صـباح الخـير
خيرات البحر متنوعة وتختلف أذواق الشعوب والناس في اختيار اصناف الاسماك.. فالانجليز عندما حطوا رحالهم في عدن في زمن الامبراطورية البريطانية كانوا أكثر ميلاً إلى سمك "الديرك" إلى درجة أطلقوا عليه تسمية "كنج أوف فش" KING OF FISH ، أي ملك السمك.. ما رفع من قيمة هذا النوع وجعل الأهالي يفضلونه على ما سواه من الأنواع التي لا أشك في أن العديد منها تفوق مكانة "الديرك" طعماً وفائدة.أما الهنود.. فقد كانوا أكثر ميلاً إلى أنواع القشريات وأسماك معينة مثل: (أبو مقص والبنجيز والسلوفش) ، بالإضافة إلى (الروبيان)، وهي أسماك غنية بمكوناتها، بل إنها الأغلى في قائمة الأسعار العالمية.. إلا أن مظهرها المنفر جعلها غير مرغوبة عند العامة من الناس، لذلك ظلت هذه الأنواع في موسم الوفرة رخيصة الثمن، أي ان درجة المنافسة عليها من المستهلك غير واردة، لذلك أطلق على (ابومقص) سمك الهنود، وهذا النوع تتنوع طبخاته وتعمل منه مرقة يقال أن فيها فائدة للأمراض الصدرية ناهيك عن سعراته الحرارية المرتفعة.كما ان لـ (ابومقص) بعد طلوعه من البحر ميزة قدرة على البقاء حياً لأكثر من يومين حتى وهو على مفارش الباعة.أما الحضارم فلهم شأن آخر مع أنواع الأسماك ومنها سمك (القرش) بأنواعه.. هذا النوع المفترس متعدد الأنواع منه: (الجيتار وأبو مطرقة والولد) ونحو ذلك من أنواع هذه الفصيلة التي يرغب بها أبناء حضرموت، وتتنوع طرق طباختهم لها.. بالإضافة إلى تجفيفها واستخدامها على مدار العام. بمعنى ان ذوق الحضارم في طبخات السمك واختيار أو تفضيل أنواع معينة منه مرده إلى الاحتكاك عبر الهجرة والتأثر بعادات أقوام آخرين كما هو الحال في بلاد زنجبار بأفريقيا وإندونيسيا.علماً أن الحضارم يقومون بتجفيف سمك (الشروة) في أيام الوفرة، مما يجعلهم يقومون بخزنه للاستفادة منه على مدار العام.إذن بحارنا غنية بأنواع الأسماك.. بل بأجود أنواعها، وهي ثروة متجددة ومقاومة لكل ما تجابه من عبث بحكم تزايدها المذهل إذا ما قيست بأنواع الحيوانات الأخرى، إلا أن الطمع بمثل هذه الثروة لا يقتصر على ما نستهلكه، فهناك سفن اصطياد أجنبية تجرف كل شيء بما في ذلك (حبار) البحر الذي ينوه الخبراء إلى خطورة استنفاده لتأثيره العميق على الثروة السمكية وتجددها. ولعله من المفيد الإشارة هنا إلى أن الخطوات الأخيرة التي اقدمت عليها وزارة الثروة السمكية كانت إيجابية في الحفاظ على هذه الثروة، كما ساهمت في انخفاض اسعارها بشكل لافتٍ ومريحٍ للمواطنين.