د/ محمد فرحان بن عون هذا هو حال الدنيا ما اجملها وأروعها في وقت السعد والهناء وما أقبحها أو اشمتها في وقت الحزن واليأس وهكذا ايضاً حال من عليها ، فالمرء الصحيح المتعافي تجده يفكر ويخطط سأعمل كذا وكذا .. متناسياً أنه عليها مار مرور الكرام.وللدنيا ميزة خاصة انها لايخلد فيها وعليها أحد ، فهي دنيا دانية فانية وبذلك وصفها السيد ( د. ابوبكر سالم بلفقيه حين غنى :[c1]هكذا الانسان .. يحسب الدنيا .. وهي أدنى من الحسبان ليه يا دنيا .. على من يشتكي الانسان .. منك يادنيهمن زمن هابيل .. وأنت تقرعي لطبول ..حقدك يا رذيلهكم تعذرني ودرتي .. كم على المظلوم جبرتي [/c]وأما الموت .. كما هي الحياة ـ فهو سنة الخالق في خلقه واحدى النعم التي انعم بها الله على عباده ، ففي كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم هناك أسر وعائلات تعمها الفرحة لان الله رزقها بمولود أو شفا مريضها او اعاد غائباً ، واخرى تبكي حزناً على فراقها غالياً ، وهاهي مدينة الشيخ وبعد ان نامت ليلتها وهي تدعو الله العزيز القدير ان يشفي مريضها ويعيده إلى اهله وداره اذا بها تستقيظ صباحاً حزينة باكية على فراق ابنها الغالي والذي حمل وحفظ اسمها ورفع راسها في كل المحافل العربية والدولية انه الفنان المثقف الراحل طه فارع .ولد الفنان والمثقف الراحل تاريخ 6/4/1941م في مدينة الشيخ عثمان حافة دبع محافظة (عدن) فتربى وترعرع في حضنها الدافئ وتلقى تعليمه الاول وهو طفل في كتاتيب الشيخ عثمان ، فحفظ القرآن الكريم ، ثم واصل دراسته في مدرسة النهضة حتى حصوله على الثانوية العامة ، ثم التحق بالمعهد الفني قسم الكهرباء ونال الدبلوم .وبحكم حبه لهذه المدينة الجميلة وعشقه لاهلها ووفائه لها ، لم يفكر في الابتعاد أو الخروج منها ، فاثر العيش فيها وتزوج ورزقه الله خمسة من الابناء (ثلاثة ذكور وابنتين) ولم يغادرها إلى يوم وفاته .ففي مطلع الستينات من القرن الماضي بدأ الفنان الراحل مشواره الفني فذاع صيته وتألق كملحن ومطرب ، وكواحد من أبرز فرسان الاغنية اليمنية في عصرها الذهبي في عدن كان ذلك من خلال احيائه للحفلات العامة والتسجيلات الاذاعية والتلفزيونية وتغنى بالحانه الشجية مجموعة من المطربين والمطربات ولقد اثرى الساحة الفنية بالعديد من الاغاني والالحان العذبة والاصيلة .أما حياته العملية فقد بدأها في مصافي عدن ثم الخزينة العامة ، ولحبه وشغفه بالموسيقى انتقل عام 1976م للعمل كمشرف للقسم الموسيقي في معهد الفنون الجميلة ، ومثلما كان مبدعاً في الغناء وماهراً في التلحين فقد كان ايضاً مبدعاً في هندسة الصوت بتلفزيون عدن .وبما أن الفقيد كان يتمتع بثقافة فنية عالية وبحرص واهتمام الفن والتراث اليمني ، فقد ساهم كثيراً في التوثيق الفني ، وخاصة في مجال التراث والتاريخ المعاصر للأغنية اليمنية وله مؤلفات قيمة في هذا المجال أهمها : (لمحات من تاريخ الاغنية اليمنية الحديثة) .وتقديراً لجهوده في تطوير الغناء اليمني وكتاباته الراصدة والتوثيق في الثقافة والفن ، تحصل الفقيد على العديد من الاوسمة والميداليات منها : الميدالية الذهبية عام 1984م من الرئيس الاسبق علي ناصر محمد ، والميدالية الذهبية عام 1985م في مهرجان بابل في العراق وشهادة تقدير ووسام 30 نوفمبر عام 1998م من الرئيس علي عبدالله صالح ، وذلك تقديراً لدوره البارز في تحقيق الاستقلال الوطني والوحدة اليمنية ، كما نال العديد من الشهادات التقديرية من المؤسسات الثقافية والابداعية ، وكان من ابرز المكرمين من قبل وزارة الثقافة والسياحة اليمنية عام 2004م ضمن فعاليات (صنعاء عاصمة للثقافة العربية) .وفي صباح يوم الثلاثاء 30/8/2005م وبعد صراع مرير مع المرض وفي أحد المستشفيات الاهلية بعدن توقف قلب الفنان المثقف طه فارع عن النبض لينتقل إلى جوار ربه ، ولسان حاله يقول : [c1]( وصيتي نفذوا عهديوأوفو الكيل والميزانوصونوا حبيبي ومحبوبيولاتحسبوه في عالم النسيان)[/c] تغمدك الله بواسع رحمته واسكنك فسيح جناته وألهم اهلك وذويك وصحبك الصبر والسلوان .. إنا لله وإنا اليه راجعون
|
ثقافة
وداعاً فيلسوف الأغنية اليمنية
أخبار متعلقة