة الحقوق والحريات التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، منها حرية الرأي وحق التعبير عنه على نحو ما هو وارد في المادة (19) من هذا الإعلان.وفي المادتين (42 و58) تُلزم الدولة بكفالة حرية المواطن في الفكر والرأي، وبتمكين المواطن من التعبير والإعراب عما يعتقده في نطاق هذه الحرية المكفولة.. وفي المادة (5) من الدستور يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية.. حيث أنّ حرية الرأي والفكر هي القوام الدستوري للنظام السياسي للدولة وذلك باعتبار أنّ التعددية السياسية والحزبية ما هي إلا مظهر تجسيدي وتمثيل عملي وواقعي لحرية الفكر والرأي، فالمُشرّع الدستوري أنزل حق التعبير منزلة القيم العليا للمجتمع، وأي قانون لم يأتِ موافقاً لمقتضيات القاعدة الدستورية كان نصاً معيباً بعدم الدستورية وتخلفت عنه قوة الإلزام والأعمال.[c1]واقع الصحافة اليمنية[/c]- يقول د . عبد الملك الدناني - أستاذ كلية الإعلام - جامعة صنعاء وصحفي سابقاً :إنّ حرية الرأي في الصحافة اليمنية قبل الوحدة كانت محدودة فكانت هناك ثلاث صحف رسمية تصدر من صنعاء، تعز، عدن إلى جانب صحيفة 26 سبتمبر ولم توجد هناك صحف معارضة ولا حرية للرأي بحكم أنّه لم توجد تعددية حزبية وكان قانون الصحافة لا يتيح ذلك، كما هو موجود في قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لسنة 1993م، ولكن هذا لا يعني أنّه لم توجد مساحة من الحرية في الصحافة، وما ذكر أنّه كان هناك مساحة لحرية الرأي موجودة قبل الوحدة اليمنية، وكان هناك زملاء في صحيفة الجمهورية أمثال الزميل المرحوم عبده مقبل، عبد الله صعدة، يطرحون طرحاً جريئاً في عمود يومي كان يلقى صدىٍ كبيراً، يكتبون عن نقد السلبيات وما يتعرض له المواطن والإخفاقات في المرافق الحكومية، وكان هناك أيضاً صحيفة مستقلة قبل الوحدة، وهي صحيفة المستقبل، أسبوعية وكانت تطرح أيضاً طرحاً جريئاً، لأنّه إذا أردنا أن تتصلح البلد يجب بعد الوحدة اليمنية، جاء قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لسنة 1990م في مادته (3) كفل حرية الرأي والتعبير لجميع المواطنين بأشكال متعددة منها الكتابة، الرسم والتصوير.. الخ، كما أصبح هناك إمكانية لكل مواطن تنطبق عليه الشروط أن يصدر له صحيفة بعد أن يأخذ تصريحاً من وزارة الإعلام لصحيفة أو مجلة، لأي شخص ولأي حزب أو منظمة أو اتحاد، وهذه الأشياء أتاحت مجالاً كبيراً لحرية الرأي، لكن ينبغي لنا أن نذكر أنّ الحراك السياسي الذي دار في عام 1990م يختلف عن الحراك السياسي في عام 2006م، على سبيل المثال، بدأت الصحف تنتشر بكميات كبيرة، ومع الوقت تراجعت الكمية، بعض منها استمر والآخر أخفق، وبعض منها احتجب عن الصدور لأسباب مالية أو عدم الرواج لها، ومع ذلك وصل عدد المطبوعات حسب ما جاء في دليل المطبوعات الصادرة في وزارة الإعلام (125) مطبوعة، ولكن هل هذه المطبوعات تمتلك مقومات صحف وهي : امتلاك مقر ومطابع وكوادر.. أنا أجزم كأكاديمي أنّ 90 من هذه المطبوعات لا تمتلك مقومات صحيفة ما عدا الصحف الرسمية التي تمتلك مقراً مستقراً ومطابع.أما من جانب التوزيع فلا تجد لها تواجد ولا تصل إلى الدول العربية بعكس ما نجد الصحف العربية لها تواجد عندنا مثل القدس، الرياض، الحياة، عكاظ وغيرها.وفي المستوى المحلي أيضاً لا يصل توزيع هذه المطبوعات (125) مطبوعة إلى جميع أنحاء الأراضي اليمنية، باختصار التوزيع لا يغطي اليمن بأكمله وغير متواجد خارجياً.فهي وحتى الآن محصوره في مناطق معينة في الجمهورية.[c1]مساحة من الحرية[/c]- و عن مساحة حرية التعبير في الصحف يقول د . وديع العزعزي - أستاذ كلية الإعلام جامعة صنعاء إنّ قضية حرية الرأي والتعبير في اليمن ترتبط بالدرجة الأساسية بمسألة التعددية السياسية التي تحققت مع الوحدة اليمنية وكان الشرط الأساسي أنّ العملية الديمقراطية ترتبط بالتعددية السياسية وقبل الوحدة اليمنية كان هناك تشريعات وقوانين، لكن موضوع حرية التعبير كانت فيها قيود كثيرة، على اعتبار أنّ النظام الشمولي في ذلك الوقت قائم على حزب واحدٍ سواء في الشمال أو في الجنوب، وكانت تعتبر مسألة التعددية الحزبية مسألة محرمة، وبعد الوحدة اليمنية اختلف الأمر، حيث ظهرت حرية الأحزاب وحرية الصحافة، وصدر قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لسنة 1990م احتوى على مواد وفقرات تعطي مساحة من حرية الرأي، ولكن طموحنا لا يكفي لهذه المساحة على اعتبار أنّ هناك متغيرات كبيرة على الساحة اليمنية أو على مستوى الساحة الإعلامية.فبالتالي يجب أن تواكب تشريعاتنا هذه التطورات على المستوى الصحفي، لذلك يجب أن تكون حرية الرأي والتعبير متكاملة.[c1]تشريع الحرية[/c]- ويقول د . علي البريهي - أستاذ كلية الإعلام - جامعة صنعاء :وعن موضوع التشريعات الإعلامية في مساحة حرية الرأي تحديداً، هناك سوء فهم لمساحة الحرية قبل التشريع، وفي السابق قبل الوحدة اليمنية كان هناك تعددات صحفية ولكنها كانت غير مشرعنة، فعندما جاءت الوحدة اليمنية شرعنت تعددية حرية الرأي والتعددية السياسية، ونقل الناس قالبهم الفكري والأيديولوجي قبل الوحدة إلى ما بعد الوحدة، وحرية الرأي بعد الوحدة تعيش ضيق أفق لأنّ صناع الصحف الممتهنين للعمل الصحفي هم امتداد للرؤى السياسية، ولم يعطوا مساحة لثوابت نلتقي حولها وأوليات، حيث كانت الأوليات من السابق في النضال من أجل الوحدة اليمنية، وتحققت الوحدة اليمنية، لكن بقي الشتات الذهني عند الذين يعيشون انعكاس على مساحة الحرية في الصحافة، حيث أصبحت الصحافة تعبر عن فئة معيّنة وعن رؤى معينة عن ضيق أفق لا تتسع لتستوعب الوطن بالكامل، وبالمقابل الذين سنوا قانون الصحافة، ينظرون إلى مساحة حرية الرأي في الصحافة من باب الخوف من فرض العقل ويجب أن نضع قيوداً لا تخرج عنها في مساحة الحرية في الصحف (المعارضة) وبالتالي كانت هناك صراعات مستمرة ولا زالت مستمرة حتى الآن، وآلية الحرية لم يكن مفهومها واضحاً للطرفين سواء السلطة أو المعارضة، الآن هناك إمكانية في أن يلتقي الناس في قضية معيّنة، وهي قضية وحدة الفكر ووحدة الرؤى ووحدة الهدف، فهذه الوظائف الثلاث الأساسية ينبغي أن تتمحور حولها الصحف اليمنية، أكانت معارضة أو سلطة.[c1]مساحة كبيرة[/c]- يقول الاستاذ/جمال الشامي - مدير المدرسة الديمقراطية، إنّ هناك مساحة كبيرة من حرية الرأي والتعبير في الصحافة خلال ما قرأه في الصحف المعارضة وما تنشر من مقالات انتقادية سواء كانت موجهة للحكومة أو لشخص الرئيس أو للحزب الحاكم وهذه ظاهرة صحية لحرية الرأي في الصحف.[c1]قياس مساحة الحرية[/c]- وتقول بلقيس اللهبي - مديرة الأنشطة والمشاريع للمدرسة الديمقراطية :إنّه لا يمكن أن نقيس مساحة حرية الرأي والتعبير في الصحف على مستوى اليمن، لأنّ مساحة الحرية ضيقة جداً ولا يمكن أن تعبر عن البلد بالكامل بسبب مساحة الأمية الواسعة في اليمن، ولذلك نستطيع أن نقول إنّ حرية الرأي والتعبير في الصحف تعبر عن هامش حرية في الوطن كاملاً."إضافة إلى ذلك أنّ الفترة الأخيرة تعرض بعض الصحفيين إلى عقوبات نتيجة ما يكتبه وينتقده كمواطن يؤدي عمله الصحفي، حيث تعرض للمحاسبة والمحاكمة، ومن جهةٍ أخرى نجد صحفاً أخرى تتناول أشخاصاً، تمسهم في سلوكهم الشخصي الخاص وليس سلوك متعلق بفساد عام من رشاوى أو أموال عامة، ونجد أنّ النيابة والجهات الأمنية تتعامل معهم ببرود شديد ولا تحاسبهم .[c1]المفاهيم والمعايير[/c]إنّ دولة القانون هي التي تلتزم نصاً وروحاً بدستورها وقوانينها والتي يجب أن تتناغم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.ولضمان حريات الأفراد في مواجهة سلطات الدولة هناك ما يُعرف بحريات المعارضة مثل حرية التعبير، وحرية الصحافة والتجمع السلمي والانضمام للنقابات، والمشاركة في الانتخابات.وإنّ حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة هي ضمن الحريات الأساسية المفضلة والأجدر بالرعاية التي تنص عليها دساتير الدول الديمقراطية.وفي الدول العربية غالباً ما تلحق هذه المواد بعبارات مقيدة مثل :(في حدود القانون، وبما يتفق مع القانون، أو بالشروط التي يحددها القانون)، ونجد أنّ القوانين تتعدى تنظيم الحق الدستوري.أما الإعلان العالمي للأمم المتحدة فمع إنشاء الأمم المتحدة عام 1945م تم وضع المفاهيم الأولى والأسس القانونية لحماية حقوق الإنسان التي تحدثت عن حرية التعبير.وقد قررت الهيئة العامة للأمم المتحدة في أول اجتماع لها في 14/12/1946م "إنّ حرية المعلومات هي حق أساس للإنسان، وحجر الزاوية لجميع الحريات التي تنادي بها الأمم المتحدة".[c1]حقوق وحريات[/c]وكان صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10/12/1948م نقطة انطلاق في التأثير على تطوير تشريعات حقوق الإنسان عالمياً ووطنياً وإقليمياً.وكان يؤمل أن يكون الإعلان بمثابة مرجع عالمي للحقوق.كما أنّ دساتير بعض الدول أشارت إليه التزاماً منها باحترام حقوق الإنسان.- في المادة 19 : " لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها، وإذاعتها بأية وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود الجغرافية".- حق الحصول على المعلومة : حيث لا يمكن إهمال حق حرية التعبير من دون حق الوصول إلى المعلومات، حيث تنص المادة (9) : يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها في إطار القوانين واللوائح.- كما تمّ تعزيز حرية التعبير بإعلان اليونيسكو عن إسهام وسائل الإعلام في دعم السلام العالمي والتفاهم لدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب عام 1978م.وأقر مؤتمر القمة العربية في تونس (2004م) الميثاق العربي لحقو الإنسان .. حيث تنص المادة (32) على الآتي :- يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير، وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية، (برغم أنّ جميع الدول العربية لا تجيز دخول حتى المطبوعات العربية من دون رقابة مسبقة باستثناء العراق.- تمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.[c1]إعلان صنعاء[/c] وأهم ما تم إعلانه في حلقة التدارس بشأن تعزيز استقلال وتعددية وسائل الإعلام العربية التي عُقدت في صنعاء في الفترة من (7 - 11) يناير 1996م كان على النحو الآتي :1 ) توفير الدول العربية الضمانات الدستورية والقانونية لحرية التعبير وحرية الصحافة، ويدعم هذه الضمانات في حالة وجودها، وأن تلغى القوانين والإجراءات الرامية إلى تقييد حرية الصحافة، أو أن تعمل الحكومات على وضع "خطوط حمراء" خارج نطاق القانون ينطوي على تقييد لهذه الحريات، وهذا يعتبر أمراً غير مقبول.2 ) وضع مبادئ توجيهية للمعايير الصحفية إنّما يرجع إلى العاملين في مجال الإعلام، وأي محاولة لوضع معايير ومبادئ توجيهية ينبغي لها أن تنبع من الصحفيين أنفسهم، كما يتعين إدخال المنازعات التي تكون وسائل الإعلام أو الصحفيين أثناء ممارستهم لمهنتهم طرفاً فيها، من اختصاص المحاكم التي ينبغي أن تنظر فيها وفقاً للقوانين والإجراءات المدنية لا الجنائية.3 ) ينبغي لها أن تستوعب المساعدات الدولية التي تقدم للدول العربية التطوير وسائل الإعلام المكتوبة والإليكترونية المستقلة عن الحكومات وذلك من أجل التحرير والتعبير واستقلالية الصحافة.4 ) ينبغي لها أن تمنح هيئات الإذاعة والتلفزيون التي تمتلكها الدولة نظم قانونية أساسية تكفل لها الاستقلال الصحفي والتحرير بوصفها مؤسسات إعلامية عامة مفتوحة، وينبغي تشجيع إنشاء وكالات أنباء مستقلة، وتشجيع الملكية الخاصة أو الجماعية لوسائل الإعلام السمعية والبصرية، على أن يشمل ذلك المناطق الريفية أيضاً.5 ) ينبغي للحكومات العربية أن تتعاون مع الأمم المتحدة واليونسكو ومع الوكالات والمنظمات الإنمائية الحكومية وغير الحكومية ومع الرابطات المهنية الأخرى من أجل : إصدار قوانين جديدة أو إعادة النظر في القوانين الحالية بغية تطبيق الحقوق المتعلقة بحرية التعبير وحرية الصحافة والانتفاع بالمعلومات طبقاً للقانون، وإلغاء احتكار الأنباء والإعلانات، والتوقف عن ممارسة كافة أشكال التمييز الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي سواء في مجال الإذاعة، أو غيرها وتخصيص الترددات أو الطباعة أو توزيع الصحف أو المجلات أو في إنتاج ورق الصحف وتوزيعه وإزالة كافة العقبات التي تحول دون إصدار مطبوعات جديدة، وإلغاء الضرائب المشوبة بالتمييز.[c1]في الأنظمة الديمقراطية[/c]إنّ المفاهيم والمعايير العالمية لحرية الرأي والتعبير في الصحافة الحرة في الأنظمة الديمقراطية الحديثة والمتطورة يجب أن تعمل الصحافة خصوصاً وجميع الأنشطة الإعلامية عموماً بحرية واستقلالية وبعيداً عن الرقابة الحكومية المقيدة، فالحكومات الحديثة الديمقراطية لا تكون لها وزارات إعلام سياسية أو هيئات رقابية أيديولوجية بشقيها دينية وسياسية لضبط محتوى الصحف أو أية أنشطة إعلامية أخرى وليست هناك أية شروط أو طلبات إجبارية على الصحفيين تأديتها وتفرض عليهم بهدف تغيير أو إيقاف موقف إعلامي أو مبدئي معين أو إجبار الصحفيين على الانضمام إلى الاتحادات والنقابات التي تشرف عليها الحكومة إذ أنّ الصحافة والإعلام الحر عموماً هدفه توعية المجتمع ومحاسبة الأجهزة الحكومية وقادتها وتوفير منبر مبدئي للقضايا الوطنية والعالمية.كما تكفل الدول الديمقراطية وجود صحافة حرة مستقلة تكون سلطة رابعة مدعوماً بشرعية دستورية وقانون ضامن ومجتمع مدني متطور ومحمي بالقانون، والحكومات والأنظمة الديمقراطية مسؤولة بشكل مباشر عن الإعلان عن قراراتها وأن يطلع المواطنون كافة في المجتمع الديمقراطي على جميع القرارات التي تتخذها الحكومة ودواعيها ولذلك فإنّ الصحافة تكون الواسطة الأمنية لتسهيل حقوق المعرفة والإطلاع ونقل المعلومات والاستفادة منها وهي من الحقوق المدنية والسياسية التي ضمنت في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة حيث أنّ الصحافة الحرة هي الحارس المراقب لعمل الحكومة، فتساعد المجتمع على الاطلاع الكامل والواعي في جعل الحكومة مساءلة أمام المجتمع، ولذلك تمنح الحكومة الصحفيين والإعلاميين حق حضور الاجتماعات أو التواجد على مقربةٍ جيدة ومفيدة لهذه الاجتماعات والمؤتمرات والحصول على الوثائق الضرورية لعملها وفقاً للقانون، وهي لا تضع قيوداً أو شروطاً لما سوف يقوله الصحفيون أو ما يكتبونه، ولذلك على الإعلام الواعي المستقل تحمل مسؤولياته المهنية والقانونية.. كما أنّه يجب على جميع الأجهزة الإعلامية تحديد قيادات مستقلة غير متحزبة وتشكيل هيئات تحرير غير منحازة لجهة بعينها بل يكون الانحياز التام للعمل الصحفي وللمواطنة فقط.[c1]استغلال حرية التعبير[/c]- يقول رئيس تحرير - صحيفة (يمنأبزرفر)(باللغة الإنجليزية) الأستاذ/ محمد محمد الأسعدي إنّ هناك مساحة من حرية التعبير في الصحف المحلية، وأنّ تنوع الصحف من رسمية وحزبية وأهلية يعتبر تنوعاً جيداً لتكملة فراغ كل للآخر، فالمادة الصحفية التي يكتبها صحفي في صحيفة ما يكملها صحفي آخر في صحيفته ليكون هناك ربط في قضايا المجتمع.. ولكن، أسيء استغلال هذه المساحة (حرية التعبير) في خلق رأي عام وإقامة علاقة بين القارئ والصحف المحلية.. فالمواطن أو القارئ لا يجد في الصحف ما يعبر عن واقعة ومعاناته من ظروف اقتصادية سيئة وقلة فرص عمل، فالصحف المحلية لم تؤدِ دورها الحقيقي لتنمية المجتمع لسببين هما :الأول : أنّ الصحف الحزبية استغلت مساحتها في حرية التعبير لتخدم أجندة حزب معين وتدين الأحزاب الأخرى.الثانية : أنّ الصحف أو وسائل الإعلام الرسمي تسير على الوتيرة نفسها في موضوعات نمطية، والاثنان ابتعدا عن واقع المواطن حيث فقد الثقة بالصحف المحلية، والدليل على ذلك أنّ أكبر صحيفة في اليمن لا توزع أكثر من عشرين ألف نسخة ولا تصل إلى كل أجزاء اليمن، بل وأعتقد أنّ أكثر ما يقرأه المواطن الجرائد التي فيها المسابقات الرمضانية أو غيرها، ولا يهتم بالخبر ولا بالوسيلة إلا النخبة.وعادةً لا يقرأ للصحفي مقاله إلا زميله ليقول له "مقالك ممتاز" .. فالمواطن بحاجةٍ إلى أن يجد في الصحف المحلية ما يعبر عن معاناته وتنميته فكرياً وثقافياً!![c1]قضايا غائبة[/c]- ويقول الأستاذ/ عبد الباري طاهر - الكاتب والمحلل السياسي :إنّ قضايا التنمية هي أقل القضايا اهتماماً في الصحف المحلية الرسمية الحزبية فصحافتنا للأسف صحافة قولية تميل إلى الخطاب السياسي المباشر وإلى الجملة الفارغة ولا تهتم بالتحقيقات الصحفية ولا بالموضوعات التي تؤدي دوراً في التنمية، فتناول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعتبر الجانب الضعيف في صحافتنا، حيث ينصب اهتمامها الأول في الرأي والتعليق على الخبر أكثر مما تهتم بصناعة الخبر، وبالنسبة لمساحة الحرية المحددة في صحفنا لم يتم ممارستها بالمستوى المطلوب لا من الصحفي ولا من الحكومة، ولم يستفد الصحفي من هذه المساحة وكيف يغنيها ويثريها ويدفع بها خطوة إلى الأمام، فهناك خلل مشترك في استخدام مساحة حرية التعبير من صحف المعارضة والحكومية.[c1]حلقة مفرغة[/c]- وتقول الصحفية / فكرية محمود :إنّ الإعلام حتى الآن ما زال بعيداً كل البُعد عن قضايا المجتمع، فالإعلام، خصوصاً المقروء إعلام موجه سياسياً سواء الحكومي أو الحزبي، فلا تأخذ قضايا تنمية المجتمع وأولياته وهمومه الحيز المطلوب، فدائماً تدور في حلقة مفرغة، والإعلام حتى الآن لم يستطع أن يصل إلى كل الناس لعدة أسباب أولاً : قصور في الخدمات الأساسية المفروض أن توفرها الحكومة لكل مواطن.ثانياً : انتماءات الصحافة للأحزاب مما جعل الناس تبتعد عنها، لأنّها أصبحت مساحة محاربة كلامية بين أشخاص محدودين والناس ملوا من هذه الأشياء، فهم يزدادون فقراً بسبب تدهور ظروفهم المعيشية ولهذا السبب لا تجد عَلاقة بين القارئ والصحيفة بدليل قلة القراء وقلة المطبوعات الصادرة في اليمن مقارنةً بالوطن العربي، فعدد القراء في اليمن لا يتجاوز الألفين أو الثلاثة آلاف وهذا شيء مخيف يدل على نسبة الأمية الكبيرة في المجتمع، ومخيف من جهة أخرى لأنّ الصحافة إلى الآن لم تستطع أن توجد لها قراء على مستوى الوطن كله.وتتابع : كما أنّه ليس هناك حرية في طرح القضايا الاجتماعية، فهناك ما يزال استحياء وخجل من طرح بعض القضايا وهي أساساً متعلقة بجوهر الإنسان ويجب أن يكون هناك ربط بين الصحافة وقضايا التنمية حتى تخلق اتجاهاً وسياسة لمكافحة الفقر (بشكل مراقب) ومتابعة عبر الصحافة ولا يقتصر دورها على مجرد افتتاح مشروع وانتهت القضية!!