الدكتور / عبد الله محرم أستاذ مساعد طب المجتمع بكلية الطب بجامعة صنعاء يتحدث لـ ( 14 اكتوبر ):
لقاء / بشير الحزمي :يواجه اليمن تحديات سكانية كبيرة أهمها الارتفاع السنوي لمعدل النمو السكاني الذي وصل حسب نتائج تعداد 2004 إلى ( %3.0) وهو بحد ذاته يعتبر من أعلى معدلات النمو على مستوى العالم والذي يعود سببه إلى ارتفاع معدل الخصوبة الكلي الذي وصل إلى (6.1) والذي هو الآخر يرجع سبب ارتفاعه إلى الانخفاض الشديد في معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة.ولأن النمو السكاني العالي في اليمن يعتبر احد التحديات التي تواجه جهود التنمية ونتيجة للعلاقة الوثيقة التي تربط بين النمو السكاني العالي مع الارتفاع في معدلات الخصوبة وانخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة واللذان يعتبران من أهم عناصر ومكونات الصحة الإنجابية صحيفة 14 أكتوبر ولمناقشة هذه القضية من وجهة نظر علمية وواقعية ولتسليط مزيداً من الضوء على بعض جوانبها ومكوناتها المختلفة تلتقي بالأخ الدكتور/ عبد الله محرم أستاذ مساعد طب المجتمع كلية الطب بجامعة صنعاء الذي حاول من جانبه أن يقدم لنا رؤية تقييمية علمية واقعية عن واقع خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة في اليمن ومتطلبات تحسينها والنهوض بها، وذلك من خلال إجاباته على الأسئلة والاستفسارات التي طرحنا ها عليه في هذا اللقاء والتي نوردها لكم على النحو التالي:أعتقد أن هناك من لا يزال يجهل بعض معاني ومفردات الصحة الإنجابية فهل لكم في بداية هذا اللقاء أن تعطونا والقارئ الكريم توضيحاً كاملاً وشاملاً لهذا الأمر حتى لا يظل هناك التباس عالقاً في أذهان العديد من أفراد المجتمع؟في الواقع تعرف الصحة الإنجابية بأنها حالة السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية الكاملة وليس مجرد انعدام المرض أو العجز في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته وكذلك تقضى الصحة الإنجابية قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضيه ومامونه، وقدرتهم على الإنجاب وحريتهم في تقرير الإنجاب وموعدة وتدا ثرها ويشمل هذا الشرط الأخير ضمناً على حق الرجل والمرأة في معرفة واستخدام أساليب تنظيم الأسرة المأمونة والفعالة والميسوره والمقبولة في نظرهما وأساليب تنظيم الأسرة على خدمات الرعاية الصحية المناسبة التي تمكن المرأة من أن تختار بأمان فترة الحمل والولادة وتهيئ للزوجين أفضل الفرص لإنجاب وليد متمتع بالصحة.[c1]النمو السكاني وعلاقته بمعدل الخصوبة[/c]- الحديث عن النمو السكاني وتداعياته دائماَ ما يرتبط بالحديث عن الصحة الإنجابية ومعدلات الخصوبة.. هل لكم أن توضحوا طبيعة هذه العلاقة ومدى تأثير كلاً منهما بالآخر؟ يعتبر النمو العالي للسكان إحداهم التحديات التي تواجه جهود التنمية في اليمن وقد أظهرت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن 2004م انخفاضا طفيفا في معدل النمو السكاني من 3.5 % عام 2000م إلى (3.02 %) عام 2004م وهذا المعدل يعد من أعلى معدلات النمو في العالم ويرجع هذا إلى ارتفاع معدل الخصوبة والتي تصل حالياً إلى (6.2) وهنا يمكن القول إن استمرار ارتفاع معدل الخصوبة مع نقص الموارد يؤدي إلى نتائج اقتصادية واجتماعية خطيرة ويؤثر سلباً على صحة الأسرة وخاصة الأمهات والأطفال إذ إن تكرر الحمل والولادة يؤدي إلى ارتفاع معدلات وفيات الأمهات وهذا ما أظهرته نتائج المسح اليمني لصحة الأسرة 2003م حيث وصل معدل وفيات الأمهات إلى 365 لكل 100.000 مولود حي أي ما يقارب 3000 وفاة سنوياً (ما يتعدى 8 وفيات يومياً ) وهي من أعلى النسب على مستوى العالم كما تؤدي إلى ارتفاع وفيات الأطفال (نسبة وفيات الأطفال الرضع حوالي 75 لكل 1000 مولود حي ) وكنتيجة لارتفاع معدل الخصوبة فان نسبة الشباب من 10-24 عام يمثلون نسبة كبيرة في المجتمع 35% أي 7.6 مليون نسمة ومن المتوقع تزايد إعداد هذه الفئة لتصل إلى 12.2 مليون شاباً وشابة بما لهم من احتياجات صحية وخدمية ..... الخ[c1]اهتمام كبير بالقضية السكانية[/c]كيف تقيمون جهود واهتمامات الحكومة بالقضية السكانية عموماً، والصحة الإنجابية خصوصاً؟في حقيقة الأمر يمكن القول إن الحكومة اليمنية قد أظهرت اهتماماً كبيرا بالقضية السكانية وذلك منذ بداية التسعينات حيث أصدرت الإستراتيجية الوطنية للسكان 1990م وامتداد لبداية اهتمام الدولة بالقضية السكانية فقد برزت العديد من البرامج والخدمات القطاعية استمرت الحكومة سابقا ومن خلال الخطة الخمسية الحالية للتنمية الصحية في عملية بناء مرافق صحية كما أن الاسترايتجية الوطنية للصحة الإنجابية حددت رؤية الحكومة اليمنية للفترة القادمة خلال الخمسة عشر عاماً القادم بأن تقدم لمواطنيها الخدمات المناسبة والضرورية لتحقيق مستوى عال من الصحة الإنجابية، كما أصدرت الحكومة قرارات وزارية من قبل وزارة الصحة بمجانية خدمات الطوارئ التوليدية وخدمات تنظيم الأسرة، ونتيجة لتلك الاهتمامات من قبل الدولة والجمعيات غير الحكومية تحسنت الكثير من مؤشرات الصحة الإنجابية ولكن هذا التحسين لم يكن كافيا ولا يعكس التفاوت الكبير بين الريف والحضر في مؤشرات الصحة الإنجابية.[c1]متطلبات المرحلة القادمة[/c] إستنادا إلى ما أشرتم إليه في حديثكم ومن خلال المؤشرات الصحية التي أظهرتها بعض المسوحات والدراسات الميدانية التي أجريت في بعض المحافظات.. برأيكم ما هي أهم متطلبات المرحلة القادمة، وأين يقع دور شركاء العمل السكاني من المنظمات غير الحكومية في هذا الجانب؟بطبيعة الحال من الضروري في المرحلة القادمة التركيز على البرامج التي تؤثر مباشرة على خفض معدلات الخصوبة وذلك من خلال توفير خدمات الصحة الإنجابية عالية الجودة في جميع أنحاء البلاد مع رفع الوعي المجتمعي من أجل زيادة الطلب على هذه الخدمات فقد أظهرت الدراسات والبحوث التي أجريت في العديد من البلدان أنه يمكن خفض معدلات الخصوبة بصورة مباشرة عن طريق تقديم خدمات الصحة الإنجابية عالية الجودة وكذلك عن طريق زيادة الطلب على هذه الخدمات من خلال حملات التوعية لفئات المجتمع المختلفة، كذلك من الضروري أن يصاحب تلك الجهود السياسات والبرامج التي تهيئ المناخ الاجتماعي لخفض معدلات الخصوبة وذلك عن طريق خفض معدلات وفيات الأطفال وتحسين الوضع الاقتصادي والتعليمي للمرأة...الخ حيث مازالت خدمات الصحة الإنجابية تقدم أساسا في المرافق الصحية الحكومية من خلال نظام الرعاية الصحية الأولية ولا يزال دور الجمعيات الأهلية في تقديم خدمات الصحة الإنجابية محدوداً وإن كان نشاطها في مجال تنظيم الأسرة اكبر منه في الطوارئ التوليدية ومن أبرز تلك الجمعيات الأهلية هي جمعية رعاية الأسرة اليمنية وجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية ولا توجد معلومات كافية عن مستوى ونوع الخدمات المقدمة من قبل القطاع الصحي الخاص ولكن الملاحظ هو تركز هذا القطاع في المدن وعلى الخدمات الصحية الأكثر تعقيداً وذات العائد المادي الأعلى مثل العمليات الجراحية، حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة التغطية بالخدمات الصحية في اليمن تصل إلى(60%) لكن نسبة التغطية في الحضر تفوق الريف بالرغم من أن (71%) من سكان اليمن يعيشون في الريف، ومن المعروف أن الحصول على خدمات رعاية الحمل يقي من وفيات ومراضات الأمهات حيث يزداد خطر تعرض الأمهات الحوامل للوفاة بما يزيد على 15 مرة بالنسبة لمن لم يحصلن على رعاية إثناء الحمل مقارنة بمن توافرت لهن هذه الرعاية وللأسف فأن أكثر من نصف السيدات في اليمن وخاصة في الريف لا يحصلن على خدمة رعاية الحمل (30.8) في الحضر و (66.7%) في الريف ومعظم حالات وفيات الأمهات في اليمن تكون السيدات من الريف (80 %) (89%) غير المتعلمات (70 %) لم يحصلن على رعاية أثناء الحمل (84 % كانت ولادتهن بالمنزل في معظم الأحيان كما أن معظم الولادات في اليمن تتم في المنزل دون إشراف من متخصصين صحيين مؤهلين (82%) في الريف مقارنة ب (59.5%) في الحضر كما أن أسباب وفيات الأمهات في اليمن يعود إلى النزيف بنسبة (45 %) حمى النفاس (40 %) تعسر الولادة (32.5%) ومن ذلك يتضح لنا أهمية توفر خدمات رعاية الحمل للتعرف على حالات الحمل الخطرة وإحالتها للمختصين وكذلك أهمية الإشراف على الولادة من قبل أطباء وقابلات مدربات ومؤهلات مع توفر خدمات الطوارئ التقليدية للتعامل مع الحالات الحرجة.وقد أظهرت الدراسات التي أجريت من أجل تقييم الخدمات التوليدية في اليمن ما يلي:- توفر محدود لخدمات الطوارئ التوليديةتدني شديد في استخدام خدمات صحة الأم والوليد معظم مستشفيات المديريات التي تم تقييمها ليس لديها سيارة إسعاف أو وسيلة اتصال لإحالة النساء اللاتي لديهن مضاعفات تتعلق بالتوليدوطبعا من المعروف أن استخدام الأسر والنساء لخدمات الصحة الإنجابية يتأثر بدرجة توافر هذه الخدمة أنه يتأثر بالعوامل الاجتماعية مثل تدني مستوى التعليم وتدني الوعي الصحي لدى الأسر والإفراد كما أنه يتأثر بالعوامل الاقتصادية وبتكاليف العلاج التي يقع معظمها على الفرد اليمني وبالإضافة إلى مصاريف الرعاية في المرفق الصحي تشمل هذه التكاليف أعباء المواصلات والفحوصات المخبرية والأدوية وغير ذلك [c1]متطلبات الارتقاء بصحة الأمهات[/c]بما أن الأم هي المرتكز الأساسي لقضية الصحة الإنجابية. والارتقاء بصحتها يمثل مقياسا حقيقاً لتحسن وتطور خدمات الصحة الإنجابية في المجتمع.. ترى ما هي متطلبات الارتقاء بصحة الأمهات في اليمن؟ الارتقاء بصحة الأمهات في اليمن يتطلب المزيد من الجهود لتوفير خدمات رعاية الحمل والتوليد وما بعد الولادة في جميع إنحاء البلاد مع رفع الوعي بأهمية استخدام هذه الخدمات من أجل رعاية أفضل للأمهات والمواليد، ورفع الدعم السياسي لضمان تقديم خدمات مجانية وخاصة للفئات ذات المستوى الاقتصادي الأدنى. [c1]خدمات تنظيم الأسرة وبعض فوائدها[/c]ما أهمية استخدام وسائل تنظيم الأسرة وأهم فوائدها وواقع؟ استخدامها في اليمن؟في الحقيقة أن ارتفاع معدلات الخصوبة في اليمن يرجع في الأساس إلى الانخفاض الشديد في معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة، وطبعاً استخدام وسائل تنظيم الأسرة يؤدي إلى خفض معدل وفيات الأمهات حيث يساعد في الوقاية من الحمل الغير مرغوب ومن ثم تجنب مخاطر الإجهاض، كما يجنب السيدات مضاعفات الحمل الخطر (أي قبل سن العشرين وبعد سن 35 سنة) حيث أظهرت الدراسات إن المباعدة بين الولادات لمدة سنتين على الأقل من شأنها تخفيض معدلات وفيات الأمهات في الدول النامية بحوالي 32%، كما أن لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة دور كبير في تحقيق المباعدة بين الولادات التي من شأنها أن تخفض وفيات الأطفال بنسبه لا تقل عن 10%، حيث أن أكثر من ثلث الولادات في اليمن (37%) تتم بعد فترة تباعد أقل من سنتين بين كل مولود وآخر مما يشكل خطورة على صحة الأمهات والأطفال وبالنسبة لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن فقد أظهرت نتائج المسح اليمني لصحة الأسر 2003م أن نسبة السيدات المتزوجات في سن الإنجاب اللاتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة بما في ذلك الوسائل التقليدية (23%) أما من يستخدمن الوسائل الحديثة كالحبوب واللوالب والحقن فإن نسبتهن تصل إلى (13%) فقط من مجموع السيدات المتزوجات في سن الإنجاب.[c1]أسباب انخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة[/c]برأيكم ما هي الأسباب الحقيقية لانخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن، وما هي المعالجات والحلول المناسبة لتجاوز هذه المسألة.. وأين يقع دور الحكومة في هذا الأمر؟في الحقيقة هناك عدة أسباب لانخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن يتمثل أهمها في الأتي:-- رغبة الأسرة اليمنية وخاصة في الريف في إنجاب عدد كبير من الأطفال.- الأزواج يفضلون إنجاب عدد أكبر من الأبناء خاصة الذكور.- أغلب السيدات يفضلن إنجاب الذكور على الإناث.بعض الموروثات الاجتماعية التي تعتبر التخلي عن الإنجاب إثما يترتب عليه العقاب، وذلك بسبب التأثر بالرأي الخاطئ بان تنظيم الأسرة يتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.الخوف من الآثار الجانبية لوسائل تنظيم الأسرة، وجود طلب غير ملبي من وسائل تنظيم الأسرة حيث اظهر المسح اليمني لصحة الأسرة 2003م فان حوالي 50% من السيدات اللاتي لا يرغبن في إنجاب طفل آخر لا يستخدمن وسيلة لتنظيم الأسرة . كما أن 40 % من النساء في السنة الأولى بعد الولادة يرغبن في استخدام وسيلة لتنظيم الأسرة ولكنهن لم يقمن بذلك .في أحيان كثيرة يكون السبب هو خوف الزوجين من تأثير وسائل تنظيم الأسرة على الخصوبة فتلجأ الأم الحامل إلى الإجهاض القصري للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه مما يعرضها للكثير من المخاطر منها الوفاة..وبهذا الصدد أظهرت الدراسة التي أجريت والخاصة بخدمات الطوارئ التوليدية إلى أن الغالبية العظمى من المشاكل الصحية المرتبطة بالحمل والولادة التي تعالج في المستشفيات الحكومية ناجمة عن الإجهاض وللأسف لا تحصل مريضات ما بعد الإجهاض على خدمات تنظيم الأسرة أثناء وجودهن بالمستشفى مما يعرضهن لحدوث حمل أخر غير مرغوب فيه، وربما عملية إجهاض أخرى.أسباب تتعلق بتوفير فرصة تنظيم الأسرة وجودتها ، ففي كثير من المرافق الصحية يوجد ضعف في مستوى خدمات تنظيم الأسرة وذلك بسبب نقص الأطباء والكوادر المدربة خاصة الإناث، ضعف المشورة من قبل مقدمي الخدمة ، نقص بعض وسائل تنظيم الأسرة وكذلك وجود نقص بالمواد الإعلامية التي تساعد السيدات على معرفة مزايا وسائل تنظيم الأسرة المختلفة وطريقة استخدام كل منها وكذلك ضعف تردد السيدات على الوحدات الصحية للحصول على خدمات رعاية الحمل أو ما بعد الولادة وبالتالي عدم معرفتهن بوجود الخدمة ، ومن اجل سد الفجوة في تقديم خدمات تنظيم الأسرة بدأت وزارة الصحة العامة والسكان في تقديم خدمات تنظيم الأسرة عن طريق الفرق والعيادات المتنقلة، وذك في محاولة للوصول إلى المناطق النائية.. وقد أظهرت هذه التجربة فائدتها في بعض المناطق ، كما أن وزارة الصحة العامة والسكان تنفذ حاليا مشروع مجتمعي للترويج للصحة الإنجابية كما يشمل هذا المشروع توزيع وسائل تنظيم الأسرة بواسطة متطوعين مجتمعين حاصلين على تدريب مناسب مرتبطين من ناحية الدعم والإشراف والإمداد بالمراكز الصحية القريبة ،والمنتظر أن تتبنى هذه التجربة لتطبيقها بشكل تدريجي في بقية المحافظات، ويتضح مما سبق أن خفض معدلات الخصوبة عن طريق رفع معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة هو نتيجة مباشرة لضعف هذه الخدمات وانخفاض الطلب عليها، فان رفع معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة يتطلب مجهود مكثف على جانبي العرض والطلب بحيث تكون خدمات تنظيم الأسرة عالية الجودة متاحة لجميع فئات المجتمع بصرف النظر عن قدرتهم المادية أو موقعهم الجغرافي مع وجود أنشطة إعلامية توضح مزايا تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات لصحة الأم والأطفال والأسر بأكملها، وتعرف الناس بوسائل تنظيم الأسرة التي يمكن استخدامها والحصول عليها. كما نوضح رأي الدين في استخدام وسائل تنظيم الأسرة .[c1]الصحة الإنجابية للشباب [/c]لوحظ مؤخرا بأنه أصبح هناك اهتماما عاليا بقضايا الشباب وتركيزا غير عادي على موضوع الصحة الإنجابية للشباب ، ترى ما سبب هذا الاهتمام والتركيز على موضوع الصحة الإنجابية للشباب؟اعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى أن الشباب في الفئة العمرية من (10 – 24) سنة في اليمن يمثل ثلث إجمالي السكان وبالتالي فان احتياجات هذه الفئة العمرية من الموارد والتعليم والتوظيف. هذا بالإضافة إلى إن هذه الفئة لها العديد من الاحتياجات الصحية وخاصة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية ، وطبعا هذه الفئة معرضة للعديد من المشكلات الصحية أهمها ( الزواج المبكر ، الحمل المبكر ، ختان الإناث ، والإمراض المنقولة جنسيا بما فيها الايدز ، والزواج في المجتمع اليمني يعتبر أمر مهم وخاصة للفتيات , حيث تشير الدراسات أن خمس عدد الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن العشرين ، وترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ في الريف كما إن الزواج المبكر للفتيات غالبا ما يحرمهن من فرص التعليم والتوظيف.إضافة إلى إن الزواج المبكر يعرض الفتيات للحمل المبكر وما يصاحبه من مشكلات صحية ، فنظرا لأهمية الإنجاب واثبات الخصوبة في المجتمعات العربية فان الأغلبية العظمى من الفتيات المتزوجات يحملن في السنة الأولى من زواجهن ، وتشير الدراسات إلى أن 20% من السيدات المتزوجات في الفئة العمرية ( 20 - 24 ) ولدن أول طفل قبل سن 18 سنة ، وان اقل من نصف هذه الحالات ولدن بمساعدة أيدي مدربة ، كما إن استخدام وسائل تنظيم الأسرة لدى حديثي الزواج يعد أمرا غير مقبولا ، كما أن نسبة المستخدمات في الفئة العمرية ( 15 - 19 ) سنة ضئيلة للغاية حيث تبلغ 5% فقط، وحيث أن كثيرا من الأسر تخشى تأثير وسائل منع الحمل على خصوبة الزوجة وبالتالي قدرتها على الإنجاب فيما بعد.إما ختان الإناث فهي ما زالت تمارس في اليمن وإن لم يكن بنفس درجة الانتشار كما في بعض البلدان العربية مثل مصر والسودان ، وعملية ختان الفتيات تعرضهن للكثير من المشاكل الصحية والنفسية على الأمد القصير والبعيد .وبالرغم من كبر حجم فئة الشباب وأهمية المشكلات الصحية التي يتعرض لها ، وما لتلك المشكلات من تداعيات صحية واجتماعية إلا أن الخدمات الصحية المقدمة لهذه الفئة شبه معدومة ، وقد ترتب على ذلك نقص شديد في المعلومات لدى فئة الشباب فيما يخص الصحة الإنجابية والمعرفة بوسائل منع الحمل المختلفة ، وسبل الوقاية من الايدز والأمراض المنقولة جنسيا , كما أن هناك بعض السياسات والتشريعات التي تضر إلى حد كبير بصحة الشباب وخاصة الفتيات.فتحديد عمر 15 سنة كحد أدنى لسن الزواج يعرض الفتيات للكثير من المخاطر الصحية، وخاصة أن الحمل الأول غالبا ما يتم بعد الزواج مباشرة، علما بان هناك مسودة قانون للأمومة الآمنة ينتظر المصادقة عليه من مجلس النواب بحيث يحدد السن الأدنى للحمل بسن (18) سنة وهذا البند إذا ما اقر فانه سوف يساعد على حماية صحة الفتيات ويقلل احتمال تعرضهن لمخاطر الحمل والولادة المبكرة.