مع الاحداث
في مراحل الحرب العالمية الثانية كانت معالم الصراع على أشدها بين بريطانيا والولايات المتحدة على المنطقة العربية واضحة تماماً إذ أن كلاً منهما يستخدم الاتحاد السوفيتي وسيلة لتخويف العرب وضمهم إلى معسكره ولكن ما ان أنهار الاتحاد السوفيتي وانتهت الحرب الباردة بين المعسكرين حتى زال ذلك الخطر الذي كان قائماً بينهما وتحول إلى شراكة ووئام.منطلقتين من إستراتيجية الشراكة والتحالف في تحقيق مصالحهما وخاصة في المنطقة العربية. وذلك من باب الذرائع التي تجيز لهما ذلك على نحو ما تنتهجان حالياً مع الفارق أن بريطانيا كانت اللاعب الأول بحكم عراقتها في الاستعمار وتفننها بأساليبه فيما كانت الولايات المتحدة الداعمة لسياستها أما في الوقت الراهن فقد تغير الحال أصبحت الولايات المتحدة هي اللاعب والحكم والجمهور والعالم بالنسبة لها يعتبر الملعب وغدت بريطانيا العظمى تابعة وداعمة وحليفة في كل ما تتبناه الولايات المتحدة من مواقف سياسية خاطئة وقرارات مرتجلة بحق الشعوب حتى أن أحد الخبراء الدوليين صنف رئيس وزراء بريطانيا السابق (بلير) على أنه وزير لخارجية الولايات المتحدة بعد أن أظهر ولاءه المطلق للسياسة الأمريكية وخاصة تجاه أفغانستان والعراق ولبنان والصومال والسودان وقضية القضايا العربية الشعب الفلسطيني الذي يعتبر ضحية السياسة البريطانية منذ 1948م.إن تحالف الدولتين على هذا النحو يأتي في إطار نفس السياسة التي تهدفان إليها وخاصة تشكيل النظام الاستعماري الجديد الذي يضمن لهما استعادة الهيمنة الجديدة على المنطقة العربية ونهب ثرواتها وتطويع شعوبها لصالح السياسة الإسرائيلية التوسعية بدءاً بالثور الأحمر ومروراً بالأبيض وإنتهاءاً بالأسود .ولأن أساليب الاستعمار القديمة لم تعد تنطلي وتتلاءم مع معطيات العصر الراهن كان على هاتين الدولتين وحلفائهما استحداث أساليب جديدة تسمح لهما بالعودة لسياستهما الاستعمارية من النافذة بعد أن خرجتا من الباب وذلك من خلال مبررات الحرب على الإرهاب والتطرف الديني والمحافظة على الأمن والاستقرار العالمي والدفاع عن النفس وقد أتى ذلك إنعكاساً للواقع المقلوب لقانون السياسة العالمية وانتفاءاً لأخلاقياتها.