سلوى صنعانييحتار المرء احياناً في تصنيف أطراف الجريمة من الضحية ومن هو الجلاد ومن الظالم ومن المظلوم ؟ونحن نستعرض ضحايا العيون الكحلاء والجفون الغازيات والناعسات والمقل التي ترمي بسهامها حيناً وتنفث سحرها حيناً آخر منها القاتلة و بوسائلها العديدة ومهاراتها وقدراتها في التصويب ليقع في شراكها ومنهم من وقع فعلاً وللعيون لغة خاصة لايجيدها إلا من هو فعلاً ضليع بمفردات هذه اللغة . جملة من الشعراء قد أتوا على الشكوى وما فعلته وماتركته من اثر على حياتهم وقلوبهم فهذا الشاعر جرير بن عطية الخطفي (لم يقتل ) .أن العيون التي في طرفها حور ×××× قتلننا ثم لم يحيين قتلانا وهذا الأمير السعودي ذو الجاه والامارة عبدالله الفيصل من أجل عينيك عشقت الهوى ×××× بعد زمانٍ كنت فيه الخليواصبحت عيني بعد الكرى ×××× تقول للتسهيد لاترحلوهناك أمير آخر وقع في شباك وشراك العيون التي شبهها بالمها وهو نوع من أنواع البقر الوحشي يتميز بجمال عينيه وهو القمندان.صادت عيون المها قلبي بسهم المحبةوبات ساهر أسير محبته ايش ذنبهقهري على ذي انتهب عقله وذي طار لبهغاني نهبني وأنا قدني فلان الفلانيوالعيون بسهامها المصوبة لاتميز بين صغير أو كبير مهما عظم شأنه كأحمد فضل القمندان الذي نكس العمامة العبدلية للعيون التي صادته وهو فلان الفلاني والصيد هنا هو الفعل أما الاداة فهي السهام وللاصطياد تزكية في حمينية لابن شرف الدينصادت فؤادي بالعيون الملاحوبالخدود الزاهرات الصباحنعسانة الأجفان هيفا رداحفي ثغرها السلسال بين الاقاحالشاعران وقعا في شراك الصياد من خلال سهام العين أما السهم المصوب الذي وقع ضحيته عبدالرحمن بن يحيى الآنسي فهو ليس من العين ونتجلى هنا تلك الوسيلة ومصدرها بقوله :فاتر الجفن الأهدب أحور العين ×××× يرمي السهم من قوس حاجب اينما صاب صاب سمهري المكعب المعذب بنواش السلوس ×××× والذوائب والقريط المذبذبدولة الحسن اغلب ثم حبه من الفطره ×××× فــذا أمـر غـالبيلطف الله بمن حبمن العين الفاترة أو النعساء ومن الحور في العين والحاجب المقوس أي الحاجبان المتلقيان ارسل بسهامه وبجدارة يصيب ضالته .والسهام التي اصابت حداد بن حسن الكاف فقد أتته عبر الشباك لتنفذ إلى قلبه ونوعها من المسموم الذي لايقتل بل يجعل ضحيته عليلة :أول خبر قلبي ضرب بسهام ×××× خلي من الشباك رماني سهامهصابت فؤادي بعدما لخلخت العظام ×××× بظني لان السهم لي يرميه مسمومومن السهام المسمومة ما تصرع ضحيتها وتقتله ومنها ماهو أخطر تبقيه عليلاً مريضاً ومنها ذات الفعل المباشر واخرى تأتي عبر فهنا القوة اذ نفذت سهام المحبة عبر الشباك وحضرموت معروفة بحجاب المرأة وتواريها في المنزل ولكنها تطل على الناس ولايرونها من خلال البناء العمراني المميز بالشبابيك ويطلق عليها عند المصريين (المشربيات) وحتى لانتوه نعود إلى ضحية اخرى ابدعت في تصويرها وهو الأستاذ محمد سعيد جرادةيالجفن ناعس ينفث سحرا ×××× في حنايا القلب يبقى الف ذكرىوهنا تزكية لذلك النوع من السحر الشبيه بالسم من خلال النفث ، وهو لايقتل بل يبقي ضحيته على قيد الحياة عالقة في حبال الذكرى .ونأتي على قصيدة الشاعر مطهر الارياني (خطر غصن القنا)يقول فيها :خطر غصن القنا وارد على الماء ×××× نــزل وادي بنـــا ومر جنبيوباجفانه رنا نحوي وصوب سهامه واعتنى وصاب قلبيهنا الصورة اوضح والسهم مباشر وله عنوان وهو قلب الشاعر الذي لم يخطىء سهم الحبيب هدفه بل صوبه بعناية كما يصوب الجنود الدائرة المحيطة بقلب المحكوم بالاعدام أي نال مراده دون شبابيك أو لثام .. وهنا تصوير جميل للبيئة اليمنية حيث تنزل النساء لجلب الماء من أوديته المشهورة بنا وتبن .وأعود إلى الجرادة مرة اخرى في قصيدته (ربيع الامل) فإذا كان جلاد مطهر الارياني قصد قتله وبالسهم المباشر فهنا يختلف تصوير الاستاذ محمد سعيد جرادة يقول :كل ما فيك جميل ساحر ×××× والذي تجهل منه الأجملمقلة نعساء فيها كمنت ×××× فتنة تسبي وتسحر تقتلأي الكمين والذي تحتويه المقلة النعساء وهذا ما يجهله صاحب هذه الملكة هي لاتسحر فقط بل وتسبي وتقتل بدون ان يدري الجلاد مدى فعله بالشاعر.واذا كانت العيون الكحلاء والجفون الفاترات والنعساء والألحاظ البواتر قد برزت في شعرنا العربي واليمني منه بصفة القاتل والساحر والصياد الذي ينصب الشراك وأوضح ايضاً الوسائل ومنها القتل والسحر والسبي .. الخ من تلك الوسائل. فهل تظل هذه الميزات الجميلة في نظر هؤلاء الشعراء مدانة .نأتي إلى الأستاذ الشاعر الكبير والجميل صالح فقيه فكيف يصورها :له عيون المها ×××× حارس لورد الخديدراوي من الظل ×××× ذي مسبل عليها دفوفهريم في الحيد والقانص ×××× يروده رويدشغوف ما بايذوق ×××× النوم لو شاف هوفهنا العيون المشبهة بعيون المها وقد اوردنا تفسيرها ومعناها عيون نوع من البقر الوحشي يمتاز بجمالها هنا العيون تقوم بدور الحنو والحرص من خلال حراستها لكنز ثمين من ورد الخدود .فهل نجا صالح فقيه من هذه العيون لنستقرىء هذه الابيات لقصيدة له بعنوان (سقى الله روضة الخلان ) .وارسل سهم من عيناه ×××× نفذ من غير ما شفناهولاحتى اثر له بان ×××× سقى الله روضة الخلانقتلني والقضاء براه ×××× لان الفعل ذا اجراهبلا قارح ولادخان ×××× سقى الله روضة الخلاناذن ومن خلال هذه الابيات الجميلة نشهد مصرع الاستاذ صالح فقيه بذات السهم القاتل الخفي والذي لم يترك أي اثر او دليل على جريمة القتل لذلك برأه القضاء لان القضاء في أي جريمة قتل لايحكم ألا بالدليل القاطع والواضح ولكنه هنا في جريمة اغتيال الفقيه لا أثر له .وان كنا قد بدأنا هذه الابيات الشعرية لشعراء صرعتهم العيون فإنني اختتم استعراضنا هذا باجمل ما قيل في الشعر العربي لابرز ابطال الساحات القتالية الذي ذاع صيته في الشجاعة والاقدام وفي الشعر الذي صرعته هو الاخر العيون فماذا قال عنترة بن شداد عنها لنستقرىء :جفون العذارى من خلال البراقع ×××× احد من البيض الرقاق القواطعاذا جردت ذل الضعيف واصبحت ×××× عيناه قرحى بفيض المدامعوفي قصيدة اخرى له يخاطب عبلته :عيناي اخبرتاك عن قلب امرئ ×××× فعلت به عيناه مالم تعلميبعد كــل هذه الشواهد على فعل العيــون ماذا نقول حفظها الله أم قاتلها الــله !!
|
ثقافة
إن ا لعيون التي في طرفها حور
أخبار متعلقة