مع الآخرين
بعد أسبوع أو أكثر قليلاً سيقوم الصحفيون اليمنيون بانتخاب نقيبهم الجديد ولا شك ان موقع النقيب له أهمية خاصة فهو الذي يرأس مجلس النقابة والذي يخطط ويدير أعمال النقابة في الفترة بين المؤتمرين العامين لها.والسؤال المطروح الآن في أوساط الصحفيين يقول.. من هو النقيب الذي ينبغي لنا انتخابه؟ وأنا لا أقصد اسماً معيناً ولكن معرفة الشروط التي يجب توافرها في النقيب الجديد.إن الرد على هذا السؤال يتطلب في البداية أو الأساس الرد على السؤال القائل.. ما هي النقابة التي نريدها؟ وللقارئ ـ إذا ما استطعنا الرد على هذا السؤال ـ أن يجد شروط النقيب على ضوء ذلك.في البدء لابد لي من ذكر أمرين هامين فيما يخص العمل النقابي، أولهما ان بعضهم مازال يفهم هذا العمل كما كان عليه الحال أيام الاستعمار أي أن النقابة ما هي إلا منظمة صدام وقتال مع السلطة وثانيهما أن البعض أيضاً يعتقد ان العمل النقابي لابد أن يتبع العمل السياسي أو الحزبي وانه بدون ذلك لا حول له ولا قوة، هذا المفهوم الخاطئ هو الذي يتسبب في عرقلة مسيرة العمل النقابي ولا يمكنه من القيام بمهامه وجني ثماره، فالنقابات ومنها نقابة الصحفيين اليمنيين هي نقابة مهنية مستقلة استقلالاً تاماً، أي ان النقابة تضم أبناء وبنات المهنة وهؤلاء ينتمون إلى أحزاب متعددة في الحكم وخارجه ومنهم المستقلون والانتماء إلى النقابة لا يطلب من هؤلاء التخلي عن أحزابهم أو معتقداتهم السياسية ولكنه يشترط عليهم جميعهم أن يخلعوا ثيابهم الحزبية والسياسية عند باب النقابة قبل الدخول إليها وان يرتدوا ثوب المهنة فقط.النقابات جميعها مهمتها الأولى والأساسية هي الدفاع عن حقوق ومصالح أعضائها وتحسين ظروفهم المهنية والمعيشية ونقابة الصحفيين إضافة إلى مهامها تلك فعليها مهمة الدفاع عن الحريات العامة وفي مقدمتها الحرية الصحفية، حرية التعبير والنشر ولهذا فواجباتها أكبر وأثقل من تلك الملقاة على غيرها من النقابات، ولهذا ينبغي عليها السعي إلى وضع النظم واللوائح والأسس والمواثيق وخطط العمل وبرامج تحركها بما يمكنها من القيام بتلك المهام.والنقابة لا تستطيع تحقيق ذلك إلا من خلال العمل المؤسسي وتعزيز العمل الديمقراطي في أوساط أعضائها بشكل عام وقياداتها بشكل خاص والابتعاد عن الفردية أو الحزبية أو الشللية، والعمل المؤسسي يتطلب إلى جانب ذلك نظاماً إدارياً سليماً وحديثاً يمكن النقابة من ترجمة أهداف خططها إلى حقائق ملموسة.والنقابة إذا ما أرادت تحقيق أهدافها من أقرب السبل أو الطرق وأفضلها فلابد لها من كسر حاجز العزلة المضروب حولها سواء من قبلها أو من غيرها وان تفتح قنوات دائمة للاتصال مع الآخر في الداخل (حكومة وأحزاباً ومنظمات عمل مدني وغيرها) وان تنفذ الجداول الزمنية لخططها وبرامج أنشطتها وعلى قيادة النقابة ان تنتظم في اعمال دوراتها واجتماعاتها الاعتيادية والاستثنائية وإلا فما فائدة وضع الخطط والبرامج إذا كان مجلس النقابة غائباً عن متابعة التنفيذ وتقييمه، وكذلك بالنسبة لعلاقاتها الخارجية فما فائدة ان توقع أكثر من سبعين اتفاقية ثنائية للعمل المشترك بين نقابتنا ومثيلاتها في الخارج وغيرها من المنظمات والاتحادات الصحفية والمعنية بالصحافة والإعلام ولا تنفذ واحدة من تلك الاتفاقيات أو حتى جزء من اتفاقية واحدة.إن قيادة النقابة تلعب ولا شك دوراً أساسياً ورئيسياً في حياة النقابة وتحقيق أهدافها ووجود أشكال مختلفة من القوى السياسية داخل القيادة لا يجب أن يشكل مصدر ضعف لها بل قوة فجميعنا صحفيون وعلى العناصر السياسية والحزبية في القيادة ان تجذب أحزابها إلى جانب أهداف النقابة المهنية لا أن تحاول ان تكون السيطرة لاحزابها داخلها. إن تطبيق المهنية في عملنا النقابي وخاصة داخل القيادة سيمنع قيام أي نزوع سياسي أو حزبي داخلها قد يضعف من قوة أدائها.ونجاح العمل النقابي الصحفي لا يقتصر على القيادة وحدها بل يقوم أيضاً على مشاركة القاعدة العريضة للصحفيين، لا نريد جمعية عمومية تنام في اعقاب المؤتمرات العامة ولا تصحو إلا عند اقتراب عقد هذه المؤتمرات.الصحفيون بالطبع لا يريدون نقابة ضعيفة بل قوية قادرة على تحقيق مطالبهم الأساسية وفي مقدمتها الهيكل الخاص بالصحفيين وتوفير حقوقهم الاجتماعية والصحية والتقاعدية بما يتطابق ومهنتهم وضمان حرية عملهم وتأكيد مسؤوليتهم باعتبار الحرية مسؤولية.وقوة النقابة لا تظهر من خلال الصراخ والأصوات العالية الفارغة من المضمون فالطبل الأجوف هو الأعلى صوتاً ونحن نريد أن تكون حججنا هي الأعلى.لا نريد جعجعة ولكن طحيناً.ترى هل أمكن لنا مما سبق ذكره إيضاح أهم الشروط الواجب توافرها في نقيبنا القادم؟ نسأل الله التوفيق.[email protected]تيليفاكس :241317