لا ادري من اين او كيف ابدأ فصدمات الحزن المتعاقبة جراء رحيل من نحب قد اعطبت جهاز رد الفعل لنعيش حالة من اللاتعبير لذا اتوجه بالاعتذار لكل محبي العزيز الراحل عصام وفي مقدمتهم اولاده النبلاء واخوته الكرام لعدم مشاركتي في مراسيم واجب العزاء لانني لم استفق بعد من هول الصدمة او ان اصدق انني لن اراه مجدداً وهو الانسان الذي ملأ المكان والزمان بحضوره البهي وابتسامته المشرقة خصوصاً وان الموت غيبه علينا بعد ايام معدودة من آخر لقاء جمعنا به بحضور الصديق فضل النقيب والاعزاء حسن عبيد ود . محمد عبيد في المطعم الصيني بعدن اذ كان يبدو بصحة جيدة بل حين سلمت عليه مهنئا بقدوم العيد وسؤاله عن صحته قال : كيف ابدو " ياعم " علي ؟ اجبت ما شاء الله امسك خشب فدنوت وهمست في اذنه ببعض العبارات المتضمنه بعض الامنيات الخاصة مع زاجر شؤم ضحك له كثيراً وظل يردده مرات للتأكيد على انه يتمتع بصحة جيدة . يبدو او ان عصاميته وحبه للحياة التي ميزت طبعه جعلته يتظاهر بالصحة رغم انه كان يعاني كثيراً ، هكذا كان عصاما منذ عرفني عليه الراحل الكبير العم يحيى عبدالقوي المفلحي في نهاية عام 1988م رجلا يتمتع بحضور طاغٍ مهذب وبوجه بشوش يعنونه الفرح الذي لا ينضب وتزينه تلك الابتسامة الساحرة التي تتحول في لحظات الى عطايا وهدايا يوزعها بلا من على كل من يقابله ، نعم انه من ذلك الصنف الذي ميزهم الله ليكونوا ضؤ المكان ونوراته المشعة اولئك الذين يمنحون الحياة بهجتها ونظارتها وحين يختفون ينطفئ المكان بغيابهم لهذا صدق من قال كيف سيكون طعم عدن بلا عصام ؟ وهو في ذلك مثل صديقه وشبيهه في حب الحياة والمعاناة المريضة نواره ابو ظبي الفقيد الشيخ عبدالقادر العفيفي الذي رحل قبل عصام بأيام قلائل ومثله مثل والد صديقه الحميم ناصر عبيد ناصر نوارة يافع القعيطي بسجاياه ونبل اخلاقه الذي رحل وهو يبتسم كفيلسوف حكيم وهكذا يرحل الاعزاء واحداً تلو الاخر تاركين صورهم الجميلة في ذاكرتنا كجزء من حضورهم الذي لا يموت فينا حزنا دفينا في نفوسنا مبعثه اننا لن نلقاهم مجددا . وحين اعود الى بعض الصور القديمة وهي كثيرة اختار منها صورة لواحدة من اللقاءات التي جمعتنا في منزله المضياف للغداء والمقيل في عام 1996م وضم عدداً من الاصدقاء اذكر منهم الاستاذ محمد عبدالله مخشف واخوه معاوية والعزيز ناصر عبيد ناصر وعدد من زملائه في ( الصم بم ) دار حديث وحوار تميز في الاختلاف والاتفاق والتنوع ولا انسى انني قلت له معاتبا : ياعزيزي عصام اسمح لي ان اقول ان كتاباتك والماء مفيد ابتسم ابتسامته الشهيرة وردد : نعم ( يا عم ) علي الناس يحتاجون الماء تعددت لقاءاتنا واستمرت طيلة السنوات المنصرمة وبنهاية كل لقاء كنت اخرج ومساحة التقدير والاحترام لهذه الشخصية المميزة تكبر في نفسي وتتسع ليبقى الرجل الذي مهما اختلفت معه لا يمكن الا ان تتفق معه بل وتحترمه . نعم ياعصام كنت كالماء مفيداً .
|
ثقافة
كالماء .. مفيد
أخبار متعلقة