دراسة إحصائية حديثة تؤكد أهمية نشر الوعي الإحصائي في المجتمع
بشير الحزمي :دعت دراسة إحصائية حديثة إلى أهمية نشر الوعي الإحصائي في المجتمع والتعريف بأهمية بيانات العمر بالنسبة للدراسات والمؤشرات الديموغرافية والوثائق المطلوب توفرها لدى المواطن كشهادة الميلاد والبطاقة العائلية وغيرها من الوثائق لمساعدة الباحث في الحصول على الأرقام الدقيقة للأعمار.وركزت الدراسة التي أعدها الجهاز المركزي للإحصاء ضرورة الاهتمام بجمع بيانات العمر في جميع الأعمال الميدانية من خلال تدريب الباحثين على الأساليب المختلفة للتقصي وجمع بيانات العمر من الميدان والتي تتضمن الحصول على بيانات تتوفر فيها نسبة كبيرة من الثقة والدقة، وألا يتم قبول أية أعمال يبلغ عنها إلا بعد التأكد من أنها صحيحة.وأشارت إلى أن بيانات التعداد السكاني والمساكن عادة تتعرض لكثير من الأخطاء ترجع في معظمها إلى أخطاء الإدلاء بالأعمار التي تنتج عن أسباب متنوعة منها ما يتعلق بالجهل بالعمر الحقيقي والإدلاء بأي عمر تقريبي عوضاً عن ذلك وهو ما يؤثر بصورة أو بأخرى على الاستخدامات المتعددة لبيانات التعداد.وبينت أن بعض الأخطاء في التعداد تنتج عادة عن تعدد مراحل تنفيذ التعداد وتداخلاتها وكثرة عدد المشاركين بهذه العملية، إضافة إلى قصر فترة تنفيذ تلك المراحل. واعتبرت الدراسة أن وجود أخطاء في البيانات يؤثر على فاعلية استخدامها والاعتماد عليها في استخراج مؤشرات تستخدم في التعرف على الأوضاع الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع بفئاته المختلفة. وحسب الدراسة فإن ذلك يقتضي إجراء معالجات نوعية للبيانات باستخدام الأساليب العلمية الحديثة المتبعة في مثل هذا النوع من الدراسات بغرض رفع مستوى دقتها وزيادة درجة الثقة بها وتسهيلاً لاستخدامها، الأمر الذي يتطلب إجراء تحليلات معينة للكشف عن الأخطاء وتحديد حجمها وأبعادها كخطوة أولى قبل البدء بالمعالجات الضرورية، وفندت الدراسة الأخطاء التي تعاني منها البيانات التي توفرها التعدادات السكانية وصنفتها إلى نوعين رئيسيين، يتمثل الأول في الأخطاء المتعلقة بالشمول والحصر من حيث التكرار أو الحذف، ويكون ذلك على مستوى الفرد عندما يحذف من الأسرة لأي سبب كان كنسيان شخص أو طفل أو تعمد عدم ذكر الإناث أو الأسرة بأكملها نتيجة النسيان أو الإهمال أو عدم المعرفة بوجودها، كما يمكن أن يقع الحذف لمنطقة كاملة أو جزء منها لنفس الأسباب. أما النوع الثاني من الأخطاء فيتعلق بدقة الإدلاء ببيانات الأفراد الذين تم حصرهم في التعداد كالنوع والعمر والحالة الزوجية والعمر والعمل والمهنة والنشاط الاقتصادي وغيرها. ومع أن التعداد وفر خصائص كثيرة عن المجتمع من خلال الاستمارة المصممة لهذا الغرض، إلا أن هذه الدراسة ركزت على الخصائص العمرية والنوعية للسكان بشكل مستقل نظراً لأهمية هذه البيانات لكونها تستخدم في أي تصنيفات للبيانات الأخرى في أي من الحقول الاجتماعية والاقتصادية فضلاً عن كونها القاسم المشترك في الخصائص المستخدمة في مختلف الأبحاث.وفي ما يتعلق بإستراتيجية التحليل التي اتبعتها هذه الدراسة لغرض تقييم دقة بيانات التركيب العمري والنوعي فقد ركزت على استخدام أساليب التحليل المتنوعة بحيث يتم الانتقال من العموميات إلى الأمور الأكثر تفصيلاً، حيث تناول التركيب العمري والنوعي حسب الفئات العمرية والوقوف على التغيرات والتباينات التي طرأت في تعداد 2004م مقارنة بتعداد 1994م لكل من الذكور والإناث بشكل منفصل على مستوى المحافظة والحضر والريف.وتوصلت نتائج التحليل إلى أن الإدلاء بالأعمار في تعداد 2004م كان أفضل مما هو في التعداد السابق في 1994م إلا أن التحسن الذي طرأ لاحقاً لم يكن بالقدر الكافي الذي يمكن معه اعتبار أن البيانات العمرية كانت دقيقة، وفي المقابل كان التحسن المذكور شاملاً لجميع المحافظات بدرجات متباينة. ويعود ذلك التحسن إلى أن مفهوم العمر بالنسبة للسكان ومفهوم الرقم قد أصبح أكثر وضوحاً من السابق مع زيادة انتشار التعليم والوعي في الفترة السابقة.وخلصت الدراسة إلى أن بيانات العمر والنوع عماد أي تحليل ديموغرافي، وعماد أي تحليل لبيانات التعداد.. مشيرة إلى أن العمر والنوع هما خبز الحياة لأي بحث ديموغرافي، نظراً لما يوليه المخططون الاقتصاديون والاجتماعيون والديموغرافيون وغيرهم من اهتمام كبير للتركيب العمري والنوعي للسكان.وطبقاً للدراسة فإنه لأهمية بيانات العمر والنوع وارتباطها الكبير والمباشر مع مختلف الخصائص الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية، يجب أن تستوفى بأكبر قدر ممكن من الدقة، حيث انه غالباً ما تكون الدقة المطلوبة بعيدة المنال، وخصوصاً في الدول النامية، حيث عادة ما يعتري بيانات هذه الدول الكثير من الأخطاء نتيجة للجهل بالمعلومات.ولفتت إلى أن الأخطاء في ذكر بيانات العمر تعد الأكثر وضوحاً بل لأنها مترابطة وتحدد معالم المجتمع الديمغرافية خاصة وأن الخصوبة والوفاة هما المحددان الرئيسيان للنمو السكاني ولكون بيانات الخصوبة والوفيات مثلها مثل بيانات العمر والنوع تتعرض بطريقة أو بأخرى إلى الأخطاء ولاسيما الأخطاء الناجمة عن الإغفال أو الإسناد لبيانات الخصوبة وقصور التسجيل بالنسبة للوفيات.وتكمن أهمية هذه الدراسة في أهمية المعطيات السكانية التي تتناولها بما يسهم في مساعدة الباحثين لإعطاء أرقام إحصائية دقيقة يتم في ضوئها وضع الخطط ورسم السياسات الكفيلة بتحقيق التنمية الشاملة والارتقاء بالمجتمع في شتى مجالات ومناحي الحياة.