(قطرات روح)
كتب/ عارف الشيباني تضم المجموعة عشرين نصاً مبتدئاً بـ (مبدأ) ومنتهياً بنص سلالم، المجموعة القصصية مجموعة تنتقل من تجربة إلى مجموعة تجارب وهي تقترب كثيراً من الشعر ولا ضير في ذلك فالقصة الآن هي المجموع العام لمعطيات الشعر وإن كان ما في هذه المجموعة من جمل شعرية وغنائية سردية بما في ذلك من تعاط تعبيري يتناول الذاتية والمباشرة أيضاً وفيها شكل بنيوي يحتكم للقصة القصيرة كالتركيز ووحدة الزمن والمكان ووحدة الشخصية ووحدة الانطباع، وكذلك النهاية المفتوحة تعالج قيماً اجتماعية وإنسانية منطلقة من الخصوصية الجزئية وهذا ما هو مهم في توجهات النص الاجتماعي للوصول إلى غاية معالجة الصورة الكلية المجموع العام أو الذات الجمعي.كما لا حظنا في نص (مبدأ) الذي من ضمن جوهريته دعوة للإقلاع عن القات وصولاً عند حد المستوى الأدنى للمعالجة العامة للكيان الاجتماعي أيضاً في نص (خمس دقائق) هذا النص ارتقى عن نص (مبدأ) من حيث التجربة والتركيز على المتن الحكائي وأيضاً يعالج مستويين اجتماعيين لهما خصوصية الحب والتداول التحاوري ما بين الحبيب والحبيبة وإغفال الآخر بسبب عقدة ما أو عادات ما داخل المجتمع الكبير.في نص “البرق” وهو النص الثالث والبرق عنوان لافت وفيه حركة لكن في جملة نام النهار خلف الغيوم والأفق البعيد كلمة نام النهار فعل سلبي لأنه ينم عن حركة معطلة للنهار والليل دليل إعلان قدوم الليل والتصوير هنا يدل على سلبية الموقف للنهار والليل رقصت قطرات المطر على النوافذ والأبواب وقارعات الطرق فعل إيجابي لكن الوسط الذي نريد أن نتكلم عنه المفروض أن يكون ناتج ضرب الجذرين الذي هو السلبي والإيجابي في اثنين الذي هو الجذر الأول والجذر الثاني المؤسسين لتحصيل الوسط هو غائب.فالمعادلة الحكائية ليست من قوام معادلة المربع الكامل لأنه لم ينتج الوسط الذي نريد أن نتعرف عليه من خلال كائنين سلبي وإيجابي وأقصد بعد توفر الوسط هو عدم توفر المتن الحكائي السردي ولعدم حصولنا على الوسط من خلال ضرب جذري الحكاية في اثنين نتج حصول المبنى الحكائي فقط من حيث الصياغة والتركيب غير أن المبنى الحكائي أوصلنا إلى أن نستفيد من حكايات وأساطير الماضي التي هي الأساس في تحريك مخيلة النشء أو تعطيلها من واقع اختيار الحدوتة وذلك عندما دهشنا كيف أن البرق يخطف أرواح الناس وهي تغني وترقص وهنا المعنى غير مستقيم لأن البرق ولمعان البرق وضوءه وهدير الرعد أفعال إيجابية يفترض أن نتفاعل مع الرقص والغناء لأنهما يشكلان موقعاً نفسياً لتنامي الفرح.في نص “التسوق” تناقش وضعاً سلوكياً للشارع وأيضا تدعو من تريد أن تتسوق إلى عدم المبالغة في استعمال العطر والمكياج وهذا المعنى القريب للقصة أما المعنى البعيد للقصة نلمسه من خلال كائنات معطلة الحس والكيان أنهم مركونون فقط في الزوايا والأزقة والأرصفة هنا دليل 1 - البطالة المطلقة عند الشباب 2 - النص يتجه إلى النص الناقد وهو إعادة بث الحياة للشارع والشارع كان محل التشريع محل الفتوى كان الشارع أيضاً للنقد والتغيير فهذا النص قصة قصيرة لتوفر سمات القصة القصيرة فيه واتجاهها المنشود. في نص (دفء) لشاعريته نستطيع أن نطلق عليه (أقصودة) وذلك لتماهي القص داخل الشاعر ولتماهي الشاعر داخل القص فهو قصة مكتملة لروعة الغنائية السردية فيه ونستطيع أن نسميه قصيدة نثرية وتفعيلة لتواجد اللحظة الشعرية والصورة الشعرية أيضاً بمعنى آخر نقدر أن نقول إن نجاح الشامي شاعرة وقاصة صاعدة وذلك لما تستطيع أن تطرحه من قضايا مهمة بلغة شعرية سهلة التناول والاستعمال.في نص “خصوصيات” استخدمت الأسلوب الرسائلي وهو نوع من القص النادر والذي لم يتطرق له إلا محمد عبدالحليم وهذا النوع من القص يتناسب مع قصص المقاومة وتجربة جيدة وفي نص “الوحش” نص يقع في الواقع ولكن الجديد في هذا النص أنها لم تنقل الواقع كما هو ولكن جسدته بتشابه طرح الفكرة والمغايرة في مناقشة الموضوع.في قصيدة مرآة ووحش تنقلنا الكاتبة إلى خيالات خصبة وترسم لنا مشاهد يسهل التعرف عليها وبهذه الرؤية نستطيع أن نوجه الكاتبة نجاح إلى الكتابة في أدب الطفل القصصي المقروء والمسموع لأننا لم نجد في أدبنا ومكاتبنا اليمنية أدباً قصصياً مقروءا إذا ما استثنينا قصص بابا عبدالرحمن المسموعة لأننا لمسنا أن الكاتبة تقترب من هذا الجو الحكائي المناسب للأطفال في الجو العام للمجموعة القصصية والمثير أكثر أن المجموعة القصصية وعددها عشرون قصة لم نجد فيها عنواناً مركباً إلا ثلاث قصص 1 - قطعة الأسفنج 2 - قطرات من روحي 3 - مدينتي وسبع عشرة قصة بعناوين لافتة لها دلالات نفسية وهذا النوع من العناوين المفردة يتناسب مع خيال الطفل واستيعابه الساذج “النقي” حيث أن كل عنوان يشكل جملة مفيدة داخل المفهوم الضمني للفعل القصصي.استخدمت الشاعرة أسلوب السرد الروائي المتحدث عن أنا الغائب المتحدث عنه والمسرد عنه بلسان حاله هو القاص ولم تتحدث بأنا المتكلم إلا بنص (وحدي) وهذا خلق من التجانس السردي لمجموعة أبطال يتكلم عنهم ويحادثهم وينقل لنا معاناتهم فرادى وتثنية وجمعاً وذلك للتحقق بأن الأنا الأعلى منطو بين يديه كل كائناته ليتحكم بها كيفما يتخيله أن يكون كما لمس ذلك في أنا المخاطب في نص “مدينتي” وهذا النص أقصودة مكتملة الأركان لكينونة الأقصودة.نص “قطرات من روحي” نص مشبع بالعاطفة وهو نص متقدم كثيرا نحو النضوج والاكتمال في صياغته وتركيباته ونموه السافر بتقنية المتن والمبنى الناضجين في مكونات القصة بمعنى أن (نجاحاً) كلما تدرجنا في قراءة نصوصها من البداية إلى النهاية وجدناها في كل تدرج تتقدم أكثر في تصميم القصة القصيرة والشعرية.في (دوائر وسلالم)خاطرتان من أهم الخواطر التي لم أقرأها إلا في كاتبة الخاطرة والقصة اللبنانية التي من كتابتها للخاطرة أصبحت كاتبة قصة مهمة وهي “أمون أفون” وكاتبة خاطرة أخرى تعرفت عليها في جامعة تعز وبسبب خجلها لم تظهر ما تكتب إلا أني استطعت أن أكشف غورها وهي تكتب الخاطرة بشكل رائع وتلك هي أماني الزوقري التي تسير نحو الضوء وتعمل لنشر ما تكتب الآن فالخاطرة من أهم مكونات القصة القصيرة وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من القصة القصيرة ذات البعد الرومانسي والخيال الواسع.تحياتي للقاصة نجاح الشامي التي أنتظر أن تكون مشروعاً مفاجئاً لاعتلاء أعلى شجرة القصة القصيرة والخاطرة أيضاً.