وضاح المحوري / كلية التربية زنجبار :إن لتطوير المناهج أهمية كبرى ومكانة بالغة تفوق أهمية تطوير أي مجال من مجالات الحياة ذلك لأنه يعني تطوير بناء وإعداد الإنسان للمستقبل الواعد.. فإذا ما طور هذا الإنسان سيصبح بدوره قادراً على الإمساك بدفة التطوير في مختلف مجالات الحياة ليشق بها طريقه نحو مستقبل أفضل يحمل في طياته كل وسائل الراحة والرخاء والسعادة وبهذا فإن تطوير المناهج أساس تطوير ونواة لكل تقدم وتغيير أي أن تطوير المناهج لا تتوقف أثاره على الطلبة والمدرسة فحسب بل تتسع لتشمل المجتمع بكافة جوانبه فتطوير المناهج هو المفتاح |إلى تطوير كافة مجالات الحياة ونتيجة لذلكفالمنهج يتأثر بكل هذه العوامل من التلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية الخاضعة لقوانين التغيير المتلاحقة فكل منها في تغير مستمر فلا مجتمع في مكانة راسخة ولا بيئة جامدة ولا ثقافة راكدة ومتحجرة ولا نظريات التعليم باقية في مكانها ولا تلميذ اليوم مثل تلميذ الأمس ؟ أي فهل نحن مثل إبائنا وأجدادنا ، كلا وشتان ذلك في عدة جوانب من جوانب الحياة في العادات والتقاليد والثقافة بل يختلف جيل اليوم عن جيل الأمس في الاتجاهات والميول والحاجات والمشكلات والقيم والاستعدادات . ونتيجة لذلك فإن تطوير المنهج يصبح أمراً ملحاً ولا غنى عنه ولا مفر منه خصوصاً إذا توفرت احد أسبابه ودواعيه الذي يرتبط بعضها بالماضي مثل سوء وقصور المناهج الحالية والتغيرات التي تطرأ على العوامل المؤثرة على المنهج سالفة الذكر وأخرى ترتبط بالمستقبل مثل التنبؤ باحتياجات الفرد والمجتمع وأيضاً المقارنة بالدول الأكثر تقدماً وتطوراً. حيث يحكم على سوء وقصور المناهج الحالية من خلال نتائج الامتحانات المختلفة التي يؤديها التلاميذ وفق تحليل علمي دقيق لهذه النتائج بحيث تؤدي إلى معرفة القصور والضعف في جوانب المنهج المختلفة وكذا تقارير الموجهين والخبراء والفنيين وهبوط مستوى الخريجين بصفة عامة ونتائج البحوث والرأي العام ، ونقف عند النقطة الأخيرة قليلاً.فالرأي العام له دور كبير في عملية التطوير وذلك من خلال تقديم الشكاوى عن قصور المنهج مدعمة بالبراهين والحجج التي تدفع إلى الإسراع بعملية التطوير وخاصة في حالة تدخل وسائل الإعلام المختلفة مثل الإذاعة والتلفاز والصحافة بثقلها في هذا الموضوع بشرط إن تدعم شكواها بآراء المختصين وذوي الفكر والمهتمين بالعملية التعليمية.ولهذا فمطوري المناهج في ظل هذا المفهوم يهتمون بما قد حدث في الماضي وبما ستسير إليه الأمور في المستقبل وليس غريباً إذا قرأنا أو سمعنا أن رجال التربية في كثير من البلدان المتقدمة يخططون من الآن للتعليم إلى2020م فهم عن طريق التخطيط والبحوث والاستفتاءات والنظرة إلى الأمام يستطيعون أن يرسموا أهدافاً لما ستكون الحياة في المجتمع وفي ضوء ذلك يطورون المناهج أي أن البلدان المتقدمة تعمل على تطوير مناهجها وفقاً لما حدث ولما سيحدث أي توقع الشيء قبل أوانه أو حدوثه وهذه الفكرة ليست بجديدة حيث أننا كثيراً ما نسمع في مجال الطب بأن الوقاية خير من العلاج بينما البلدان النامية تعمل - معظم الأحيان - على تطوير مناهجها وفقا للعوامل المرتبطة بالماضي أي بما تم وحدث فقط. فهذا التطوير الذي يرتبط بالماضي أو حتى بالمستقبل ، قد لا يؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة منه على أكمل وجه، ولهذا فمن الضروري التطلع إلى الدول المتقدمة التي قطعت شوطاً طويلاً في طريق التقدم حتى تتمكن البلدان النامية من الاستفادة من خبراتها بما يتلاءم مع عادات وتقاليد مجتمعاتها الذي بدوره سيحدث نوعاً من التغيير في حياتها ونظمها حتى تقترب ولو بقدر قليل من هذه الدول المتقدمة لمحاولة اللحاق بركبها ومن هنا نرى أنه لزاما عليها السير في طريق التطوير.ومما سبق نستخلص أنه عند تطوير المناهج وفقاً للمفهوم الحديث لابد من تطوير ليس المقررات الدراسية والكتب المدرسية فقط بل وطرائق التدريس والوسائل التعليمية وأساليب ووسائل التقويم والأنشطة والإدارات المدرسية والمكتبات المدرسية. فعند تطوير طرائق التدريس لابد من تطوير المادة الدراسية التي تدرس والوسائل التعليمية المستخدمة في تدريسها والأساليب المتبعة في تقويمها .. بل ولا بد من تطوير إعداد وتدريب المعلمين المختصين بتدريسها. إلا أن ما هو موجود في تطوير مناهجنا في اليمن يقتصر على الكتب المدرسية ومقرراتها فقط وهذا لا يعتبر تطويراً حديثاً، لأنه لا يشمل كل المنهج بمفهومه الواسع والشامل الذي يتسع ليشمل كل ما تحويه التربية من معلمين ووسائل تقويم ووسائل تعليمية وأنشطة ومكتبات وإدارات مدرسية .. الخ على الرغم أنه يعتمد على احدث أنواع التنظيمات المنهجية الحديثة الاوهي التنظيم المحوري وتنظيم منهج النشاط والخبرة لأنه لم يتخلص من - قيود - ورواسب المنهج التقليدي الذي يعتمد تطويره على تعديل وتطوير المقررات الدراسية بشتى الصور والأساليب فقط ولايتعداها إلى تطوير وتأهيل وتدريب وإعداد المعلمين وإدخال التقنيات التربوية الحديثة في التعليم لمواكبة هذا التطوير ولاسيما أنه يعتمد على احدث أنواع التنظيمات المنهجية السالفة الذكر التي تعتمد على طريقة حل المشكلات في التدريس وعلى معلمين ذوي كفاءات وجودة عالية في التعامل مع تدريس مقرراته لأنه إذا لم يتخلص المعلمين من الأساليب التقليدية المستخدمة في المنهج التقليدي لن يكتب لهذا المنهج النجاح لطالما - وهو معروف - أن الخبرات القديمة تقف عائقاً أمام تنفيذ أي منهج حديث لأن التطوير لم يمسها ولم يشملها كجزء من المنهج بل حجر الأساس في العملية التعليمية والمتعلم محورها وهدفها فلابد أن يشمل التطوير بقية المحاور الأخرى التي تعتبر جزءاً لايتجزأ من المنهج بمفهومه الواسع والحديث حتى يكون التطوير ناجحا في مواكبة التطورات العصرية الحديثة وليس هذا فحسب بل أننا نجد أن بعض الوسائل غائبة عن العملية التعليمية التي لها دور في ذلك التحسين والتطوير الاوهي المكتبات المدرسية التي لم يشملها التطوير ولا حتى الحرم المدرسي في تكويناته بل لم تؤخذ في الحسبان حتى عند إنشاء المدارس الجديدة مع أنها من أهم الوسائل التعليمية المعينة للمعلم والمتعلم على حدا سواء في مساعدتهم على فهم محتوى المنهج وتزويد المتعلمين بتغذية راجعة للمنهج وأنشطته.
أخبار متعلقة